لبنان: سعد الحريري كلف اليوم.. والتأليف امام عقدة برتقالية كأداء!

النشرة الدولية –

“لبنان 24” – هتاف دهام –

أفضَت الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الخميس، في قصر بعبدا الى تكليف رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، بأصوات 65 نائباً من أصل 120، وذلك للمرّة الرابعة منذ دخوله الحياة السياسية غداة اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005، وهو أقل عدد أصوات ينالها حيث فاقت في استشارات سابقة الـ100 صوت.

لقد حاز الحريري، اليوم، على أصوات رئيسي الوزراء السّابقين نجيب ميقاتي وتمام سلام، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، “كتلة المستقبل النيابية”، “كتلة التكتل الوطني” (من فريق تيار المردة برئاسة سليمان فرنجية)، “كتلة اللقاء الديمقراطي” (تمثل الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط نيابياً)، “كتلة الوسط المستقل” (يرأسها ميقاتي)، “الكتلة القومية الاجتماعية” (تمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي)، التي سمّت الحريري الذي اتصل برئيسها أسعد حردان، قبل الاستشارات للتداول بالملف الحكومي، في خطوةٍ لافتة، وضعت في إطار محاولة الحريري جمع الأصوات النيابية قدر الإمكان التي شملت اتصالاته مختلف الأفرقاء من الخصوم والحلفاء، باستثناء رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. علماً أنّ “الكتلة الاجتماعية”، لم تكن تجمع على تسمية الحريري وحصل تباين كبير في الآراء بهذا الشأن.

وسمّت “كتلة نوّاب الأرمن”، التي تنضوي ضمن “تكتل لبنان القوي”، برئاسة شهر الرئيس، النائب جبران باسيل، الحريري، في موقف يتعارض مع الخيار الذي سلكه التكتل بعدم تسمية أي شخصية لرئاسة الحكومة، مؤكدة، أنّ لا خلاف مع التكتل، بل اختلاف في الرأي.

وسمّت “كتلة التنمية والتحرير” برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحريري، لرئاسة الحكومة، في موقف معلن سابقاً، إذ يكرر بري في أكثر من مناسبة أنّ الحريري هو “رجل المرحلة”، علماً أنّ “الثنائي الشيعي” لا يزال يصرّ على موقفه بقبول مبدأ المداورة باستثناء وزارة المال التي يريد أن يسمي وزيرها، مع وزراء الطائفة الشيعية، ويبدو الحريري ميّالاً إلى قبول هذا الطلب، خصوصاً أنّه يعلم أنّ هذه الشروط هي التي دفعت السفير اللبناني لدى ألمانيا مصطفى أديب إلى الاعتذار، والتي دفعته قبلها الى طرح مبادرة تستثني وزارة المال من المداورة، وتكون من الحصة الشيعية على أن يسمّي الوزير الرئيس المكلّف.

على صعيد النوّاب المستقلّين، سمّى كلّ من إدي دمرجيان، ميشال ضاهر، نهاد المشنوق، جهاد الصمد، جان طالوزيان (استقال من تكتل الجمهورية القوية الذي يمثل حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع)، الحريري، فيما لم يسمِّ النواب أسامة سعد، فؤاد مخزومي، شامل روكز، جميل السيد، أي شخصية.

اليوم توجه الحريري إلى قصر بعبدا بعد تكليفه تشكيل الحكومة حيث يلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على أن تبدأ معركة التأليف التي من المتوقّع أن تكون صعبة وقاسية، وطويلة.

ويتسلَّح عون، في معركة تأليف الحكومة بحقه الدستوري الحصري بقبول التشكيلة الوزارية وتوقيع المراسيم، أو رفضها بالمطلق أو طلب تعديل بعض الأسماء فيها، في ظلّ أجواء توحي بأنّ الحريري قدَّمَ ضمانات لبعض الأحزاب بتسمية الوزراء على أن يكونوا من المستقلّين وغير المستفزّين ومن أصحاب الاختصاص والكفاءة، وعلى رأسهم “حركة أمل” (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، و”حزب الله”، لناحية وزراء الطائفة الشيعية، ما سينسحب على باقي الكتل النيابية التي ستطالب بحصصها الوزارية، علماً أنّ أوساط الحريري تنفي هذا السيناريو، وتؤكد أنه ينوي تشكيل حكومة من المستقلّين، ولن يرضخ لأحد.

اليوم أصبح الرئيس سعد الحريري رئيسا مكلفاً، حيث ستنتقل البلد الى مرحلة البحث في التأليف التي من شبه المؤكد أنها ستكون أكثر صعوبة وتعقيداً من التكليف.

إذا في مرحلة التأليف، هناك عقدتان بارزتان:

العقدة الشيعية التي ترتبط بوزارة المال وتسمية الوزراء الشيعة والموقف من برنامج صندوق النقد الدولي، وهي أمور وإن شهدت نقاشا ما في كواليس مشاورات التكليف، بيد أنه لم يحسم اي منها، علما أنه من الأرجح أن يجد الطرفان مخارج مرضية لكلا الطرفين، بعيداً عن الإحراجات ومن دون تجاوز القواعد العامة التي يتمسك بها الرئيس الحريري.

العقدة الثانية تتصل بـ”التيار الوطني الحر” وهي عقدة كأداء، أكد المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المنحى التشاؤمي الذي يحكمها، وليس من الصعب على المراقبين التنبه إلى خطاب الرئيس عون فهو رسم خارطة طريق للعلاقة مع الرئيس المكلف دستوريا وسياسيا، لا سيما بعدما خرجت لعبة التكليف من تأثيره ، الامر الذي قد يمهد لاشتباك سياسي حاد في مرحلة التأليف، وفق قاعدة خلط الاوراق. فرئيس الجمهورية الذي رفض الاجابة عن بعض اسئلة الصحافيين امس، ذهب بعيداً عندما حاول “قلب الموازين” وتنصيب العهد في خانة المعارضة، عطفا على تقصده وضع النواب أمام مسؤولياتهم في عملية التكليف والتأليف، ليبقى الاهم ان خطاب الرئيس عون امس اعترف ضمنياً بالازمة العميقة التي تواجه موقع الرئاسة والتيار البرتقالي، تقول مصادر سياسية بارزة لـ”لبنان24″.

وعليه فإن المشهد المتعلق بالعقدة الباسيلية لن يكون سهلاً. فالحريري سيكون مجبرا على التفاهم مع رئيس الجمهورية بوصفه رئيسا للبلاد لكنه ليس في وارد التفاهم مع النائب جبران باسيل. لذلك من المرجح ان يصطدم التأليف بعقدة تسمية المقاعد المسيحية، علما أن الحريري خطّ لنفسه موقعا يختلف فيه عن موقعه في التجارب السابقة وهو ينوي ان يمارس دوره كاملاً في رمي التشكيلة على طاولة رئيس الجمهورية الذي سيكون محرجاً في الموافقة عليها، وبالتالي توقيع مرسوم التأليف او في رفضها، وفي حالة رفضها سيعمل على تحميله المسؤولية أمام القوى الدولية التي تنتظر تشكيل الحكومة، مع الاشارة الى ان مصادر متابعة لفتت لـ”لبنان24″ الى ان اتصال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بالرئيس عون اول من امس حمل رسالة مفادها ضرورة العمل على تسهيل التكليف والتأليف لحكومة تلتزم ‏تطبيق الاصلاحات.

وسط ما تقدم، الأكيد والثابت أن البلد سيواجه مشكلة عويصة تتصل باتصالات التأليف و ليس من المرجح ايجاد الحلول السريعة لها، الامر الذي سيبعد التأليف الى مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، لا سيما وان نتائجها في حال كانت لصالح الديمقراطيين فإنها سوف تريح الرئيس الحريري و”حزب الله” في آن معاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى