أبي رب منزل وأمي CEO!* سارة المكيمي
النشرة الدولية –
هناك تغيير شامل وزعزعة ملحوظة في الرواسخ الجندرية في الخطاب الدعائي الأميركي، فالرجال باتوا يتلقون زخما هائلا من الرسائل المباشرة، الواضحة الموجهة لتطبيع وتمرير دور الأب في كل ما يخص الأعمال المنزلية وتربية الأطفال.
في العقود الماضية كانت المرأة أو الأم وحدها هي من يظهر في دعايات مساحيق الغسيل و«حفاضات» الأطفال وصابون التنظيف والتسوق لحاجيات المنزل ناهيك عن الطبخ والتحضير! الآن وبقوة كاسحة أصبح الرجل بطل هذه الدعايات بما لا يدعو لشك أو تلميح أن الأدوار لم تعد فارقة محددة أو منفصلة عن بعضها.
ففي موسم السوبر بوول وهو قمة الهرم الدعائي التجاري، ووقت الرجال المفضل في الولايات الأميركية قاطبة يظهر المغنيان جون ليجند وآدم لافين في دعاية لحفاظات الأطفال بامبرز بموقف أبوي فردي يغيران حفاظة أطفالهما وفي الخلف مجموعة من المغنين الرجال يحملون أطفالا رضعا أيضا!
كما يظهر لاعب كرة القدم العملاق روب غرونكوسكي في دعاية أخرى يغسل ملابسه بسلاسة وهو يستخدم منتج تايد الجديدTide Pods، بالإضافة طبعا إلى عشرات دعايات النظافة والأطفال والبيت التي أراحت المرأة من الصورة النمطية القديمة وجعلت الرجل سيد المنزل.
المبدأ الحديث للحياة الزوجية هو المساواة المطلقة، ومن ثم تعيين الأفضل والأجدى لكل دور وفقا لرغبات وإمكانات ومهارات كل زوج، وواقعه الوظيفي أو المادي، هذا المبدأ يعتمد على الزوج القادر المستطيع رجلا كان أو امرأة لأن الحياة الواقعية آلت إلى حقيقة تكافئ الطرفين في ميادين العمل، وبالتالي تكافئ الطرفين في أمور الأسرة أيضا! الأم تعمل وربما في الكثير من الحالات تتفوق في المناصب والمدخول على الرجل، فمن غير الطبيعي ولا والواقعي أن تستمر المرأة في الأعمال المنزلية وتربية الأطفال في حين يستمر الرجل في العمل بوظيفة ذات مدخول لا يساند احتياجات الأسرة بقدر راتب المرأة! كون الأم دائما هي الأفضل في تربية الأطفال والسعي وراء حوائجهم اليومية فكرة ناقصة عارية عن الصحة. هذه الوظيفة أُطرت قسرا حول الأم لأنها الزوجة التي فُرضت عليها تلك الوظيفة، وأيضا فكرة أن يكون الرجل هو الزوج الأفضل للعمل والسعي المادي وبالتالي الصرف على الأسرة مفهوم قاصر يُلغي فردية واختلاف كل إنسان ويعمم الأدوار على أساس جندري بحت.
ظهرت في العشرين سنة الماضية موجة من سيدات الأعمال الفائقات في الدول الغربية ممن بتن يجلبن الثراء الفاحش لأزواجهن وأسرهن، مما جعل دور الأب والذي ربما يكون موظفا عاديا بوظيفة تقليدية منكبا على البيت ورعاية الأطفال لتغلق الدائرة بشكل متكامل ولكن مع انعكاس القطبين. ماذا عن الأب المتفوق في الجانب العاطفي الغريزي للأبوة أكثر من الأم في أمومتها؟ ماذا عن الأب العارف بمكامن التواصل والحوار والتربية أكثر من الأم؟ ماذا عن الأب البيتوتي اللا اجتماعي الذي يجد راحته في المنزل بل ويبدع في كل أموره وحوائجه؟
هل من المعقول والمنطقي أن يُرغم هو على العمل والسعي والإيراد لأن المجتمع والعرف وضعه في ذلك المربع فقط لأنه رجل؟ وترغم المرأة الذكية العاملة التي تجد ذاتها في العمل والإنجاز المهني أن تبقى في إطار البيت والأولاد فقط لأنها امرأة؟ هل من المعقول أن يكون الموضوع أسود وأبيض لهذه الدرجة الإقصائية المخيفة فقط لأن الأعراف جرت على ذلك ولا تريد أن تتغير؟
في الواقع كل ما يُطرح اليوم في هذه الرسائل والدعايات والأفلام ما هو إلا إيماءة القبول الاجتماعي لمبدأ تبادل الأدوار بين الرجل والمرأة بما ينصب في مصلحة الزوجين والأسرة ووفقا لموافقة مشتركة سعيا لسعادة أسرية وعلاقات لا تخضع لإطارات اجتماعية بالية.
نقلاً عن “الجريدة” الكويتية