ساركوزي يواجه تهمة “تشكيل عصابة إجرامية”… واحتمال التمويل من القذافي
النشرة الدولية –
وُجهت تهمة “تشكيل عصابة إجرامية” إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، في إطار التحقيق في احتمال أن يكون حصل على تمويل ليبي لحملته الانتخابية العام 2007، على ما قالت النيابة المالية الوطنية لوكالة فرانس برس.
ويأتي توجيه التهمة بعد جلسات استجواب دامت 5 أيام، حيث تضاف هذه الملاحقة الجديدة إلى 3 تهم أخرى، وجهت إلى ساركوزي في إطار الملف نفسه في مارس 2018.
وعلق ساركوزي على القرار عبر فيسبوك، مؤكدا أن براءته “امتهنت”.
وأوضح: “صعقت بهذه التهمة الجديدة. امتهنت براءتي مجددا بقرار لا يقدم أي دليل على تمويل غير مشروع”.
وكان الرئيس الفرنسي الأسبق، اعتبر أنه ضحية “مؤامرة” عندما وجهت إليه تهم “الفساد” و”اختلاس أموال عامة” و”تمويل غير قانوني لحملة انتخابية” في العام 2018.
وقال فنسان برينغارث محامي جمعة “شيربا” لمكافحة الفساد وهي مدع بالحق المدني في إطار هذا الملف، “الجميع يرى أنه قرار غير مسبوق يتماشى مع التحقيقات المنجزة. والإجراءات القانونية متواصلة”.
وفي 31 يناير الماضي، وجه القضاء تهمة “تشكيل عصابة إجرامية” إلى تييري غوبير أحد معاوني ساركوزي السابقين الذي يشتبه في أنه تقاضى أموالا من النظام الليبي في عهد معمر القذافي قد تكون استخدمت لتمويل الحملة الانتخابية لمرشح اليمين في العام 2007.
تعود القضية إلى عام 2012، عندما كشفت صحيفة محلية عن وثيقتين تشيران إلى دفعة مالية تقدر بـ 50 مليون يورو (ما يعادل 58,61 مليون دولار)، جاءت من صندوق الاستثمار المالي للنظام الليبي السابق، لتمويل الحملة الانتخابية للرئيس الأسبق ساركوزي عام 2007.
كانت محكمة الاستئناف في باريس، رفضت الخميس، الاستئناف المقدم من ساركوزي ومقربون منه، والتي تطعن في الاتهامات الموجهة للرئيس الفرنسي الأسبق.
ودهم ساركوزي الذي حكم فرنسا بين عامي 2007 و2012، حلف الناتو لشن ضربات عسكرية على ليبيا عام 2011 بحجة دعم الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، والتي أدت لاحقا لمقتل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي.
بدأت علاقة ساركوزي بالقذافي منذ عام 2005 حينما كان الأول وزيرا للداخلية في فرنسا، قبل أن تتوطد علاقتهما تدريجيا بعد وصول ساركوزي لمقاليد الحكم في الدولة الأوروبية.
نجح الرئيس الفرنسي الأسبق عبر زوجته، في الإفراج عن ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني، كانوا محتجزين في ليبيا لمدة 8 سنوات، كما قام الزعيم الليبي الراحل بزيارة وصفها بـ “التاريخية” لفرنسا هي الأولى منذ عقود في أثناء حكم الرئيس ساركوزي.
وطلب القذافي من فرنسا نصب خيمة قرب الفندق الذي سيقيم فيه في باريس خلال زيارته وذلك لـ “استقبال ضيوفه”، وفق وكالة فرانس برس.
يشعر العسكريون الفرنسيون ببعض المرارة بعد إفراج السلطات المالية مؤخرا عن مئتي سجين مقابل ٤ رهائن على إثر مفاوضات مع جماعة متطرفة تحاربها منذ سنوات فرنسا ودفعت في بعض الأحيان ثمنها دما.
وقال ضابط فرنسي طالبا عدم كشف هويته :”عندما نمضي ليالي في بناء سدود ثم تضرب فهذا لا يجعلنا نشعر بالسرور”، وهو يلخص بذلك حالة الإحباط التي يعيشها بعض أفراد الجيش الفرنسي بينما ينتشر 1500 من عسكري في شريط الساحل الإفريقي لقطع الطريق على الجهاديين.
وفي آخر ما اعتبر إهانة، ظهر زعيم الطوارق المالي إياد أغ غالي الذي يقود جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التحالف الجهادي المرتبط بتنظيم القاعدة، في صور وضعت على شبكات التواصل الاجتماعي، مع عدد من السجناء المحررين في مأدبة فاخرة أقيمت على شرفهم.
ولم يثبت الانتماء الجهادي لهؤلاء السجناء السابقين المئتين الذين أفرج عنهم مقابل أربعة رهائن بينهم الفرنسية صوفي بترونان التي تعمل في القطاع الإنساني.وكثيرون منهم مشتبه بهم فقط تم اعتقالهم خلال عمليات دهم واسعة.
لكن بعضهم، حسب عسكري فرنسي، كانوا “قادة كتائب” اعتقلهم جنود من قوة برخان المناهضة للجهاديين وتم تسليمهم إلى السلطات المالية.
وكشف تحقيق أجرته صحيفة “ليبيراسيون” اليومية أن ما لا يقل عن 29 من السجناء المفرج عنهم أسرهم جنود فرنسيون. ونأت فرنسا التي تتبنى سياسة رسمية تقضي ب”عدم التفاوض مع إرهابيين”، بنفسها عن المفاوضات.
وأكدت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي الثلاثاء أن “هذه المفاوضات أجرتها مالي وقرار الإفراج عن الجهاديين على وجه الخصوص يعود إلى السلطات المالية وحدها”.
ومن أجل الحفاظ على الروح المعنوية للقوات وعدم تقويض شرعية عملية برخان التي تسعى باريس إلى إشراك مزيد من التعزيزات الأوروبية فيها، حرصت بارلي وهيئة الأركان على تأكيد عزم باريس مواصلة العملية.
أكد رئيس أركان الجيوش الفرنسية الجنرال فرانسوا لوكوانتر الأربعاء أنه “يجب أن يكون واضحا جدا لجميع العائلات التي فقدت أحباءها في القتال الذي نخوضه في مالي منذ سنوات، أننا لا نحيد عن الخط وأن معركتنا تظل كما هي وأن كل شيء شرعي كما كان”.
لكن هذه التأكيدات لا تخفف الشكوك في أسس هذه المهمة، التي تواجه صعوبة في احتواء التهديد الجهادي في منطقة الساحل على الرغم من النجاحات على الأرض.
وتبدو فكرة التفاوض مع الجهاديين مغرية للاعبين الآخرين. فقد دعا مفوض الاتحاد الأفريقي للسلم والأمن إسماعيل شرقي في مقال نشرته صحيفة “لوتان” السويسرية، إلى “استكشاف الحوار مع المتطرفين” في منطقة الساحل و”تشجيعهم على إلقاء السلاح” .
وأشار المسؤول الإفريقي إلى الاتفاق الذي أبرم بين الأميركيين وحركة طالبان الأفغانية في فبراير، معتبرا أنه “يمكن أن يلهم دولنا الأعضاء لاستكشاف الحوار مع المتطرفين وتشجيعهم على إلقاء السلاح”.
في فرنسا، بدأ التعبير عن شكوك. وصرح رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي كريستيان كامبون الثلاثاء “فقدنا خمسين جنديا منذ بدء هذه العمليات وأصيب قرابة 500 جندي”.
وأضاف متسائلا أن هناك عددا من المعتقلين الذين أفرج عنهم في مالي “أيديهم ملطخة بالدماء. هل ما زلنا نعتبر أن المجلس العسكري الحاكم في مالي شريك موثوق به في الحرب ضد الإرهاب التي يقودها جنودنا؟ بشجاعة واستنكار؟ “.
وعبر عن “قلقه العميق بشأن وضع برخان في هذه الظروف”.
رسميا لم تصل هذه التساؤلات حتى الآن إلى رأس هرم الدولة، لكن الرئيس إيمانويل ماكرون أعلن في يوليو أنه يعتزم إجراء تقييم جديد “نهاية العام” بشأن الالتزام الفرنسي في منطقة الساحل.