المجموعة الشعرية “فَلَقْ” للشاعرة السعودية “روان آل مشهور” لـصوت أنثوي ثائر لتمكين المرأة

النشرة الدولية –

تُظهر الشاعرة السعودية ”روان آل مشهور“ مشاعر من الحزن والخذلان والمعاناة للمرأة في رحلتها مع مجتمع يحول دون تحقيق ذاتها، ويسلبها حقوقها الوجودية في مجموعتها الشعرية الأولى ”فَلَقْ“، الصادرة عن  دار رواشن للنشر 2020.

ومن خلال لغة شعرية منظومة على الوزن العروضي والقافية، تصقل الشاعرة تجربتها في 12 قصيدة ممتدة على 56 صفحة من القطع المتوسط. تلك اللغة المرنة في التحليل والفهم، والقريبة من حدس المرأة في تفسير ذاتها، تصنع مع المعنى وكذلك القافية مساحة شعرية محملة بفكر ووعي وثقافة، كفيلة بإثراء القارئ.

ولطالما غلب على القصائد الصوت الأنثوي الثائر المتمرد على نمطية الحياة المجحفة بحق النساء.

تكتب ”آل مشهور“ قصائدها لربما لإثبات شيء لذاتها ولمن حولها، هذا التحدي، وإن كان يخص كيانها الأنثوي في المجتمع الصغير حولها، فإن ذلك يمكن تمريره كجبهة، أو قوة ناعمة، من خلال الشعر، لتمكين المرأة من إثبات وجودها في المجتمع العربي الذي ولعقود طويلة كانت بعيدة عنه. فلطالما كانت  المرأة تمنع من ممارسة دورها الطبيعي؛ بسبب سيادة العقلية والقوة الذكورية فيه، وبالتالي غابت فكرة حواء كجزء من حركة تغيير وتجديد المجتمع، ومنعت حقها الإنساني في أن تنال ما تصبو إليه.

في هذه المجموعة، تنظم الشاعرة تجارب لنساء كثيرات تعرضن لنفس المخاطر والقمع في طرح أفكارهن، وحقهن في التخطيط لحياتهن وفق رؤية ذات أنثوية لا ذكورية. فبلهجة تفاخر وانتماء لجنس المرأة، تكتب الشاعرة عن حواء، في قصيدة ”نون“:

”امرأة“

في قلبها بستان مخملي

امرأة

إن تكابدت الشكوك فاليقين امرأة

امرأة

إن لم تمطر سحاب الدنيا تساقط غيثها

سخية مبهرة

حين تجيء تعزم الليل

كشمس، كمشكاة مبلورة.“

فيما تلفت الشاعرة ”آل مشهور“ في مقاطع فاصلة بين القصائد إلى مكانة المرأة في الحياة، قيمتها الفكرية والتربوية والبنائية في العالم. وتضع الشاعرة المرأة في المركز، منقلبة على معادلة التهميش التي ينادي البعض إلى ترسيخها، رغم أن المرأة وبعد اندماجها في العملية الإنتاجية للمجتمع رسخت فكرة التفوق في الكثير من المحافل. تكتب الشاعرة في أحد الفواصل:

”إني صلب القضية وأسطرها

في دقائق الكون أتجلى..

فإذا في مجمل الأشياء غبت عنك

تلقاني في منزلي الأحداق أسمى“.

ما يشبه الدعاء

كما تصف الشاعرة رحلة المصاعب التي خاضتها من أجل بناء ذاتها، ملمحة إلى المعيقات التي تعترض الطريق، والتي لا تكون فقط من الذكور، وإنما من النساء أيضا. في نص ”نطفة“ ما يشبه الدعاء من خلال الاعتراف للخالق بنعمة التكوير، وتجسيد للحظة ضعف أنثوية في وقت ما.

وعلى طريقة الدال والمدلول تتحدث الشاعرة عن قهر الأرض كمدلول على الإنسان. فعن ذلك الحصار الذي تلقاه المرأة في حالات عدة في المجتمعات المنغلقة، يصبح القهر هو الشعور الطبيعي الناجم عن هذه الحالة.

لكن تؤكد في متابعتها لنظم القصيدة على مشروع المرأة الوجودي، بأحلامها التي تسعى إلى جعلها حقيقة، وحقوقها التي ترغب في نيلها رغم شقاء الدرب، وحمولة السفر.

لكن، تعود الشاعرة إلى إظهار نبرة الحزن والحسرة في مكان آخر من تجربتها الشعرية. حينما تعود لتسليط الضوء على معاناة الفتاة في المجتمع، معبرة عن الرفض الأنثوي لمنظومة الحياة التي تلحق بها الأسى والخذلان.

فتحين اللحظة البائسة التي تطوق فيها إلى العدمية بعد التكوين، وقت أن كان المرء لا شيء، بلا تحديات ولا خسارات. هذا الصراخ اللغوي المدوي، المشحون بالرفض والاستنكار لما هو واقع في حياة المرأة الممنوعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى