قوات الأسد تستعد لاقتحام بلدة شرقي درعا
النشرة الدولية –
منذ توقيع اتفاق “التسوية” في عام 2018 وحتى الآن لم تهدأ محافظة درعا، ولم تشهد أي استقرار، بل على العكس لم يخل مشهدها من عمليات اقتحامٍ ومداهمات من قوات الأسد بين الفترة والأخرى، وإلى جانب ذلك عكّر جوها قاتلٌ “خفي” ما تزال هويته مجهولة، وأقدم على سلسلة من حوادث الاغتيال، طالت عسكريين من الطرفين (النظام، المعارضة) ومدنيين ونشطاء إعلاميين ومحليين.
وكان المرجو من اتفاق “التسوية” حين توقيعه فرض حالة من الاستقرار في المحافظة التي كانت أجزاء كبيرة منها خارجة عن سيطرة نظام الأسد، على أن يتبع ذلك تسوية أوضاع المطلوبين أمنياً، وإعادة الخدمات وإصلاح البنى التحتية، لكن جميعها لم يطبّق على أرض الواقع، على خلفية عدة أسباب، أبرزها عدم التزام النظام السوري بأيٍ من المطالب، وخاصة الإفراج عن المعتقلين ووقف عمليات المداهمة والاقتحام.
وتعتبر بلدة الكرك الشرقي في الريف الشرقي لدرعا أحدث المناطق وأشدها توترا اليوم، مع نية نظام الأسد اقتحامها، وهي خطوة من المفترض أن يقدم عليها، في الساعات المقبلة، بعد استقدام تعزيزات كبيرة إلى محيطها، وإغلاقه لجميع المداخل والمخارج الواصلة إليها.
ويقول مصدر إعلامي من درعا في تصريحات لـ “موقع الحرة” إن قوات الأسد تحضّر بشكل فعلي على الأرض لاقتحام البلدة الواقعة في الريف الشرقي، وذلك من أجل تفتيشها بالكامل، ولإلقاء القبض على قائمة من المطلوبين، متهمين بقتل عناصر وضباط في “الجيش السوري”.
ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن قوات الأسد ومنذ ساعات الصباح استقدمت تعزيزات عسكرية من مطار الثعلة الواقع في ريف مدينة السويداء، من “الفرقة الرابعة” وفرع “المخابرات الجوية”، كما عززت الحاجز الواقع في مدخلها برشاشات نوع “23” وعشرات العناصر والجند.
وترتبط استعدادات قوات الأسد لاقتحام بلدة “الكرك الشرقي” بالحادثة التي شهدتها منذ يومين، إذ أقدم مسلحون منها على قتل ضابطين وإصابة عدد من العناصر، المتواجدين على حاجز “المخابرات الجوية”، الواقع في مدخلها.
وجاءت حادثة مقتل الضابطين ضمن توتر عسكري شهدته البلدة، في نوع من “المؤازرة” لأحياء درعا البلد، والتي كانت تشهد بالتزامن عمليات دهم واعتقال من جانب قوات الأسد، وذلك للمرة الأولى منذ سنوات.
سيناريو مشابه
السيناريو الذي تشهده بلدة “الكرك الشرقي” في الوقت الحالي يشابه ما شهدته مناطق وبلدات أخرى في محافظة درعا، في الأشهر الماضية، وخاصةً مدينة الصنمين ومنطقة المزيريب، الواقعة في الريف الغربي لدرعا.
وكانت قوات الأسد قد فرضت اتفاقا في مدينة الصنمين، في مارس الماضي، قضى بخروج 21 مقاتلا من المدينة، وتسوية أوضاع من اتفق على بقائهم في المنطقة، وجاء الاتفاق بعد عملية اقتحام نفذتها قوات الأسد اتجاه المدينة، بعد إغلاق مداخلها ومخارجها بشكل كامل.
وبحسب المصدر الذي تحدث لـ “موقع الحرة”: “هناك مفاوضات تدور بين وجهاء من المنطقة وضباط من قوات الأسد، في خطوة لمنع الاقتحام، لصالح فرض اتفاق يشابه ما شهدته الصنمين ومناطق الريف الغربي لدرعا”.
ويشير المصدر إلى أن قوات الأسد طالبت خلال المفاوضات بتسليم جميع قطع السلاح في بلدة “الكرك الشرقي”، وتسليم المسلحين الذين أقدموا على قتل ضباط “المخابرات الجوية” على الحاجز الواقع في مدخل البلدة.
بماذا يختلف مشهد درعا؟
اتفاق “التسوية” في درعا يحظى بتمييزٍ عن باقي اتفاقيات “التسوية” التي وقعتها فصائل المعارضة مع قوات الأسد وروسيا، وبحسب وجهة نظر الكاتب والصحفي، محمد العويد فإن واقع “التسوية” في درعا نتج عنه تقسيم مدن المحافظة إلى مناطق نفوذ متفرقة، كدرعا البلد والصنمين والريف الغربي والريف الشرقي.
ويضيف العويد، الذي ينحدر من مدينة درعا، في تصريحات لـ “موقع الحرة”: “نظام الأسد يريد تسليم جثث الضابطين الذين قتلوا على حاجز مدخل الكرك الشرقي، وتبين له أن الفرصة مواتية له في الوقت الحالي لفرض ما يريده من المدينة، كما حصل في الصنمين وغيرها”.
ويستبعد الكاتب والصحفي إقدام قوات الأسد على اقتحام بلدة “الكرك الشرقي” بشكل فوري وبصورة عسكرية كبيرة، معتبرا أن التعزيزات التي وصلت إلى محيطها عبارة عن “استعراض للضغط”، وقد تنتهي الأمور بوساطة من قبل “اللواء الثامن” التابع لـ “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا.
ويقود “اللواء الثامن” القيادي السابق في المعارضة “أحمد العودة”، وهو من الشخصيات البارزة التي دخلت في اتفاق “التسوية”، وباتت محسوبة على الجانب الروسي، بعد عمليات التنسيق والدعم التي شهدتها الأشهر الماضية.
ويوضح العويد أن بلدة “الكرك الشرقي” تعتبر ضمن نفوذ “الفيلق الخامس”، والذي قد يتدخل في الساعات المقبلة كوسيط، من أجل فرض اتفاق ينهي التوتر العسكري، لكن دون أن تتضح ملامحه.