تقرير: لبنان رفع سقف مطالبه بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع الاحتلال الإسرائيلي؟

النشرة الدولية –

شهدت المرحلة الأولى من جولة المفاوضات الثانية حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والتي انطلقت أمس الأربعاء، طرحا لبنانيا جديدا، يرى مراقبون أنه يشكل واحدة من مفاجآت هذه المفاوضات، والتي كانت جولتها الأولى قد انطلقت برعاية أمريكية، منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.

وانطلقت المفاوضات المباشرة الأولى، منتصف هذا الشهر، في قاعدة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة ”اليونيفيل“ في بلدة الناقورة جنوبي لبنان، وتحت علم الأمم المتحدة، بمشاركة ممثلي لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية الاجتماع الأول بأنه ”ناجح“، وقالت إن الأطراف تعهدوا بمواصلة التفاوض.

مطالب جديدة

وطرح الوفد اللبناني، خلال اجتماع أمس الأربعاء، رؤية مختلفة بشأن الحدود الاقتصادية الحصرية، وتبين أن المفاوض اللبناني يتحدث عن حدود تزيد بكثير عن المنطقة المتنازع عليها والتي تسمى ”بلوك 9″، وتبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا. ومن غير المعروف إذا كان الحديث يجري عن مناورة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب أم طلب نهائي لن يتم التنازل عنه.

وطالب وفد لبنان بمساحة إضافية تصل إلى 1460 كيلومترا مربعا، يقول إنها تقع داخل حدوده الاقتصادية الحصرية، ومن ثم سيعني الأمر أن أحد حقول الغاز الذي تعمل إسرائيل على تطويره، وكانت قد أبرمت عقود بشأن استغلاله مع شركات أجنبية، يقع داخل نطاق حدود لبنان البحرية.

قناة ”أخبار 12“ العبرية أشارت إلى أن مفاوضات أمس لم تكتمل، إذ تقرر أن تستأنف، اليوم الخميس، عقب الطرح اللبناني الجديد، ومع أن ردا أوليا صدر من جانب الوفد الإسرائيلي، بيد أنه من الواضح إن تقسيم الجولة الثانية من المفاوضات إلى مرحلتين على يومين، كان بسبب رغبة الوفد الإسرائيلي في العودة للتشاور مع الجهات المعنية.

وتعد المطالب اللبنانية التي طرحت خلال الجولة الثانية واحدة من مفاجآت هذه المسيرة التي تقودها واشنطن إذ كانت الجولة الأولى قد شهدت مفاجأة تمثلت في غياب وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، والذي كان من المؤكد أنه من سيقود هذه المسيرة بتكليف من رئيس الوزراء نتنياهو.

ومثل إسرائيل في الجولة الأولى مدير عام وزارة الطاقة أودي اديري، والمستشار السياسي لرئيس الوزراء ريؤوفين عيزر، ورئيس الشعبة السياسية بوزارة الخارجية ألون بار، ورئيس لواء التخطيط الإستراتيجي بالجيش العميد أورن سيتر، ومدير مكتب وزير الطاقة مور حالوتس، والمستشار السياسي لوزير الطاقة أفيف أياش.

لا مناطق إضافية

القناة رأت أن الطلب اللبناني شكل مفاجأة، وذكرت أن الخرائط التي كان لبنان قد قدمها للأمم المتحدة العام 2011 تتحدث عن مساحة لا تزيد عن 869 كيلومترا مربعا، هي التي تسبب الخلاف، مضيفة أن الوفد الإسرائيلي عقب على الطلب اللبناني بأن المفاوضات ”لن تشمل أي جزء إضافي جنوب الخط المتنازع عليه“.

ونوهت القناة إلى أن ما حدث يعد تحولا جذريا في الموقف اللبناني، وأن التعليمات وصلت على ما يبدو للوفد من قائد الجيش اللبناني الجنرال جوزيف عون، مشيرة إلى أن الوفد اللبناني يستند في الخرائط الجديدة على خرائط الحدود البحرية التي تم ترسيمها بين بريطانيا وفرنسا في سنوات الانتداب العام 1923.

وأشار مراقبون إلى أن الطلب اللبناني يعني أن الحدود الاقتصادية اللبنانية ستتضمن حقل الغاز الطبيعي ”كريش“، إضافة إلى المنطقة المسماة ”بلوك 72″، وهي منطقة تعتزم إسرائيل اصدار تراخيص لبدء تطويرها لصالح شركات أجنبية ومحلية، كما أصبح حقل ”كريش“ مؤخرا حق امتياز لشركة الغاز اليونانية ”إنرغيان“، ويفترض أن يبدأ إنتاج الغاز العام المقبل.

وبين المراقبون أن الطلب اللبناني الجديد يعني أن الحديث يجري عن مفاوضات في غاية التعقيد، أكثر بكثير مما ظنت إسرائيل في البداية، ولا سيما وأن هذه المطالب لم تطرح في جولات المفاوضات السابقة، ومنها مفاوضات غير مباشرة في الشهور الأخيرة، وأخرى مباشرة، أي تلك التي انطلقت منتصف الشهر الجاري برعاية أمريكية.

سقف طموح منخفض

وكان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قد نبه في الأسبوعين الماضيين، إلى أن المفاوضات التي انطلقت بوساطة أمريكية لترسيم الحدود البحرية مع لبنان ”ليست مقدمة لاتفاق سلام بين البلدين، أو لتطبيع العلاقات مع لبنان“، وقال: ”طالما يسيطر حزب الله على لبنان لن يحدث سلام اطلاقا مع هذا البلد“.

وعقب انتهاء الجولة الأولى قبل أسبوعين، ذكر مسؤول بوزارة الطاقة الإسرائيلية لصحيفة ”يديعوت أحرونوت“، أن المفاوضات سارت بـ ”شكل غريب“، إذ رفض الوفد اللبناني إجراء أي حديث مع الوفد الإسرائيلي بشكل مباشر، وكان الحديث يوجه للوسطاء الأمريكيين دون توجيهه إلى الإسرائيليين.

وتحدث أعضاء الوفد اللبناني بالعربية، وكان برفقتهم مترجمة تقوم بمهام الترجمة من العربية إلى الإنجليزية، ولم يوجه أي من أعضاء الوفد اللبناني كلمة لأي من أعضاء الوفد الإسرائيلي.

وذكرت مصادر إسرائيلية وقتها أن الحديث ”لا يجري عن مسيرة سلام أو تطبيع العلاقات مع لبنان، وأن هذه الخطوة لا تشبه تلك التي تمت مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين“، بيد أنها في الوقت نفسه شكلت بارقة أمل لبعض المحللين الإسرائيليين الذين رأوا إن مجرد التفاوض للمرة الأولى منذ 3 عقود قد يكون مقدمة لتطورات إيجابية نحو تعاون اقتصادي بين البلدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى