سعادة السفير… الذاكرة الوطنية لا تموت* حمزة عليان
النشرة الدولية –
الحقيقة أن ولادة جمعية الصداقة الكويتية- الإيطالية أتت في ظروف صعبة لكنها زرعت بذرة طيبة، واستمرت سنوات بعد أن خرجت من مدينة فلورانس، مهد الحضارة الغربية، والتي احتضنت الجمعية قبل نحو 29 عاماً، وتآخت مع مدينة الكويت عندما كانت تحت الاحتلال لتبقى رمزاً للتضامن الحضاري.
لا نحتاج إلى قاموس إنكليزي- عربي لترجمة معنى جمعية الصداقة، فهي بجذورها عربية أصيلة، فالصداقة من سمات الشخصية العربية، هكذا حدثنا أجدادنا وهكذا فهمناها، لكن قد نحتاج إلى ترجمة المعنى إلى واقع وممارسة، فالشعوب تختار الصداقة للتقارب، والتجارب ماثلة أمام أعيننا.
فجمعيات الصداقة وجدت في إطار ما يعرف بالدبلوماسية الشعبية التي هي رديف للدبلوماسية السياسية التي تخطها وتختص بها الدولة ذات السيادة، ومصطلح الدبلوماسية الشعبية متداول ومعروف ويستخدم على نطاق واسع، وهناك من يطلق عليه اسم الدبلوماسية المفتوحة، وهو وصف أقرب للمحاكاة بين الناس.
ما دفعني لكتابة هذا المقال، جزء منه مرتبط بمراسل صحيفة الـ “كريستيان ساينس مونيتور” والذي كتب مقالة له عام 1928 وأنقلها بدوري عن دراسة المختص “عماد المديفر” تحت عنوان “زمن الدبلوماسية الشعبية”، ونال عليها جائزة المقالة في الصحافة، لأنه أظهر فيها الواجب الأخلاقي لوسائل الإعلام والتي تخدم علاقات الدول والشعوب، وبحسب التطبيقات المتصلة بالدبلوماسية الشعبية والإعلام الجديد كدبلوماسية الفنون، ونضيف إليها دبلوماسية الثقافة والرياضة ولعبة البينغ بونغ التي مهدت للعلاقات بين أميركا والصين في عهد ماوتسي تونغ.
التطرق إلى هذا الموضوع مرتبط بأصحابه الأحياء منهم والأموات، وأخص بالذكر المرحوم السفير أحمد غيث والذي كان وراء إنشاء جمعية الصداقة الكويتية- الإيطالية، وكذلك السفير الحالي في كوبا السيد محمد فاضل خلف وكان السكرتير الثاني للسفير غيث عندما كان يمثل دولة الكويت في إيطاليا إلى جانب السكرتير الأول، السفير فيما بعد مجدي الظفيري، أتذكر كلام السفير أحمد غيث والذي تحدث به إلى صحيفة “القبس” بقوله “إن الزمن لن يمسح من الذاكرة أعمال اللجنة ومواقفها المشرفة تجاه الكويت، فالإيطاليون من الشعوب الصديقة التي وقفت إلى جانبنا في عملية التحرير، وما قامت به من عمل شجاع يعبر عن نبل الشعب الإيطالي وموقفه الخالص بجانب الكويت.
الحقيقة أن ولادة هذه الجمعية أتت في ظروف صعبة لكنها زرعت بذرة طيبة، واستمرت سنوات بعد أن خرجت من مدينة فلورانس، مهد الحضارة الغربية، والتي احتضنت الجمعية قبل نحو 29 عاماً، وتآخت مع مدينة الكويت عندما كانت تحت الاحتلال لتبقى رمزاً للتضامن الحضاري.
عن تلك المرحلة يحدثنا السفير محمد خلف “كانت أبواب إيطاليا مفتوحة للسفير أحمد غيث، الذي التقى ببيرلسكوني، وهو بدروه وضع كل القنوات التابعة له، وكان إمبراطور الإعلام في إيطاليا في خدمة الكويت، وعندما زار السفير غيث رئيس الجمهورية الإيطالية حينذاك مازحه قائلاً يا سعادة السفير: صرت تطلع أكثر مني في التلفزيون”.
كان رئيس الجمعية صحافيا إيطاليا مخضرما، وهو من تولى تأسيسها ورئاستها ويدعى “بيير أندريا فاني”، وهو مواظب ومستمر في لقاءاته ونشاطاته في إظهار هذا التناغم بين الشعبين الكويتي والإيطالي، وأصدر ثلاثة كتب حول ما قدمته من أعمال، وعملت على استضافة وفود ثقافية وفنية، وقامت بتكريم شخصيات كويتية، أمثال د. خليفة الوقيان.
استمرت الجمعية طوال السنوات السابقة، لكنها تعرضت إلى انتكاسة من شأنها أن تتوقف عن أي نشاط، وقد تتعرض للإقفال، بسبب عدم المبالاة، وهذا أمر نحتسبه عند أصحاب القرار والذين نعول على نظرتهم وتفهمهم من أجل إبقاء هذه المنارة مضيئة، فالمحافظة على قنوات الدبلوماسية الشعبية في النهاية يصب في مصلحة الكويت وسياستها الخارجية، ولا سيما في الساحة الإيطالية.