“كتبت فلك فأبدعت”، روبن هود اصله العربي هو عروة بن الورد
النشرة الدولية –
نقلاً عن “مجلة الشراع” –
في مقاربة ثقافية وإنسانية لأمير الصعاليك العربي ”عروة بن الورد” الذي اقلق القبائل العربية في شبه الجزيرة قبل الاسلام، اذ كان يغير على اغنيائهم ويسبي من الأنعام ما قدر عليه ويذبحها ويوزعها على الفقراء الذين يتوسدون الارض فراشاً ويلتحفون السماء غطاءً .
فقراء الجزيرة العربية، وعطاش المدى الرحيب من الكثبان الرملية، واسرى القيظ اللاهب والوجوه التي انضجت الشمس لونها على وجوههم حتى صاروا كقطع الليل، كانوا ينتظرون على احر من الجمر عودة “عروة” ليقسم بينهم المغانم ليأكلوا… وكم كان يبيت هو على جوع تصالح معه فصار توأمه ، وقد دانت له بالمعروف كل البطون الخاوية وسودوه عليهم دون طلبه، واصبح رمزا واستحوذ على لقب ربما هو الاول من نوعه في العالم فكان ” ابو الفقراء”.
واكثر ما كان يدمي قلب ”امير الصعاليك” وفود الليل التي لم تحط بما يسد رمقها فيطلب منهم الإنتظارلغزوة في قلب الظلام يعود بعدها بما تيسر ، وقبل ان ينبلج الصبح، يكون الذين تسوروا خيمته على نصيب من اديم ومطعم و” عروة” يضمد جراح طعنة.
كانت سلمى زوجه التي سباها في احدى غزواته تعشقه لطيب معشره وحسن اخلاقه، غير ان هماً كان يلبسها وهو انها كانت من السرائر، وليست من الحرائر، حتى استجاب ” عروة” لطلبها وعاد بها في يوم الى قومها ليخطبها، فطلب وليها ان يطلقها أولاً ففعل ثم نكث بالإتفاق،
فلم يقبل خطبته فرجع ” عروة” على حصان الالم واشترى الموت في مبارزة مع من هو دونه فروسية فخاض معركة.
لم يستعمل فيها تفوقه واعطى خصمه الفرصة تلو الاخرى ليقتله، فتم له ما اراد ، فاصبح فقراء مملكته يعرفون ب” ايتام عروة”.
في الشرع والقانون ” عروة” مذنب..
في الحراك الإنساني والإجتماعي فهو يأخذ من الغني البخيل ليقوم بأود الفقراء والضعفاء…
وهنا يسأل سائل: لو ادرك عروة الإسلام وقام بما قام به، فهل يقام عليه حد السرقة؟ اترك هذا الامر للعلماء والفقهاء، مع التذكير بأن مجاعة ضربت في خلافة امير المؤمنين عمر بن الخطاب ولم يقم حد قطع اليد لسارق فعل ليأكل بل وجه رسالة رائدة لسيد الخادم، انه لو سرق مرة ثانية لقطع ” عمر” يد السيد لا الخادم، لأنه لم يكفه مؤونة الحياة .
عاش ” عروة ” قبيل قرن ونصف من السنين ودفن دون ورقة نعي، ودون ان تشرع السرادق لتقبل العزاء، ولم تنصفه وسائل الإعلام والروايات والمسلسلات، وبعد عدة مئات من السنين تواردت اخبار ” عروة” الى الغرب عبر التجار والاسفار، فإبتدعوا قصة روبن هود المطابقة بالتمام والكمال لتاريخ الصعاليك واميرهم.
روبن هود يسرق من الأغنياء لمصلحة الفقراءم والمعوزين، غير ان الغرب جعل من فارسهم بطلاً وشهماً وربما الى حد القداسة، واثرت السينما الغربية قصته بعدد وفير من الافلام ، وقد راقت فكرة الحرامي الشريف للكاتب الفرنسي ” موريس لابلان” فألف وابتكر شخصية ارسين لوبين او اللص الظريف الذي حظي بإحترام ومحبة المجتمع الفرنسي.
” عروة بن الورد” اقتص ممن كنزوا الذهب والفضة فسلبهم بعضها للشعب المسكين الذي كان “خطاً احمرا”
” روبن هود” تلاعب بالمرابين واصحاب الاطيان لصالح ” الناس المعترين ” الذين هم الخط الاحمر..
كذلك فعل ” ارسين لوبين ” الذي تلاعب بأعصاب ” اهل السلطة والمال” لخطه الأحمر من البسطاء.
كانت افعال الثلاثة غير حميدة، على الرغم من انها تحمل ملامح انسانية واجتماعية ولمصلحة الشعب البائس.
في مجتمعنا المترامي وفي كل انحاء العالم كم من ” سارقين”! والفرق بينهم وبين ابطالنا الثلاثة انهم يسرقون لهم ولحيتانهم وليس للشعب بل انهم يسرقون الشعب نفسه.. وإذا كان هذا الزمان يعمل بحد السرقة، اي قطع اليد، فيد من التي يجب ان تقطع؟
ايدي الذين يسرقون ولا يشبعون ويغتالون امن وصحة واعصاب المواطن البسيط والبائس والمحروم؟
ام ايادي ” عروة” و” روبن هود” و” ارسين لوبين” ؟
ولمن يجب ان تنصب المشانق، وتسن المقاصل؟
من كتاب
” اكتبي يا فلك”
للاديبة فلك مصطفى الرافعي