أي تسعة عشر تقودنا .. المجلس ..كورونا .. الزبانية!؟* صالح الراشد

النشرة الدولية –

انتهت الإنتخابات الأردنية لمجلس النواب التاسع عشر في عصر  كوفيد التاسع عشر  وكأن القدر يجمع علينا مصيبتين، إنتهت بإخفاق كبير ومتلاحق، فقانون الإنتخاب لا زال عقيماً وغير قادر على إفراز مجلس قوي قادر على مراقبة الأداء الحكومي وسن التشريعات التي تنهض بالوطن وتمنع الفاسدين من التغول على مقدرات الوطن، فالقانون يساهم في ترسيخ أسماء معينة ويخلق توليفة من الصعب عليها أن تجتمع على فكر متقارب، مما جعل الحكومات تُصر على الإبقاء على التوزيع الجغرافي والدوائر الوهمية لينتج لنا تُجار الوهم في مجلس هلامي.

 

الإنتخابات لن أقول فشلت لكنها لم تقترب من الحد الأدنى للطموح الأردني بسبب قرارات الرعب الحكومية من كورونا وفرض الحظر بعدها، ليشعر الأردنيون في غالبيتهم أنهم ذاهبون للموت وليس للإنتخابات، مما جعل نسبة الناخبين الأضعف في تاريخ الإنتخابات النيابية، وسبب ذلك عدم قدرة الحكومة على الإستفادة من خبرات الشعوب الأخرى في إدارة العملية الإنتخابية كالولايات المتحدة التي اعتمدت إرسال الترشُح بالبريد وهذا أمر من السهل القيام به واعتمدت أيضاً التصويت المباشر لمن أراد، وكان بقدرة الاردن إعتماد هذه الطريقة بكل سهولة باعتماد المراكز البريدية لاستلام دفاتر الإنتخاب وخلال فترة عشرة أيام قبل التصويت المباشر، كما كان بقدرة الاردن التي تعتمد على نظام التعليم عن بعد وضع برنامج خاص للتصويت الإلكتروني وبالتالي تضمن زيادة نسبة المشاركين بإعطاء فرص متقاربة للشعب في الإختيار وبالذات المرعوبين أو المصابين بالكورونا.

 

لكن الصندوق التي تضع الحكومات نفسها فيه يحجب قدرتهم على التفكير السليم لإنجاح العملية الإنتخابية ولإظهار التطور التكنولوجي والبريدي في البلاد، لذا وجدناها تسير على خطوات الحكومات السابقة وتضع قدمها حيث وضعها من سبقهم، ليتواصل الفشل تلو الفشل حتى وصلنا إلى نقطة لا يمكن الصمت عنها كونها تسلب حق الآخرين في التصويت ليكون المُنتج ضعيفاً وهذا ما سنشاهده في مجلس النواب التاسع عشر الذي لن تقل مصائبه عن كوفيد التاسع عشر .

 

المصيبة الأكبر أن الحكومة لم تستطع تطبيق قانون الدفاع الخاص بالحظر الليلي، ليحتفل العديد من أنصار النواب في الشوارع وهو أمر متوقع كون الانتخابات تشكل عند البعض اختيار السند والظهر لدعمهم عند الحاجة، كما حصل في قضية الخارجين عن القانون، وللحق والتاريخ فقد تحمل رجال الأمن العام العبء الأكبر حيث رافقوا العملية منذ الصباح الباكر، وقاموا بضبط أنفسهم في عمليات التجاوزات التي حصلت بعد صدور النتائج حتى لا تتفاقم المشاكل وتتحول إلى مواجهات، وهذه نقطة إيجابية تُحسب للجهاز الأمني بأكملة، وهي نقطة سلبية للحكومة التي فشلت في قراءة المشهد الأردني بطريقة صحيحة.

 

الإنتخابات انتهت رغم عدم قناعتنا بمخرجاتها، مما يوجب على أصحاب الفكر الراشد في الأردن والحكومة والمجلس الجديد البحث عن تعديل قانون الإنتخاب حتى يُصبح مقنعاً أكثر للشعب، وعليهم أن يُطوروا من طريقة الإقتراع تحسباً لأي أزمة قادمة كونها لن تتوقف في عالم مضطرب نعيش فيه وعلينا أن نتكيف مع إضطراباته مبكراً حتى لا نتوقف في عصر تطور الدول من عملها لأجل ديمومة البقاء.

 

هو الرقم “19” الذي سيلاحقنا في السنوات الأربع القادمة والتي تُمثل عمر المجلس وتوقعات العلماء لإنتهاء وباء كورونا، هو رقم المأساة العالمية، فهل يحمل مجلس الرقم ذاته مأساة جديدة للشعب؟، وكنت قد قلتها من قبل لقد أصبح الشعب قادراً على معرفة مضمون المكتوب من عنوانه الذي هو واضحاً وربما يتخذ القرارات الصعبة التي لوحت بها الحكومة منذ البداية، وقبل النهاية علينا أن نتذكر أن خزنة النار “١٩” أيضاً لقول الله تعالى “وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر، لواحة للبشر، عليها تسعة عشر “، ليكون السؤال في أي تسعة عشر أصبحنا ومن منها سيقود حياتنا..؟!!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button