لعبة “عرض وطلب”… لهذه الأسباب هبط الدولار!
بقلم: باتريسيا جلاد
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
بعد أن تخطى سعر صرف الدولار عتبة الأربعين ألف ليرة خلال الأسبوع الماضي، وبعد أن أعدّت المصارف عدّة صرّافاتها الآلية لإنجاز عمليات “صيرفة” فيما أبوابها لا تزال مقفلة، فاجأ مصرف لبنان أمس الأحد اللبنانيين بإصدار بيان من بضعة أسطر أعلن فيه أنه سيقوم حصراً من خلال منصة “صيرفة”، ببيع الدولار الأميركي بدءاً من يوم الثلثاء “ولن يكون شارياً للدولار عبر SAYRAFA من حينه وإلى إشعار آخر، وذلك بناءً على المادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف”.
وأضاف البيان أنه “سيستمرّ كما نص عليه التعميم 161 بدفع معاشات القطاع العام بالدولار الاميركي ومن ناحية اخرى تستمر سحوبات الـ 400 دولار لاصحاب الحسابات المصرفية، كما يستمر العمل بالتعميمين 151 و 158 وأيضا ً يتم الدفع بالدولار الأميركي”.
فوراً، وبعد دقائق معدودة من إصدار بيان “المركزي”، تهاوى سعر صرف الدولار من 40500 ليرة الى 35500 ليرة لبنانية قبل أن يرتفع مجدّداً الى 37200 ليرة لبنانية. وبذلك يكون هبط بوقت قصير بقيمة 3300 ليرة لبنانية خلال دقائق معدودة. ويذكّرنا هذا الإجراء بآخر اتخذه مصرف لبنان في ايار الماضي، حين أعلن بدء عمل “صيرفة” الـCash to cash والتي كانت مفتوحة ثم تقلصت الى 500 دولار قبل ان تنخفض الى 400 دولار (منذ اسبوعين)، حينها تراجع الدولار بقيمة 10 آلاف ليرة. فما هي الأسباب وراء هذا الإنخفاض السريع لسعر صرف الدولار؟
أمضى مصرف لبنان شارياً للدولار لأسابيع عدة من السوق بشكل يومي من مؤسسات الصرافة والتحويلات، من دون التدخّل بشكل مباشر في السوق من خلال ضخّ العملة الخضراء تاركاً الدولار على سجيّته. وتعود سياسة شراء الدولارات التي كانت متّبعة، كما علمت “نداء الوطن” من مصدر مطّلع، “لحاجته لتمويل مصاريف الدولة بالدولار لا سيما الرواتب والأجور والمساعدات الاجتماعية لموظفي القطاع العام بمن فيهم العسكريون والمتقاعدون، ودعم بعض الادوية والقمح وغيرها من مستحقات مترتبة للدولة وذلك من دون المس بالاحتياطي الالزامي، إلا ان كميات الدولارات التي حاز عليها زادت عن حاجته أخيراً لتلبية ما ورد في الموازنة من زيادة ضعفي الراتب، من هنا قرّر وقف شراء الدولارات وحصر عملياته ببيعها من خلال “صيرفة” حتى إشعار آخر”.
وهذا التدبير بحسب المصدر “سيزيد من عرض الدولار، ومنطقياً سيؤدي الى خفضه ولكن لا احد يمكن أن يتنبأ كيفية تحرّك السوق وحجم الانخفاض الذي سيسجّل. ولا يمكن التأكيد أنه سيصل الى 30 ألف ليرة كما يتمّ الترويج له”. ولكن ردّة فعل الناس الطبيعية على هذا التراجع ستبرز اليوم من خلال الإقبال على صرف ما بحوزتها من دولارات، بغية الإستفادة من سعره المرتفع قبل ان يسجّل مزيداً من التراجع، ما سيزيد من قيمة انخفاضه في تداولات اليوم.
ولكن في ظل مسار الدولار الصعودي وتلاعب المضاربين بالسوق، مهما زاد عرض الدولار، فسعر الصرف لن يحافظ على تراجعه لفترة طويلة، ويقول المصدر إن “الانخفاض الحقيقي للدولار لن يتم قبل البدء باصلاحات جذرية ووضع خطة واضحة وعادلة لاعادة اموال المودعين، وبدء الاصلاح بالتوافق مع صندوق النقد الدولي. من دون اغفال اهمية انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتواجد الأمل باستعادة الثقة، وهي الاساس في إحراز انخفاض مستدام في سعر صرف الدولار”.
وفور انخفاض سعر صرف الدولار، ترقبت أوساط اقتصادية أن ينعكس ذلك تراجعاً في سعر صفيحة البنزين المتوقّع ان يصدر اليوم بقيمة نحو 50 ألف ليرة، أما أسعار السلع الغذائية في السوبرماركات والتي يحدّدها المورّد وفق سعر مرتفع للدولار كأن يكون 42 ألف ليرة أو 45 ألف ليرة لضمان ارباحه اذا ما ارتفع سعر الصرف، فلن تنخفض أسعارها بين ليلة وضحاها ولا حتى خلال أسبوع نظراً الى انعدام الثقة باستمرار سعر الصرف على سعره، ومن هنا تشدد الأوساط على ضرورة الإعلان عن تسعير السلع الغذائية بالسوبرماركات بالدولار الأميركي.