إصدار طبعة عربية جديدة ل”أنطونيو الجميل”

النشرة الدولية –

صدرت عن منشورات المتوسط – إيطاليا، رواية “أنطونيو الجميل” للروائي والشاعر وكاتب السيناريو الإيطالي ڨيتالينو برانكاتي، الكاتبُ الذي عرف عنه أنه بدأ الكتابة في سنّ مبكِّرة وألّف ستّة كُتب قبل سن 25 عاماً، وهوَ المتأثر بمُثل الفاشية في بداياته، المتبرِّئ منها لاحقاً. وصفَه ألبيرتو مورافيا، قائلاً: “برانكاتي من أولئك الرجال القلائل الذين وُهبوا القدرة على خلق كيفيات إحساس جديدة وأصلية، وأصوات لن يقهرها صمت الزمن”.

ترجمت الرواية عن الإيطالية المترجمة المصرية القديرة وفاء عبدالرءوف البيه، الأستاذة الجامعية والأكاديمية المتخصّصة في الأدب الإيطالي الحديث، والتي ترجمت أعمالاً عديدة، من مثل: “المسيح توقف عند إيبولي” لكارلو ليف، و”الكتب الممنوعة” لماريو إنفليزي.

تدور أحداث رواية “أنطونيو الجميل” في مدينة كتانيا الصقلية، المدينة التي تبدو فاشية حتَّى النُّخاع، حيثُ لا صوت يعلو على صوت إثبات الرجل فحولته عمليّاً مع المرأة. يتحوّل أنطونيو الذي كان الشَّاب الجميل – والذي كان محطّاً لوَلَه النساء، وحسد الرجال، وطالما رُوِيَتْ عنه حكايات الغرام – فريسةً لنظرة المجتمع المنتقدة بلا هوادة، بعد أن يُكتشفَ عجزه الجنسي. وهكذا تصبح، أيضاً، عائلته، التي تستقبل تصريح والد الزوجة باربرا، بأن ابنته ظلَّت عذراء كما خرجت من منزله، وطلبه اعتبار الزواج كأنه لم يكن؛ ككارثة حقيقية. ليأتي إذعان الزوجة لرغبة أُسرتها، وزواجها بعد الطلاق بآخرٍ أكثر ثراء ونفوذاً، ليزيدَ من أزمة أنطونيو!

هذه واحدة من الروايات المؤسسة في الأدب الإيطالي والتي صدرت في أوج حركة “الواقعية الجديدة”، التي كُرِّسَت رواياتها لتجربة كُتَّابها الشَّخصيَّة ومُعاناتهم تحت حُكْم الفاشية، إلَّا أن رواية برانكاتي تسيطر فيها نزعة الزّهوّ الذكوري على أُفق الفاشية التَّاريخيِّ والإيديولوجي بشكل مباشر، حين تنتقل نظرة برانكاتي من الحياة العائلية إلى الحياة العامَّة، من منازل البرجوازيِّيْن إلى مراكز النفوذ السِّياسيِّ، ومن المشاعر والرغبات الشَّخصيَّة إلى التاريخ الإيطالي والأوروبي بين عامَي 1930 و1943.

حصلت هذه الرواية على جائزة باغوت 1950، ونُقلت إلى واحد من روائع السينما الإيطالية 1960 بإخراج ماورو بولونيني. ورواية “أنطونيو الجميل” هي واسطة العقد في ثلاثية ڨيتالينو برانكاتي الشهيرة، التي تتألَّف، أيضاً، من “دون جوفاني في صقلية” و”باولو الساخن”. (تصدران تباعاً عن منشورات المتوسط).

 

رواية برانكاتي تسيطر فيها نزعة الزّهوّ الذكوري على أُفق الفاشية التَّاريخيِّ والإيديولوجي بشكل مباشر، حين تنتقل نظرة برانكاتي من الحياة العائلية إلى الحياة العامَّة

 

وكانت ترجمة رواية “أنطونيو الجميل” قد صدرت عن دار شرقيات عام 2011 وتصدر الآن عن المتوسط، في طبعة جديدة بـ 304 صفحات من القطع الوسط وبتجليد فني فاخر، وذلك بعد مراجعتها وتنقيحها والتقديم لها، كما قام بتحريرها الناقد والكاتب السوري المعروف خضر الأغا.

من الكتاب:

أصبح الحديث لا يُطاق؛ لأنه تطلَّب جوّاً من الجدِّيَّة لا يوفره الثمل والإثارة.

وسعياً لإنهاء الحوار، رفع رقيب شابٌّ إحدى الفتيات، وألقاها على ساقَي لورينزو كالديرارا، الذي اشتهر في المدينة بأنه لم يذهب إلى الفراش مع امرأة من العوامِّ قطُّ.

أخذ الجميع في الصياح والتهليل، بينما كانت الفتاة تهمس بدعوات، الواحدة تلو أخرى، مُقرِّبة فمها من أُذن كالديرارا، الذي احمرّ وجهه كديك روميٍّ، وابتسم في اقتضاب.

– “هيَّا!” – صاح نائب السكرتير، الذي أسرَّ له ببضع كلمات شخصٌ نحيلٌ بنوع من الدّبلوماسيَّة الباهتة الطافحة بالخيال والخصوصية اللذين جعلاه يظلّ منحنياً، متحدِّثاً بصوت خافت، – “هيَّا، لورنزو، أَثبِتْ نفسَكَ! يجب أن يكون سكرتير كتانيا الاتِّحادي رجلاً! أنتَ تفهمني، هه؟ وأنتِ، رفيقة إيلينا، ستأتين إليَّ مباشرة بعد ذلك!”.

نهض الجميع، عدا أنطونيو، لينتزعوا كالديرارا من مقعده، ويدفعوه ليخرج من القاعة مع الفتاة.

عن الكاتب:

فيتاليانو برانكاتي (1907 – 1954): وُلد في باكينو، ودرس الآداب في كاتانيا. بدأ الكتابة في سنٍّ مبكِّرة. وفي سنِّ 25 عاماً، كان قد ألَّف ستَّة كُتُب، تأثَّرت، إلى حَدٍّ كبير، بالمُثُل الفاشية، ونَبَذَها المؤلِّف ذاته لاحقاً حين تبرَّأ من اتِّجاهه السابق. حقَّق برانكاتي نجاحه الأوَّل، وربَّما الكبير، في عام 1941، مع رواية «دون جوفاني في صقلية»، وهي صورة نابضة بالحياة لروح صقلية وعاداتها. في عام 1944 كتب رواية «الأعوام الضائعة»، ووجَّه فيها هجاء حادّاً لشخص موسوليني، وتلى ذلك رواية «أنطونيو الجميل» عام 1949، ثم آخر روايات ثلاثيته «باولو الساخن» التي صدرت عام 1955بعد وفاته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى