مدنيون مقابل أسرى حرب.. كيف يتم تشجيع المليشيات المتمردة على الاختطاف؟
تقرير / محمد المياس |
مئات الأسرى والمختطفين المدنيين غادروا سجون الجماعة الحوثية في أكبر عملية تبادل للأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين، غالبيتهم نزلوا من سلم الطائرة في مطار سيئون بمساعدة عكازات وكراسي متحركة، في مشهد يعكس حجم التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له.
وشمل الاتفاق 681 أسيرا من الأسرى الحوثيين، مقابل 400 أسير ومختطف من الطرف الآخر، بينهم 15 سعوديا و4 سودانيين.
ورغم التفاوت في الأعداد والتمييز والانتقاء للأشخاص وإطلاق مقاتلين حوثيين مقابل مدنيين تم اختطافهم من منازلهم إلا أن الحالات الصحية والجسدية والنفسية السيئة التي يعاني منها المفرج عنهم من سجون الجماعة، خلاف الأسرى الحوثيين الذين خرجوا يهتفون بالصرخة ويرقصون كما لو أنهم كانوا يقضون عطلة صيفية.
مدنيون مقابل أسرى حرب
من بين المفرج عنهم في عملية التبادل صحفيون ومدنيون اختطفهم الحوثيون من منازلهم ومقرات عملهم، الأمر الذي اعتبره البعض تشجيعا للجماعات المتمردة لممارسة الاختطاف والإخفاء القسري بحق المدنيين.
قال محمد قيزان وكيل وزارة الإعلام في الحكومة المعترف بها دولياً، في تصريح له، ” إن معظم المفرج عنهم هم “معتقلون مدنيون تم اختطافهم من منازلهم وأماكن أعمالهم مقابل أسرى حوثيين مقاتلين أسروا في جبهات القِتال”.
بينما الناشطة الحقوقية هدى الصراري قالت في تعليق لها على عملية التبادل، “إن 90% من الذين أفرج عنهم من سجون الحوثيين خلال المرحلة الأولى من هذا الاتفاق هم من المدنيين، تم اختطافهم واعتقالهم من منازلهم ومقرات أعمالهم”.
ووصفت الصراري تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين، بين طرفي النزاع خطوة مهمة في مسار السلام الذي تبنى عليه خطوات بين الطرفين.
وكانت المنظمة اليمنية للأسرى والمختطفين قد أشارت في بيان سابق لها “إن موافقة الشرعية على إطلاق مقاتلين حوثيين مقابل مدنيين تم اختطافهم من منازلهم ومن الطرقات العامة يعد تشجيعا للمليشيات الانقلابية بتوسيع جرائم الاختطاف والتعذيب والإخفاء القسري”.
تعذيب
كما لو أنهم قدموا من معركة حديثة، وصل العشرات من الأسرى والمختطفين التابعين للحكومة الشرعية على عكازات، في مشهد يوضح حجم التعذيب الذي تعرضوا له في سجون صنعاء.
وقال وكيل وزارة حقوق الإنسان، وعضو الوفد الحكومي بملف الأسرى، ماجد فضايل، إن غالبية المفرج عنهم تعرضوا للتعذيب الوحشي وسوء المعاملة في سجون مليشيا الحوثي الإنقلابية.
وأضاف فضايل أن جميع الأسرى والمختطفين في ظروف صحية حرجة، وهناك من يعاني من عاهات مستدامة ويعانون من حالات نفسية جراء ما تعرضوا له من تعذيب قاسٍ، مشيرًا إلى أن “جميع الأسرى والمختطفين بحاجة إلى عناية طبية مركزة وتأهيل نفسي للعودة إلى حالتهم الطبية، فيما هناك حالات حرجة متوقع عدم تماثلها للشفاء كونهم فقدوا ذاكرتهم”.
وكان عضو وفد الحكومة الشرعية في المشاورات الخاصة بالأسرى والمختطفين، ماجد فضائل، كشف عن مقتل 200 مختطف وأسير، في سجون الحوثيين مؤكدا ذلك بقوله: “قدمنا لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، في جولة مشاورات سويسرا كشفا تفصيليا لـ 158ضحية، تم التحقق من قتلهم تحت التعذيب من قبل الحوثيين حتى نهاية 2019، فيما تبقى الكثير”.
جريمة أخلاقية
إن الافراج عن الأسرى الحوثيين يفترض أن يكون مقابل مقاتلين أسروا في الجبهات، أما أن يكون مقابل مختطفين مدنيين فهي كارثة ستضاعف من عمليات الاختطاف التي تنفذها الميليشيات بحق سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتها بعد أن أثبتت التجربة أهمية الرهائن المدنية بالنسبة لها.
وكانت قد اعتبرت المنظمة اليمنية للأسرى والمختطفين في بيان سابق لها بأن ما تم تداوله من قبل وسائل الاعلام عن الاتفاق بشأن الأسرى والمختطفين بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي بأنه مخالف لنصوص قرارات مجلس الأمن الدولي والتي تنص في القرار 2216 على (أن يقوم الحوثيون فورا ودون قيد أو شرط بالإفراج بأمان عن جميع السياسيين وجميع الأشخاص الموضوعين رهن الإقامة الجبرية والمحتجزين تعسفيا).
وذكر بيان المنظمة بأن بنود الإتفاق التي تم تداولها من قبل وسائل الإعلام جريمة أخلاقية وذلك من خلال التفاوت في الأعداد وإطلاق سراح مدنيين مقابل أسرى حرب عسكريين.
وأكدت المنظمة في بيانها بأن فشل المبعوث الأممي في مهمته والتي تقتضي إلزام الحوثيين بتطبيق القرارات الأممية واحترام القانون الدولي الإنساني إلا أنه يسعى جاهدا إلى خدمة الجماعة الانقلابية.
ويحتجز الحوثيون في زنازينهم ما يزيد عن 15 ألف مواطن يمني، بينهم مدنيون لاعلاقة لهم بأطراف الصراع تم اختطافهم في الطرقات العامة، بحسب تصريحات حكومية.