خطاب الكراهية.. لمصلحة من؟!* عوني الداوود
النشرة الدولية –
خطورة ما يؤجج مشاعر الكراهية ويغذي التطرف وثقافة الإرهاب حين يكون مصدر الخطاب شخصيات لها وزنها وتأثيرها ليس داخل دولهم فحسب – بل وعلى مستوى العالم كونهم يقودون دولا لها وزنها وثقلها السياسي والاقتصادي. ومن هنا كانت خطورة ردود فعل الشارع الامريكي – مثلا – على التعاطي السياسي والحزبي والأمني لقضية الأمريكيين من أصول أفريقية بعد حادثة مقتل المواطن « جورج فلوويد «، التي لا زال صداها موضع حديث، وربما ستكون من الملفات الحاسمة لدى الناخب الأمريكي عند اكتمال صناديق الاقتراع يوم الثالث من الشهر المقبل.
أيضا ما حدث ويحدث في فرنسا اليوم – وهي بالمناسبة – ليست المرة الأولى من صحيفة أثارت ولا تزال تثير لغطا داخل وخارج فرنسا بإصرارها على نشر رسومات مسيئة للاسلام في شخص الرسول الاعظم المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
لا يمكن أن يكون المجتمع العالمي المتحضر بهذه السذاجة من خلط الاوراق بين الادعاء بحرية التعبير وبين الاساءة الى الاديان والانبياء.. ولا يمكن للمجتمعات العالمية المتحضرة أيضا أن تخلط الأوراق بين ما يثيرالفتن ويغذّي الكراهية ويساعد على نشر ثقافة الإرهاب، في وقت تتضافر فيه كل جهود العالم من أجل نبذ كل ذلك.
من هنا نقرأ ما حدث ويحدث من تعمد الاساءات للدين الإسلامي وللرسول الأعظم – الذي سنحتفل بذكرى مولده الشريف في غضون أيام قليلة – إلا أنه يدخل في إطار إثارة الفتن والاستفزاز لمشاعر المسلمين، أو أنه يدخل في اطار « الاسلام فوبيا – الخوف من الاسلام « من مجتمع لم يعِ ولم يفهم ما هو الاسلام الحقيقي، ولا من هو رسول الرحمة المهداة.. هذا في الاطار العام، أما في الاطار السياسي فنحن ندرك أن ما يحدث هنا أو هناك يدخل في اطارالمشهد السياسي «الانتخابي» تحديدا في تلك الدولة، والدولة الاخرى أيضا.. اندفاعا نحو محاباة أحزاب يمينية متطرفة،على حساب أقليات، قد يكون – أو- لا يكون لها دور في حسم الأصوات الانتخابية.
المسلمون في العالم يصل عددهم لنحو مليارين ويشكلون نحو 25 % من سكان العالم، وفي فرنسا تحديدا يعتبر الدين الإسلامي هو الدين الثاني، وتقول احصائيات وأرقام وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية التي نقلت عن مراكز أمريكية متخصصة بتعداد المسلمين المتواجدين في فرنسا، أنه قد زاد معدلهم بنسبة 12.7 % وبلغ عددهم نحو 8 ملايين ونصف المليون شخص، وقد جاء هذا الارتفاع الكبير بسبب الهجرة القانونية وغير الشرعية التي تم تسجيلها ما بين عامي 2014 و2016.
هناك مصالح سياسية واقتصادية وعلاقات ثقافية وتجارية عبر التاريخ تربط الدول بعضها ببعض، وكل العلاقات تؤكد وجوب احترام الأديان، ومن الأجدر لمن ينادون بحرية التعبير أن يحترموا حرية الأديان والمعتقدات.
الإصرار على نشر الرسوم المسيئة للرسول الاعظم تحت ذريعة حرية التعبير إنما هو استقصاد لتأجيج الكراهية والفتنة في العالم أجمع، وإثارة الضغائن والإضرار بالسلم المجتمعي، وتؤثر سلبا على مصالح الدول، لذلك لا بد من ضغوط سياسية موحدة من قبل جميع دول العالم الإسلامي وغير الإسلامي لمنع الانزلاق إلى هاوية الكراهية بين الشعوب.