الفرح ممنوع فبايدن وترامب وجهان لكيان واحد ..* صالح الراشد
النشرة الدولية –
هي الكيانات تتفق على سياسات محددة تهدف إلى الإبقاء على وجودها وقوتها وسيطرتها، وهذه الكيانات تدعم بعضها البعض حتى لا تكون حالة شاذة في العالم، وفي العالم حالياً لا يوجد إلا كيانين أقيما على أراضي السكان الأصليين وهما الولايات المتحدة التي بنت نفسها على حساب الهنود الحمر والكيان الصهيوني الذي يحاول تقليد الأمريكيين في إبادة الفلسطينيين وبدعم من واشنطن المعلم الاول، وبناء دولته دون أن يكون لأحد الحق في المطالبة بأرضه، مع فارق بين سياستي الكيانين فواشنطن أبقت من بقي من الهنود الحمر في البلاد فيما الصهاينة طردوا الفلسطينين ويسعون الخلاص من البقية الرافضين للتدجين .
لذا يتفق زعماء ورؤساء الولايات المتحدة على خدمة الصهيونية وكيانها القائم على إحتلال الأراضي الفلسطينية، بل تعتبر هذه الخدمات من صميم عملهم ولا يجرؤ أي منهم على التقصير في هذا الدور، وقدم كل رئيس للولايات المتحدة خدماته بطرق مختلفة تعتمد على شخصية الرئيس والحاجة للقرار وتوقيته وغايته، لذا لم نجد أي منهم يتخذ قراراً أو يؤيد قرار ضد تل ابيب.
فالرئيس دونالد ترامب كان واضخاً وفاضخاً لسياسة بلادة حين قدم في العلن الدعم المُطلق من صفقة القرن إلى نقل السفارة الأمريكية للقدس التي اعترف بها كعاصمة لشقيقه الكيان الصهيوني، وظهر أنه يسعى ليكون قورش الفارسي الجديد، وبالتالي ساعدته هذه السياسة بالضغط على العديد من الدول العربية للتطبيع مع الكيان وهذا ما كان.
فيما الرئيس القادم والذي سيتولى مقاليد الحكم في شهر كانون الثاني العام القادم سيقدم أكثر من ترامب لكن دون ضجة إعلامية، وسيقود بايدن العديد من الدول العربية للتطبيع وسيحمل هذه الدول جزء كبير من إعادة إعمار المنطقة تحت مسميات يُجيد إطلاقها السياسيون من الإنسانية وتوفير العيش الكريم للمهجرين والحفاظ على التوازن الديموغرافي وضمان حرية الآخرين، كما سيزيد من حجم المشاريع الخدماتية المكلفة لضمان ذهاب الأموال في إتجاه يتناسب وسياسة واشنطن في حماية الكيان.
وسيمنع بايدن أي طرف مهما كان من إنتزاع التفوق العسكري والعلمي والسياسي للكيان الصهيوني في المنطقة العربية، وسيسعى جاهداً للإستفادة من الكيان في عديد المجالات كقوة ضاغطة على المنطقة العربية لفرض سيطرة واشنطن بشكل فردي على المنطقة بأسرها دون اللجوء لخيار الحرب المحبب لدى بايدن الذي كان مؤيداً شرساً للحرب على العراق وأفغانستان.
لذا يتوقع أن يكون بايدن أكثر ضرراً على الفلسطينين في نيل حقوقهم، كما يتوقع أن يكون حل الدولتين الذي طالب به مجرد حلم ووعد حتى يُعيد للعديد من القادة هيبتهم أمام شعوبهم لتنفيذهم سياسات ترامب، وهذه النقطة سيستخدمها بايدن من أجل إستعادة الإحترام المهدور لواشنطن عند المواطن العربي، والذي جعله ترامب يُشاهد الصورة الحقيقية للسياسة الأمريكية والتي لا تتضح في حال تولى سياسي دفة الحكم في الولايات المتحدة.
وتسابق الرؤساء في واشنطن لخدمة الصهاينة حتى أن أوباما قدم للكيان أضخم مساعدات عسكرية في التاريخ كما بدا كاذباً في قضية حل الدولتين وإحلال السلام لأنه لم يمارس أي ضغوطات فعليه على تل ابيب، بدوره أطق بوش الإبن مجموعة من المقترحات كانت غايتها منح الكيان الصهيوني المزيد من الوقت لفرض سياسته على فلسطين والمنطقة، لذا قام بتدمير العمق العربي في العراق وضرب الإرهاب في افغانستان، وهذه الخطوات نشرت الخوف بين قادة المنطقة، كونه جعل من محاربة الإرهاب سيفاً على رقاب الجميع، لذا تسابق العرب في دعمه دون النظر بعمق لما يجري كون رسالته التي اعتمدها بأن وجود القادة في خطر إذا لم يواجهوا معه الإرهاب الذي أصابت أضراره جميع الدول عدا الكيان الصهيوني، أما كلينتون فقد كان سنداً قوياً لهم وحين فكر مجرد فكر بالضغط عليهم أخرجوا للعلن فضيحة مونيكا ليونسكي ليتم تهذيب وتأديب جميع القادة اللاحقين.
هذا هو الوجه الحقيقي لرؤساء الولايات المتحدة الأمريكية لذا علينا كعرب أن لا نُفرط بالسعادة لخسارة ترامب لان بايدن لن يقف مع القضايا العربية وبالذات القضية الفلسطينية، لذا نتوقع أن يكون القادم أسوء كون بايدن لن يستطيع التراجع عن أي قرار بخصوص قضية فلسطين بل سيبنى على ما هو موجود ويُطالب القيادة الفلسطينية بالمزيد من التنازلات لتحقيق حلم الدولتين، رغم أنه يُدرك بأن الكيان سيرفض التفاوض على هذا القرار، وبالتالي فان واشنطن لن تكون الطريق لتحقيق احلام الأمة العربية بل طريق للمزيد من سلب مقدراتهم وحريتهم وإنسانيتهم، لذا فليخفف الفرحون من شعور النصر وليركزوا على نهضة بلادهم إن استطاعوا.