خواطر من صدى الروح* رمزي سلوان
النشرة الدولية –
كان مرشد راجع عل بيت بعد نهار طويل بالحقلة.. لاقي عصا المجرفة ع كتفو.. وحامل بايدو كيس الزوادة الفاضي.. ومعلّق ع خصرو المطرة.. وعم بغني مواويل أبو الزُلف..
وهو عم يطلّع ع الشمس بالسما عم بتغيب ع مهلا.. ما لاقى حالو الاّ وقع بهونيك مغارة غميقة.. وضرب راسو بصخرة كبيرة.. وغاب عن الوعي…
وِعي بعد شي ساعتين.. مش قادر يتحرك.. وعرف انو كسر إجرو وايدو.. وراسو عم ينزف.. وصار يصرّخ قد ما بيقدر.. بس كان بعيد عن الضيعة.. وما حدن عم يسمعو.. وعرف انو اذا ما حدن اجا يخلّصو بسرعة.. مش رح يضاين للصبح …
غمّض عيونو.. ونزلو دموعو.. ولأول مرة بحياتو كان مرشد خايف هل قد.. كان خايف يموت لوحدو.. بهل جرد.. بهل ليل.. بهل مغارة.. وما حدن يعرف فيه.. ما لحّق يودّع اصحابو بالضيعة.. ولا المختار.. ولا ناطور المي.. ولا حتى جارو الأعمى نمر يلّي كان يمرق لعندو كل يوم بعد الشغل ويجبلو أكل وفواكه ودوا.. ما حدن من أهل الضيعة غير مرشد كان يسأل عن نمر ويهتم فيه.. كان اهل الضيعة يقولو عنو ختيار خرفان…
مرق الوقت.. وعتّمت الدني.. وصار جسمو يرجف من البرد.. ودقات قلبو تخفّ.. حسّ انو آخرتو قربت.. وبلّش يصلّي لربّو.. ويتحضّر ليلاقيه.. ما كان متصوّر انو هيك رح تكون نهايتو.. اصلاً مين بيعرف كيف رح تكون آخرتو…
وفجأة.. سمع صوت عم بناديلو من بعيد : “مرشد .. مرشد… وينك يا مرشد؟ “… دغري عرف هل صوت… صوت فرفحلو قلبو… هيدا صوت جارو نمر.. وبعد دقايق.. شاف ضوّ براس المغارة… ومشاعل ولعانة.. واصوات اهل الضيعة…
نزلو الشباب بالحبال.. وسحبو مرشد من كعب المغارة.. ولمّن صار فوق.. كان ناطرو جارو نمر البسمة ع وجّو… وقلّو: ” لمّن ما جيت لعندي ليوم يا مرشد.. انشغل بالي عليك.. وعرفت انو صرلك شي… وضهرت من البيت عل عكيزات.. ورحت عند المختار.. ولمّيت اهل الضيعة ت يفتّشو عليك”…
صحيح نمر ما كان يقشع.. بس بهل ليلة.. قشع عيون مرشد مليانة دموع.. دموع فرح وامتنان ووفا…
طالما في بعد ناس متل مرشد ونمر.. بعدها الدني بألف خير…
رمزي سلوان ، خواطر من صدى الروح، 5 نوفمبر 2020.