ينافقون الرئيس ويتناسون الرسول* ماهر ابو طير
النشرة الدولية –
يتعرض الرئيس الفرنسي لملياري مسلم، ويريد إعادة هيكلة الإسلام، وكأنه شركة، ويدعم إعادة نشر الرسومات التي تتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يتم توجيه اللوم للغاضبين، والغضب بطبيعته منفلت، ولا قواعد فيه للأسف.
هذه القضايا، لا يصح فيه نفاق بعضهم من اجل خاطر الرئيس ، فالرسول اجل قدراً منه ومن هم على شاكلته، وفي الأساس هناك ارث استعماري لفرنسا ودول كثيرة، في العالم العربي والإسلامي، أدى الى توليد الحساسيات، ولا ينسى كثيرون قتل ملايين الجزائريين والعرب والمسلمين في افريقيا، وبهذا المعنى ليس عند الرئيس الفرنسي أساسا حق او ترف المطالبة بإعادة هيكلة الإسلام، او التعرض لمقام النبي صلى الله عليه وسلم، فمن يكون، وما علاقته بشؤون غيره، ومن نصبه ولياً علينا، ولماذا لا ينشغل بشؤون بلاده اولا؟
غالبية المسلمين العظمى غير حقودة، وتتعايش مع كل الثقافات والأمم، وهناك ملايين المسلمين في فرنسا وأوروبا، ودول الغرب، وحصلوا على حقوقهم، ويعيشون بطريقة تحفظ كرامتهم، بعد ان فروا من دولهم المسلمة الظالمة انظمتها، الا ان هذا لا يعني ان من حق احد، مس كرامة هؤلاء، والتعرض للكتلة الاجتماعية الدينية الكبيرة التي ينتمون اليها.
حرية التعبير، تختلف من ثقافة الى ثقافة، واذا عدنا لما نشرته تلك المطبوعة سابقا من رسومات تعرضت لمقام النبي، ولسيدنا المسيح، ووالدته، ندرك ان معيار الحرية لديهم، يختلف عن معيار الحرية لدينا، فنحن لدينا ضوابط اجتماعية ودينية قبل القانونية، لكنه معيار مدان، ويعتقد أصحابه انه مقدس، وعلينا ان نقبله دون اعتراض.
لكن مهلا، اذ ان حرية التعبير تنتهي عندما تمس غيرك، واذا كنا أساسا وبشكل واضح وصادق، ضد أي عمل إرهابي، وقع في فرنسا او أي بلد، فان على الخبراء تحليل أسباب هذه العمليات، ليس من اجل تبريرها، او البحث عن شرعية لها، بل لنعرف معا انه لا يمكنك مس الناس في معتقدهم، ثم تفترض انهم سوف يبتسمون، ويشكرونك انك تعرضت لدينهم، او معتقدهم، فتلك مهانة ما بعدها مهانة، مع تأكيدنا هنا، اننا لسنا مع أي إرهاب، فالرسول ذاته الذي تم التعرض له مرارا، لم يقتل الذين تعرضوا له، بل مارس العفو.
الرئيس الفرنسي جاهل، حقا، فهو يعتقد انه قادر على معاداة ملياري مسلم، وفي الوقت نفسه يظن ان من حقه التعرض لرموزهم، وأيضا مطالبة هذه الشعوب بعدم مقاطعة أي منتج فرنسي، وقلب البوصلة بحيث لا تتم قراءة المشهد من أساسه، ولو كان المسلمون يعادون الغرب ويكرهونه لما هاجروا اليه أساسا، لكن الرئيس ومن مثله يفترض ان يمسح هؤلاء هويتهم الدينية والاجتماعية، فيما كان الأصل ان تمنع فرنسا مس معتقدات الاخرين.
الغرب لا يفهم العالم الإسلامي، ويسأل دوما لماذا يكرهوننا، والسؤال يثبت منسوب الجهل، او الإصرار على التجاهل، فأنت كقوة كبيرة، حين يكون ارثك استعماريا ودمويا، وتواصل أيضا التطاول على المنطقة سياسيا واقتصاديا ودينيا واجتماعيا، وتدعم الاحتلال الإسرائيلي، ومعك شركاء اخرون، ولا تتوقف، ثم لا نسمع صوتك، الا حين يحدث رد فعل دموي، من جانب شخص عاقل او مجنون، تكون انت المختل اذا لم تفهم كل القصة من جذرها، اذ عليك ان تتوقف انت عن سياساتك، حتى لا تفاجئ بمن نعدهم نحن أيضا غير عاقلين، او إرهابيين.
مقام النبي، اجل شأنا ممن يؤذيه، وربما دفاعنا عنه، يجب ان يكون أولا باتباعنا نحن المسلمين لأخلاقه، فاللوم منصب علينا، لأننا نتوتر عند مسه من احد، لكننا نفرط أيضا بموروث اخلاقه.
المسلمين الذين هاجروا سابقا الى الغرب لم يتم ايذاؤهم وتم منحهم حقوقهم، لكن الواضح ان سياسي الغرب لا يفهمون ان مواصلة العبث بالمنطقة، والتطاول على الدين والرموز الدينية، امر لا يمكن قبوله، مثلما نؤكد مجددا اننا لا نقبل قتل الناس باسم الثأر للدين، او دفاعا عن رسول الله، لان رد الفعل الغاضب يستخدمه أعداء الإسلام لإثبات انه دين دموي.
لماذا يكرهوننا، السؤال غربي، وهو قائم على افتراض خاطئ، اساسا، فنحن لا نكرهكم ابدا، فقط توقفوا عن مس معتقدات الاخرين، ودينهم، ومنطقتهم، ووجودهم.
في الدين، لا يصح النفاق، ولا اللعب على الحبلين.
(الغد)