القراءة الانتخابية للقوى والأحزاب السياسية الأردنية في انتخابات 2020* د. دانيلا عدنان محمد القرعان
النشرة الدولية –
من أبرز ما حملته الانتخابات البرلمانية الراهنة على المستوى السياسي فيما يتعلق بالقوى السياسية تمثلت بهزيمة تيار الدولة المدنية،هذا التيار الذي جاء برئيس الوزراء السابق عمر الرزاز الى رئاسة الحكومة، وبتقديري فشل تيار الدولة المدنية الذي طرح شعار «معا « في الانتخابات السابقة والحالية يعود الى الصراعات الداخلية التي عصفت بتيار الدولة المدنية وخروج عدد من أبرز مؤسسيه ومنهم وزير خارجية الأردن الأسبق وأول سفير أردني لدى تل أبيب الدكتور مروان المعشر، هذا بالوقت الذي حافظ فيه حزب جبهة العمل الاسلامي على مقاعده الانتخابية التي فاز بها في الانتخابات البرلمانية السابقة وطرح مرشحيه من خلال كتل الإصلاح في مختلف الدوائر في المملكة.
رغم طرح العديد من الأحزاب السياسية الأخرى مرشحين لهم في غالبية الدوائر الإنتخابية إلا أن حضورهم في المشهد الإنتخابي كان ضعيفًا وغالبية مرشحيهم خاضوا الإنتخابات تحت أسس عشائرية وجهوية ومناطقية.
أشير هنا الى أمر هام وهو أن نسبة القوى السياسية التي خاضت الانتخابات من مجموع المترشحين وتمثل كافة الأحزاب الوسطية والسيارية والقومية والإسلامية قد بلغت 24 %ولم تتجاوز نسبة الذين نجحوا في الانتخابات 16 % أغلبهم من الإسلاميين والقوى الوسطية او الوطنية مما يصطلح على تسميتها.
على الجهة الاخرى فان مرشحي القوى السياسية اليسارية والقومية فلم يكن لها حضور،فإذا نظرنا الى مرشحي الحزب الديمقراطي الإجتماعي والحزب الشيوعي الأردني اللذين خاضا الإنتخابات في عدد محدود من الدوائر الإنتخابية داخل العاصمة عمان وخارجها نجد أنهما لم يتمكنا من إيصال أي مرشح لقبة البرلمان فقد خسرت هذه القوى الإنتخابات لصالح القوى العشائرية والجهوية.كما يلاحظ أيضًا أن بعض القوائم الانتخابية المتجانسة استطاعت أن تفزر نائبين وأكثر داخل الكتلة. ورغم الجهود المبذولة من الجهات الأمنية لمحاربة المال السياسي وشراء ذمم الناخبين واستغلال فقرهم وأوضاعهم المعيشية إلا أنه وللأسف كان حاضرًا في العديد من الدوائر الإنتخابية وخاصة في المدن الكبري ومراكز المحافظات.
وهناك أمر آخر وهو انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات حيث صوت ما يقارب مليون و400 ألف ناخب وناخبة من أصل أربعة ملايين و670 ألف مسجلين ويحق لهم الاقتراع فقد بلغت نسبة التصويت 29 % فقط وهي أقل نسبة مشاركة منذ إنتخابات عام 1989.
عدم ناجح أي سيده بالتنافس الحر وجميع السيدات وعددهم 15 فازوا بالكوتا بخلاف الانتخابات السابقة حيث كانت السيدات 18 ثلاثة منهم فازوا بالتنافس الحر وحصلوا على أعلى الأصوات في قوائمهم.
وعدد الوجوه الجديدة في المجلس حوالي 100 نائب جديد يدخلون مجلس النواب التاسع عشر لأول مرة،وهذا يعني انه يوجد تغير حقيقي حيث لم يحالف الحظ العديد من النواب اللذين تعودنا ان نراهم في كل مجلس.
ورغم انخفاض نسبة الاقتراع عن الانتخابات السابقة الا ان الملاحظ ان الشباب كان اكثر فاعلية في هذه الانتخابات فقد اشارت المؤشرات الى انخفاض نسبة مشاركة كبار السن بواقع 12% وهذا قد يعود الى تخوفهم من الإصابات بوباء كورونا الذي يعد تأثيره اكبر على كبار السن.ومن الملاحظ ايضا في نتائج الانتخابات هو خسارة ابرز قادة قوائم التيار الاسلامي الاخواني قائمة الاصلاح في العاصمة عمان.
إن مجلس النواب الجديد لديه تحديات كبيرة يجب أن يتعامل معها بحكمة ومسؤولية وطنية وعليه ايضًا أن يعطي القضية الفلسطينية أولى الأولويات وأن يعيد الثقة الشعبية بمجالس النواب هذه الثقة التي فقدت نتيجة ضعف الأداء وبحث غالبية النواب عن مكاسبهم ومصالحهم الخاصة.