ما هكذا تؤّلف الحكومات في زمن 4 آب!* اندريه قصاص
النشرة الدولية –
في الوقت الذي لا يزال التقرير الموعود عن أسباب ومسببي إنفجار المرفأ في 4 آب الماضي طي المجهول، وفيما روائح الفضائح تفوح من كل حدب وصوب، وآخرها فضيحة طحين المدينة الرياضية، ينهمك المسؤولون، أو الذين يعتبرون أنفسهم مسؤولين، في التفتيش عن حقيبة وزارية من هنا، ومكسب خاوٍ من هناك، وكأن الظرف الذي يعيشه اللبنانيون هذه الأيام يسمح بترف الدلع السياسي، وكأن البلاد تعيش أفضل أيامها، أو كأن الوجع الذي يعيشه أهالي شهداء إنفجار المرفأ، أو الذين شردوا من منازلهم وضاع عليهم جنى العمر، هو وجع “نقزة دبوس” يداوى بقليل من السبيرتو والشاش والقطن.
لا يا سادة، إنكم بعد كل هذه المصائب تفتشون عن مصالحكم الخاصة، ولا تعني لكم كثيرًا مصالح الناس، الذين أمهلوكم كثيرًا، وقد جاء وقت الحساب. ليس بهذه الطريقة تؤّلف حكومات المصير، وليس بهذه الطريقة يمكن تلمّس الخلاص على أيدي من كان السبب، مباشرة أو غير مباشرة، في كل هذا الخراب، بسبب كل هذا الفساد، وبسبب كل هذا الإهمال.
لو حصل ما حصل في بيروت منذ ما يقارب الثلاثة اشهر في دول مجاهل أفريقيا لكان المسؤولون الحاكمون، من كبيرهم حتى صغيرهم، هم اليوم وراء قضبان السجون. أمّا عندنا فلا يزالون يسرحون ويمرحون ويفرضون شروطهم من أجل قيام حكومة من بين أحد أهدافها المزعومة إعادة إعمار ما تهدّم والتعويض على أهالي الشهداء، أقله معنويًا، وعدم طي صفحة الماضي كأن شيئا ما حصل.
حكومة عشرينية أو حكومة من 18 وزيرًا؟
لحلّ هذا اللغز إستلزم ذلك عقد أربع أو خمس إجتماعات عمل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
هل تكون حقيبة الطاقة من حصّة جبران باسيل أم من حصة أحد آخر؟
كيف ستوزّع ما يُعرف بالحقائب السيادية؟
من سينال حصة الأسد من كل هذه التركيبة؟
لمن ستسند وزارة الداخلية، هل ستبقى مع تيار “المستقبل” أم تؤول إلى حصّة رئيس الجمهورية؟
هل يقبل وليد بك بأن يوزّر النائب طلال إرسلان؟ وإذا وزّر هل يكون ذلك بمثابة هدية لرئيس الجمهورية الذي يريد الثلث المعطّل؟
هل سمعتم أحدًا طوال هذه الفترة ذكر أو تذكّر، ولو عن طريق الصدفة أو بالغلط، ما هي حصّة أهالي بيروت المفجوعة في كل هذه “المخلوطة”؟
هل وقف أحد على خاطر أهالي الشهداء والمصابين؟
ليس بهذه الطريقة “يساق أبل الحكومة” المفترض بها أن تكون حكومة طوارىء في زمن تفشّي الكورونا، من دون أن نرى موقفًا موحدّا من وزراء حكومة تصريف الأعمال حيال الإجراءات الواجب إتخاذها لدرء هذا الخطر أو على الأقل للحدّ من مفاعيله المميتة.
بعد 190 شهيدًا وأكثر من 6000 مصاب ودمار نصف بيروت تقريبًا لا نزال نرى المحاصصة نفسها، التي أدّت، على الأقل منذ ثلاثين عامًا، إلى نتيجة واحدة وهي إفلاس البلد وتجويع أهله وتشريدهم في أقاصي المعمورة محرومين من أبسط مقومات الصمود في بلد لا يُحترم فيه الإنسان.
نقلاً عن موقع “لبنان 24” الإخباري