الإسلام بين جريمتين*رجا طلب
النشرة الدولية –
منذ 15 عاماً ورسومات صحيفة شارلي أبيدو تمثل مخزناً عميقاً للكراهية ومصدراً لإثارة العنصرية وتحديداً من قبل اليمين الفرنسي ومعه نظراؤه في بقية الدول الاوروبية تجاه الاسلام والنبي محمد وتحت عنوان كاذب ومضلل هو حرية الرأي، فالرسومات الكاريكاتيرية التى تسببت وعلى مدى 15 عاماً بتاجيج اجواء من الحقد المقرون بالقتل ما زالت تعتاش عليها أحزاب وشخصيات وقوى سياسية في فرنسا وأوروبا لا تعادي بطبيعتها الايدولوجية الإسلام والنبي محمد فحسب بل تعادي كل من هو من عرق او جنس مغاير لعرقها وجنسها، فهذه القوى استثمرت ومازالت تستثمر في تلك الرسومات لمواصلة معاركها الممنهجة ضد الاخر وتحديدا في فرنسا التى تعيش ازمة انقسامها الثقافي والقيمي بسبب ملايين المهاجرين الذين جاءوا من الدول الإسلامية وتحديداً من أفريقيا وشكلوا ثقافة وقيماً جديدة داخل المجتمع الفرنسي الذي عجز أو بالأصح فشل في عملية دمجهم.
ومقابل هذا الواقع يوجد واقع العرب والمسلمين الذين هاجروا لفرنسا والى اوروبا بحثاً عن الحرية ووجدوها وتنفسوا اريجها وهو ما اغراهم بعد عدة عقود العمل على محاولة صبغ هذه الحرية بلونهم الفكري والقيمي والديني دون مراعاة لمبادئ الحرية الليبيرالية الموجودة في تلك المجتمعات، واخذوا يعملون حينا وفقا للاليات الديمقراطية من أجل إحداث التغيير، وحيناً آخر من خلال العنف ومعادلة فرض الأمر الواقع، وتحول هؤلاء المهاجرون إلى قوة مضادة لمسيرة الانفتاح و«اللبرلة» التي تتسم بها حركة المجتمع الاوروبي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص، وهنا حدثت نقطة التصادم التى اضحت بيئة خصبة للاستثمار من قبل قوى عديدة ابرزها القوى العدمية المتسترة باسم الاسلام كالقاعدة والجماعات الجهادية وداعش وغيرها من القوى التى تطاردها علامات الاستفهام والشكوك بدوافع وجودها واهدافها الحقيقية بعد أن بات واضحاً أن مهمتها الأساسية هي تشويه صورة الإسلام السمحة البعيدة عن العنف والإرهاب.
الجريمتان الوحشيتان اللتان ارتكبتا مؤخرا في فرنسا واقصد هنا الجريمة الاولى بحق المعلم صموئيل باتي في احدى ضواحي باريس والجريمة الثانية بحق مصلين في كنيسة نوتردام في نيس واللتان تم فيهما قطع الرؤوس بصورة «مقززة» صبا بصورة مطلقة في خانة استمرار انتاج «الاسلامفوبيا» أو تحويل الاسلام كعدو للانسانية واعادة احياء العنف على اساس ديني وكأن هناك صراعا بين الاسلام والعالم الحر، والجريمتان اللتان ارتكبتا من قبل اثنين من الشباب الصغار في السن الاول شيشاني والثاني تونسي تطاردهما الشبهات بل الاتهامات بانهما مرتبطان بجهة إرهابية، أما ما زاد الطين بلة وعمق الأزمة فهي التصريحات «الطائشة» وغير المسؤولة للرئيس ماكرون التي تراجع عنها والتي وصف فيها الجريمة بأنها جريمة إسلامية، والتصريحات «العنترية» لأردوغان الذي وجد في هذه الاجواء فرصته لتسيد المشهد.