تحديات المواجهة الأردنية الوطنية والإقليمية* د. دانيلا عدنان محمد القرعان
النشرة الدولية –
منذ تأسيس الدولة الأردنية الحديثة ووصولًا للإستقلال الوطني واجه الاردن تحديات تمثلت بالعمل على تشكيل الهوية الوطنية الأردنية الجامعة وبناء مؤسسة الجيش حيث كان الأردنيين قبل تأسيس إمارة شرق الأردن عبارة عن تجمعات قبلية وعشائرية حال المجتمعات العربية كافة.
بدأت رحلة البناء الوطني في ظل شح الموارد فأستطاع الأردنيين بقيادتهم الهاشمية بناء مؤسساته الدستورية فأول برلمان أردني رأى النور عام 1929.
وفي عام 1948 وضع أول دستور اردني والذي يعتبرمن أرقى الدساتير وشهد الاردن حراك نهضوي في مختلف الميادين وأستطاع الملك المؤسس عبدالله الأول مع رجالات العشائر القوية ومؤسسة الجيش العربي تجاوز تحديات بناء الدولة الاردنية في البدايات.
الأردن وبسبب موقعه الجيوسياسي من أكثر الدول التي واجهة تحديات مختلفة حتى يومنا هذا، لكنه بإرادة شعبه القوية وحكمة قيادته الهاشمية كان يتجاوزها، وهو أكثر قوة ومنعة وأكثر اصرارًا على مواصلة عملية البناء،وتجلت إنجازات الأردن في عهد الملك الراحل الحسين بن طلال والذي استطاع ان يجعل من الاردن دولة كبيرة عصرية غنية بمواردها البشرية والعلمية رغم شح مواردها الطبيعية، فشعار «الإنسان أغلى ما نملك» الذي كان جلالة المغفور له الملك الحسين يعمل بإصرار على ترجمته الى واقع ملموس لذلك لم يكن يومًا مجرد شعار في حياتنا.
وفي عهد جلالته أيضًا واجه الأردن تحديات عديدة عجزت دول كبرى عن مواجهتها إلا أن جلالته ومعه الشعب ملتف من حوله أستطاع تجاوز هذه التحديات التي وصلت الى حد محاولات الإطاحة بقيادتنا السياسية التي ارخص شعبنا دمه دفاعًا عنها وعن وطننا، ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي واجه الأردن تحديات المد الشيوعي والناصري واليساري هذه القوى الحزبية ثم تلى ذلك تحدي اللجوء الفلسطيني عامي 1948 و1967 واللجوء اللبناني واللجوء العراقي خلال حربي الخليج الأولى والثانية ثم تلى هذه التحديات أزمة الخليج واحتلال الكويت والحصار الإقتصادي على الأردن عام 1990،لكن الأردن استطاع ورغم جسامة هذه التحديات أن يتجاوزها واستمر قويًا وواصل عملية التحديث والبناء، ورغم محاولات العبث بأمننا إلا أننا أصبحنا أكثر قوة وتماسك.
وفي عهد مليكنا المعزز الملك عبدالله الثاني تواصلت التحديات وتواصل عزم قيادتنا وشعبنا على تجاوزها فمنذ تسلّم جلالته سلطاته الدستورية والأردن يواجه الكثير من التحديات بدءًا بسقوط نظام صدام حسين والأزمة المالية العالمية والحروب الأهلية في العديد من الدول العربية وانتشار الإرهاب والتطرف وخطابات الكراهية واللجوء السوري الكبير وفشل مؤسسات العمل العربي المشتركة وتعثر عملية السلام، إضافة إلى التحديات المتعلقة بصفقة القرن وتوجيهات نتنياهو لضم بعض أراضي غور الأردن وشمال البحر الميت،وهذا التحدي ندرك جميعنا خطورته على الأردن والقضية الفلسطينية.
لكن بإصرارنا دائمًا على تحويل تحدياتنا الى فرص للبناء والتقدم استطعنا تجاوزها والمحافظة على استقرارنا رغم قسوتها وتأثيرها على حياتنا الاجتماعية والاقتصادية.
وبفضل حكمة قائدنا الملك عبدالله الثاني استطعنا ان نقنع العالم الآخر بعدالة قضايا أمتنا العربية العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية،واستطعنا بفضل حكمة مليكنا الحفاظ على ثوابتنا الأردنية ومصالحنا الوطنية العليا.
لقد تصدى جلالة الملك عبدالله وشعبه الملتف حول رايته لكافة مشاريع اليمين الاسرائيلي المتطرف وحلفاء هذا اليمين ولاءات جلالته في هذا المجال واضحة «لا للوطن البديل ولا للتوطين والقدس خط احمر» لاءات واضحة لا يمكن التفريط بها مهما كان الثمن وسنرخص الدم الغالي لاجلها كعهدنا دائما في الدفاع عن وطننا واعراضنا وثوابتنا.
واليوم نواجه تحدِ آخر وهو «جائحة كورونا» وقد عقدنا العزم على مواجهته والقضاء عليه بالتعاون بيننا جميعًا.
هذا هو الاردن على الدوام يواجه التحديات لكنه يخرج منها اكثر قوة وصلابة، هذا هو الاردن بقيادته الهاشمية التي تبذل الغالي والرخيص لأجل الوطن لم يساوم يومًا على اي ثابت من ثوابته الوطنية أو قضايا أمته العربية العادلة،وسيبقى صوت جلالته هو الأقوى دفاعًا عن فلسطين وعن القيم التي تنادي بالحرية والعدالة لكافة شعوب الارض.