أطفال “الديجتال” وغزو البلهاء..!!
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
يتزايدون بطريقة التكاثر اللاجنسي على طريقة البكتيريا والطفيليات والأبواغ، لنجد ان سرعة تضاعفهم كبيرة كونها تُنتج أعداد مضاعفة تفوق الخيال، والبعض حتى يتكاثر لا يحتاج لعشرين دقيقة على طريقة البكتيريا، بل هي مجرد تغريدة أو ظهور على صفحات وسائل التواصل الإجتماعي ويتم الإنقسام والنسخ واللصق، لترتفع أعداد المتابعين لأرقام كبيرة كما يحصل في عديد حالات العفن، وكالعادة فإن البكثيريا تحتاج لمضادات حيوية من أجل الشفاء وكذلك العفن يحتاج لعلاجات خاصة للخلاص منه، مما يشير إلى أن ما ينتج من عفن جديد يُطلق عليه أبطال “الديجتال”أو أطفال “الديجتال” يوجب علاج المواطنين بلقاح المعرفة وزيادة الثقافة لإحباط محاولات هذه النماذج من الظهور في المجتمع وتسيد المشهد الفكري.
المفارقة بين أبطال “الديجتال” الحاليين وما كان يتم عرضه على شاشات التلفاز شاسع وكبير، ففي مسلسل أبطال “الديجتال” كان يتم التعامل مع الأحداث بالحس الكوميدي والتعاون بين الأبطال لإنقاذ العالم من شرور زعماء العالم السفلي، والجميل في هذا المسلسل أن أبطاله الثمانية كانوا يملكون صفات إيجابية فلكل منهم صفة منها “الشجاعة، الصداقة، المعرفة، الإخلاص، الصفاء، النقاء، الأمل، المحبة”، وجميع هذه الصفات محمودة تزرع الخير في نفوس الأطفال الذين يتابعون أبطال “الديجتال”، كما أنها تحض على التعاون والتشاركية بين بني البشر وكسر حواجز الغرور والأنا المرضية المقيتة، لتكون الرسالة الأهم بأن النصر يأتي بالتشارك والتعاون ومحبة الآخرين وخدمتهم.
هذه هي الصورة الحقيقية الجميلة لأبطال “الديجتال” التي تقدمها اليابان لأطفال العالم كصور متحركة، لكن أطفال “الديجتال” الجدد في الأردن يقدمون صورة مختلفة في شكلها ومضمونها، فلغة الأطفال الكبار تقوم على الشتم واللعن وإساءة الألفاظ واختيار الكلمات النابية أو تلك التي تحض على الفرقة والعنصرية، لنجد أنهم يرفضون التشاركية والتعاون ويحضون على الفرقة وبناء السدود مع الأهل قبل الغرباء، ويزرعون بذور العداوة والبغضاء على طريقة تكاثر البكتيريا، لتنمو سريعاً ويتحول تلاميذهم ومتابعيهم إلى أبطال أطفال جدد سرعان ما يقومون بنشر سمومهم في شتى مواقع التواصل الإجتماعي.
وفي أبطال “الدجتال” ينتصر في النهاية من يحملون مباديء الشجاعة، الصداقة، المعرفة، الإخلاص، الصفاء، النقاء، الأمل، المحبة، وهي ذات المباديء والقيم التي اذا تم استخدامها سيتم هزيمة صُناع الفرقة وأعداء المجتمع المنتشرين حالياً في كل زاوية من زوايا وسائل القطيعة الإجتماعية، وعندها يبدأ المجتمع بالشفاء من أمراضهم المعدية وتتراجع قوتهم ليصبحوا بكتيريا ضعيفة أو ميتة تصلح لصناعة اللقاحات، هذا هو حال الرياضة الأردنية التي أصبحت تشكل التهديد الأكبر للأمن المجتمعي بسبب من تكاثروا في صفحات وسائل التواصل وأصبحوا دعاة للقطيعة.
آخر الكلام:
لا أقصد أحد بعينة بل أقصد من يقصده الكاتب والفيلسوف الايطالي أمبرتو إيكو حين قال: “إن أدوات مثل تويتر وفيسبوك تمنح حق الكلام لفيالق من الحمقى، ممن كانوا يتكلمون في البارات فقط بعد تناول كأس من النبيذ، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً، أما الآن فلهم الحق بالكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل، إنه غزو البلهاء”، نعم إنه غزو البلهاء.