خواطر من صدى الروح* رمزي سلوان
النشرة الدولية –
لما قرّر شريف يهاجر ويترك البلد .. في كتير لاموه انو هربان.. وانو تارك اهلو و وطنو.. بَسْ العَوَز والفقر والقِلّة ما بيرحمو …
سافر والغصة بقلبو .. بس ما كان عندو خيار .. ما بقى في بركة بالبلد.. ولا شغل.. ولا أمل .. أهلو طلعو عل التقاعد.. وبطّل عندن مدخول … بيّو كان موظف بمعمل نجارة صغير.. وأمّو كانت معلمة بمدرسة .. بس هلأ الهن سنين قاعدين بالبيت بلا مدخول …
اشتغل بالغربة سنين.. ما استحى .. جرّب كل المهن.. اشتغل بتنظيف البيوت .. وعلى محطات البنزين .. وبالمطاعم .. وبالطرش .. وبقصّ عشب الجنينات.. ويا ما إيام كان ينام بلا عشا.. واوقات بلا سقف فوق راسو.. بس عطول كان ينام وبقلبو صورة بيو وامو .. والأمل انو رح يرجع يشوفون من جديد .. وانو يعيّشهن حياة كريمة …
وكان كل ست أشهر يبعت مصاري لأهلو .. يكفوهن اكل وادوية ومازوت للصوبيا.. وهنّي كانو عايشين ع امل يرجع ابنهم من المهجر ويشوفو …
مرقت السنين.. وختيرو اهلو .. و وقت قِدر يجمع قرشين ت يرجع ع بلدو.. قطع تذكرة سفر .. وما خبّر أهلو.. قرّر يفاجأهن…
وصل عل ضيعة .. ما عرفها.. كل شي فيها تغيّر … الطرقات .. السجر .. البيوت.. نبعة المي .. صوت جرس الكنيسة… كلها تغيّرت عليه.. ختيرت .. نزل من سيارة الإجرة.. ومشي صوب البيت يلّي ربي فيه .. ولمّن وصل قدّام البيت .. اختفت البسمة من وجّو …
حيطان البيت مفسّخة .. القرميد مكسّر .. الشبابيك مخلّعةً.. والباب مفتوح.. وسمع دعسة إجر ورا عل ورق السجر اليابس .. برم.. شاف مختار الضيعة واقف ووجّو اسود .. ما كان في لزوم يحكي ويخبّر .. دغري فهم كل شي .. عرف انو ما حدن رح يركض ويستقبلو .. عرف انو أهلو ماتو بهونيك ليلة شتي لمّن كان بعيد عنّن .. عرف انو شقفة منو اندفنت هون بغيابو … شقفة راحت مع الريح وما رح ترجع أبداً …
كرجو دموعو ع خدودو.. وصار يشهق متل الطفل الصغير.. وركع ع تراب المسكبة منهار .. واطلّع بالسما وصلّى .. وبهل لحظة اسودّت الدني.. وطلع هوا غربي.. وبلّشت الدني تشتي زخّ.. وسمع صوت من السما عم يقلّو : ” ما تبكي علينا يا ابني.. نحن أخيرا بسلام .. ورح نضلّ عايشين بقلبك وروحك .. لحين ما نلتقي هون شي نهار… ”