خلافًا للتوقّعات.. هكذا ستتعامل إدارة بايدن مع لبنان والعقوبات باقية
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
من يراقب انشغال اللبنانيين في الإنتخابات الأميركية، على المستويات السياسية الشعبية والإعلامية، يخال أنّ بيروت توأم لواشنطن، تفرّقهما الجغرافيا، ويجمعها الزمان والمصير. إعلامنا هناك في شوارع بلاد العم سام، ينقل إلينا مجريات العملية الإنتخابية لحظةً بلحظة، شاشاتُنا توقف برامجها المعتادة، وتفتح هواءها للمحللين والمراقبين والقارئين في الحدث الأميركي. على منصّات التواصل الإجتماعي جيوشٌ لبنانية إلكترونية تتقاتل في ما بينها أخبار بايدن وترامب، فتتوالى عمليات إسقاط الرغبات اللبنانية على الإستحقاق الأميركي، بعضهم يريد ترامب مجدّدًا اعجابًا بتشدّده حيال إيران وحزبها في لبنان، وبعضهم الآخر يقترع إفتراضيًا وبكثافة لبايدن، ظنًا منه أنّ الأخير سيعيد إحياء الإتفاق مع إيران غداة وصوله إلى البيت الأبيض، بما ينعكس على حلفاء الجمهورية الإسلامية في بيروت. ولشدّة تأثرهم بالمشهد الرئاسي الأميركي، رحّلوا تأليف حكومتهم في لبنان إلى ما بعد جلاء الصورة الأميركية.
بصرف النظر عن المشهدية السورياليّة تلك، لا عجب بحماسنا الزائد حيال الحدث الأميركي، فالدول الفاقدة المناعة تنتظر دومًا على قارعة الأرصفة الدولية، فكيف إذا كانت كلبنان، تواجه جهنّمًا ماليًا وسياسيًّا غير مسبوق. ولكن السؤال هل فعلًا سنشهد تغييرًا جذريًا في التعاطي الأميركي حيال لبنان مع بايدن؟ هل ستختلف السياسة الأميركية؟ هل ستنكفىء سياسة العقوبات وتنتهي مفاعيل قيصر وماغنتسكي؟ وهل تخلي إدارة بايدن الساحة اللبنانية لطهران؟
المحامي أمين سلام، لبناني أميركي مختص بالشأن الأميركي، يصف اعتقاد البعض بأنّ وصول بايدن سيحدث تغييرًا تجاه لبنان بأنّه خاطىء “لن نلمس تغيرات جذرية حيال لبنان مختلفة عن المسار الذي أرساه ترامب، كما أنّ العقوبات لا تتغير بين إدارة وأخرى بشكل مفاجىء، بل على العكس من ذلك الإدارة الأميركية تبني على ما تحقّق في ظلّ السنوات الأربع، وتستثمرها في السياسة الخارجية”.
سلام وفي حديث لـ”لبنان 24″ لفت إلى أنّ السياسة الخارجية الأميركية بطبيعة الحال تتمايز بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ولكنّ التعديل بسيط جدًا حيال المصالح الأميركية الشرق أوسطية، وهذه المصالح هي نفسها، المتغير الوحيد هو أسلوب التعامل، وهذا لا ينعكس مباشرة على لبنان بتعامل مختلف”.
أضاف سلام “ما أعرفه من أوساط البيت الأبيض أنّ الديمقراطيين في ولايتي أوباما، بمن فيهم جو بايدن، كانوا يودّون التعامل بقوّة أكبر حيال الملف السوري أو لجهة فرض عقوبات أقسى على إيران، لكنّهم لم يمتلكوا القدرة أو الجرأة، وبالتالي ما حقّقه ترامب بمثابة هدية لهم للبناء عليها. كما أنّ ترامب بحكم سياسته وشدّته تجاه الملف الإيراني وقضية السلام يكون قد سلّم بايدن ورقة أقوى للتفاوض، والسقف أضحى أعلى بكثير مما كان عليه في عهد أوباما، وبطبيعة الحال لن يعود بايدن إلى ما تحقق في حقبة أوباما بل إلى ما تحقق في عهد ترامب، وسيكون هناك شدّة تجاه ايران وملفها النووي، وشدّة مماثلة حيال انتهاكات حقوق الإنسان في كلّ من إيران وسوريا وتركيا ولبنان”.
ماذا عن التداعيات على مسار الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل، الذي انطلق عشية الإنتخابات الأميركية؟
مسار الترسيم لن يطرأ عليه أيّ تعديل، وفق سلام، وهو متفق عليه في أروقة البيت الأبيض ووزارة الخارجية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لمصلحة اسرائيل حليفهم الأول في المنطقة “وفي هذا المجال أيضًا، ستستفيد الإدارة الجديدة من الخطوات التي تحقّقت في ظلّ إدارة ترامب، لتبني عليها للوصول إلى حلّ. والمتغير الوحيد المحتمل الذي قد يؤثر على الترسيم هو الشأن الداخلي اللبناني، إن لجهة خلق نزاع على الحدود من أحزاب جديدة، أو لجهة مجريات عملية تأليف الحكومة. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ طلبًا أميركيًا مباشرًا وصل للرئيس نبيه بري للمساهمة في عملية الترسيم، كونه الدبلوماسي السياسي وحليف الحزب، وفي حال حصلت عرقلة لبنانية سنرى عقوبات أقسى وأقوى لا علاقة لها ببايدن ولا بترامب، وقطارالترسيم سالك “.
بأيّ حال حريّ بالطبقة الحاكمة أن تنصرف لمعالجة أزمتنا المالية والإقتصادية التي افتعلتها بفسادها في الكهرباء والتهريب وغيرهما، وجلبت بأدائها “القوي” الويلات للوطن وأبنائه، بدل التلهّي بالمراهنة على تغيرات خارجية، بغية استثمارها في مصلحتها الشخصية وصراعاتها الداخلية، بعيدًا كل البعد عن مصلحة لبنان.