“الصفقة الفاشلة” بين ترمب والنظام السوري* سوسن مهنا

النشرة الدولية –

في تقرير حصري لمجلة “نيوزويك” الأميركية نشر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كتبت أن مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، وخلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، حمل معه قائمة مطالب تابعة للنظام السوري “عالية السقف”، مقابل التعاون للإفراج عن الصحافي أوستن تايس المفقود في سوريا منذ عام 2012، والمعالج النفسي الأميركي- السوري مجد كمالماز، المفقود منذ عام 2017، ويعتقد أن النظام يعتقلهما.

تخفيف العقوبات

ويشير تقرير المجلة إلى أن المطالب التي نقلها إبراهيم تضمنت تخفيف العقوبات وانسحاب القوات الأميركية من سوريا، مقابل المساعدة في الإفراج عن الرهائن الأميركيين المعتقلين من قبل النظام السوري، حيث تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الإفراج عن تايس والأميركي- السوري مجد كمالماز اللذين في قلب التفاعلات بين واشنطن ودمشق، علماً أن العلاقات الدبلوماسية الرسمية تعطلت بينهما منذ عام 2012. وكانت أجريت اتصالات بين مسؤولين من كلا البلدين للتباحث في شأن هذه المسألة في السابق. الجديد أن مدير الأمن العام اللبناني حمل معلومات جديدة، حيث التقى بمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض روبرت أوبراين لـ4 ساعات تقريباً، وخاضا نقاشاً حددت بموجبه المطالب السورية في إطار مفاوضات هدفت إلى إنهاء حالة الغموض المحيطة بمكان الرجلين، كما نقلت المجلة عن لسان مسؤول لبناني لم تصرح عن اسمه.

عيّن ترمب، أوبراين عام 2018 للإشراف على قضايا المواطنين الأميركيين المعتقلين، والعمل على إطلاق سراحهم، مع إعلانه، في مطلع العام ذاته، عن نيته التركيز على قضيتهم بعدما نجح بتأمين حرية أميركيين آخرين كانوا محتجزين في تركيا ومصر وكوريا الشمالية. وكان اللواء عباس إبراهيم قد أسهم العام الماضي في الجهود التي ساعدت في عملية إطلاق سراح الكندي كريستيان لي باكستر، والأميركي سام غودوين، اللذين كانا محتجزين في سوريا.

الصفقة

في التقرير تأكيد المسؤول اللبناني ومصدر سوري مطلع على المحادثات، أن الحكومة السورية تسعى إلى إبرام صفقة مع إدارة الرئيس دونالد ترمب تنطوي على رفع العقوبات عن سوريا وانسحاب القوات الأميركية المتمركزة بجانب مقاتلي المعارضة في التنف.

وبحسب الصحيفة فإن ترمب طالما أعرب عن رغبته في خفض عدد القوات الأميركية في سوريا، على الرغم من أن البنتاغون يقول إن حوالى 500 لا يزالون منتشرين في جميع أنحاء الشمال الشرقي إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية، وفي التنف، حيث تنشط جماعة مغاوير الثورة المعارضة.

في السياق، أوضح مسؤول أميركي يشارك بجهود الإفراج عن الرهائن لـ”نيوزويك”، أن “خلية استعادة الرهائن المشتركة” التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي، تواصل تقييم المعلومات الجديدة ووضع الإستراتيجيات المتعلقة بكيفية إعادة المحتجزين في الخارج بأمان، مضيفاً أنها تعمل مع عائلتي تايس وكمالماز.

هذه المعلومات تتقاطع مع ما ذكره كبير الباحثين ومدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر عن أنه “ليس سراً” أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب دفع مساعديه لصياغة “فوز” آخر قبل الانتخابات الرئاسية “على شكل انسحاب من سوريا”.

مملوك ووفد أميركي

ورأى ليستر أن “التقارير التي تفيد بأن وفداً دبلوماسياً أميركياً رفيعاً زار سوريا سراً في أغسطس (آب) الماضي لمناقشة ملف السجناء السياسيين الأميركيين الذين يعتقد أنهم في دمشق، تثير تساؤلات منطقية حول السياسة الأميركية تجاه سوريا”.

ويعتقد ليستر أن “لقاء كارستنز وباتيل مع علي مملوك -داهية الاستخبارات السورية السيّء السمعة- أمر مهم بحد ذاته، لكن وجود باتيل يشير إلى أن الوفد كان يفكر في أكثر من السجناء الأميركيين”.

ويرى أنه إلى جانب تخفيض القوات في العراق وأفغانستان، ليس سراً أن الرئيس ترمب دفع مساعديه لصياغة فوز آخر قبل الانتخابات على شكل انسحاب من سوريا، وإطلاق سراح السجناء الأميركيين يمكن أن يوفر ذريعة للرئيس لاتخاذ مثل هذه الخطوة، أو تمهيد الطريق نحوها، على الرغم من المقاومة العميقة ممن هم في وزارة الخارجية والبنتاغون وأجهزة الاستخبارات للانسحاب على هذه الأسس وحدها. وكون أن الاجتماع قد عقد في دمشق، وجاء بعد أشهر فقط من عدم الرد على رسالة كتبها ترمب شخصياً إلى الأسد، يكشف عن مدى الضعف أو اليأس لدى إدارته، الذي جرّأ نظام الأسد عليه. في الواقع، تزعم التقارير الموالية أن الزيارة لم تكن سوى الأحدث لدمشق، وأن موقفها هو رفض أي مفاوضات حقيقية حتى تنسحب الولايات المتحدة بالكامل من البلاد.

تدخل روسي

بحسب الباحث ليستر أنه لعل هناك تدخلاً روسياً لأكثر من عام، حيث التقى الممثل الخاص للولايات المتحدة لدى سوريا جيمس جيفري خلف أبواب مغلقة مع نظرائه من موسكو. وقد ركزت المناقشات على كيفية تشكيل العملية السياسية السورية من خلال تدابير بناء الثقة، مثل تخفيف العقوبات المستهدفة، وتعزيز المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح السجناء، ووقف إطلاق النار. ويؤكد أنه “من الصعب أن نتخيل أن مثل هذه المحادثات ليس لها تأثير في جدوى الزيارات الأميركية السرية النادرة إلى دمشق ومضمونها”.

وكان الوفد برئاسة المبعوث الرئاسي الخاص لدونالد ترمب لشؤون الرهائن، روجر كارستينز والمدير الأعلى لمكافحة الإرهاب كاش باتيل، يمثل أعلى مستوى لزيارة أميركية لنظام بشار الأسد خلال عقد من الزمان، قبل أربعة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية الأميركية.

“وول ستريت جورنال”

سبق لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن ذكرت أيضاً، أن مسؤولاً في البيت الأبيض سافر إلى دمشق لعقد اجتماعات سرية، سعياً إلى الإفراج عن مواطنَين أميركيين على الأقل، تعتقد واشنطن أن نظام بشار الأسد يحتجزهما. وقالت، نقلاً عن مسؤولين في البيت الأبيض، إن المسؤول الأكبر عن مكافحة الإرهاب كاش باتيل، سافر في وقت سابق من هذا العام في محاولة لإطلاق سراح المحتجزين ومن دون  الكشف عمن التقى باتيل أثناء رحلته.

“وول ستريت جورنال” أشارت إلى أن وزارة الخارجية الأميركية رفضت التعليق على هذه الأنباء، كما لم يرد مسؤولو البيت الأبيض على طلبات التعليق، كما رفضت البعثة السورية لدى الأمم المتحدة التعليق أيضاً.

نقلاً عن “إندبندنت عربية”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى