د.جنان الحربي: قررت الهجرة لأنني أتعرض للتنمر في «ديرتي»
النشرة الدولية –
أعربت أستاذة قسم العلوم في كلية التربية الأساسية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب د. جنان الحربي عن استيائها مما تتعرض له من حالات تنمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي نتيجة عدم وعي البعض بأهمية «علم الحشرات»، لافتة إلى أنها تفكر جديا في الهجرة والانتساب إلى إحدى الجامعات العالمية أو الخليجية المهتمة بهذا التخصص النادر المتعلق بفسيولوجية وأيكولوجية الحشرات.
وأضافت د.الحربي، في لقاء خاص مع «الأنباء»، أنها لا ترغب في أن تجعل شهادتها مجرد ورقة حبيسة الأدراج، مشيرة إلى أنه، وفي الكويت للأسف، تنقصنا المختبرات والمعامل البحثية الأكاديمية المتخصصة المجهزة بأحدث التقنيات والأجهزة في هذا المجال لتدريس ودراسة هذا العلم المهم والمتداخل مع الكثير من العلوم البشرية الأخرى المؤثرة في حياتنا اليومية.
د.جنان الحربي لـ «الأنباء»: قررت الهجرة لأنني أتعرض للتنمر في «ديرتي».. وأرفض أن تكون شهادتي حبيسة الأدراج
https://t.co/ssdKXyduX4 pic.twitter.com/RBGvYFNCGj
— الأنباء (@AlAnba_News_KW) November 14, 2020
الحربي أشارت خلال اللقاء إلى أن الحشرات واحدة من الكائنات الحية الناقلة للبكتيريا والفيروسات، لافتة إلى إمكانية انتقال «كورونا» من شخص الى آخر عبر الذباب في حالة واحدة، ألا وهي حالة ملامسته لدم شخص مصاب. تفاصيل هذه الأمور وغيرها مما تطرق إليه اللقاء في السطور التالية.
في البداية، دكتورة هل لك أن تحدثينا أكثر عن «علم الحشرات» ومجالات العمل الخاصة بهذا التخصص النادر؟
٭ يعد علم الحشرات أحد التخصصات العلمية النادرة جدا في الكويت وفي معظم دولنا العربية، وذلك على الرغم من أهمية هذا التخصص الذي يهتم بدراسة الوظائف الحيوية لجسم الحشرات، ومدى تأثير البيئة الخارجية عليها مثل العوامل الفيزيائية والحرارة والرطوبة والأمطار، بالإضافة إلى دراسة دورة حياة الحشرات والتنافس فيما بينها، إلى جانب عمليات أخرى مثل الافتراس وطرق انتقال الأمراض من خلال هذه الحشرات.
جدير بالذكر أنني أحمل شهادة الدكتوراه في فسيولوجية وأيكولوجية الحشرات، حيث لا يوجد في الكويت أي أكاديمي يحمل مثل هذا التخصص النادر والمميز، فللأسف نعاني من ندرة الكوادر الفنية المختصة في هذا المجال، خاصة النسائية منها، ففي وقتنا الحالي لدينا دكتورة واحدة فقط في جامعة الكويت وهي د.وسمية الحوطي، إلى جانب تواجدي وتدريسي بكلية التربية الأساسية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
تخصص مميز
ماذا عن مسيرتك العلمية، وكيف بدأتِ بالوصول إلى درجة الدكتوراه في هذا التخصص؟
٭ في البداية، قمت بدراسة مادة تصنيف الحشرات في جامعة الكويت، لأحصل بعد ذلك على ماجستير في علم وظائف الحيوانات، ومن ثم تم ابتعاثي عبر الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، وذلك للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه في علم الحشرات، خاصة أن هذا التخصص النادر والمميز يحظى باهتمام وشأن كبيرين في معظم دول العالم.
ولكن، للأسف فإن هذا التخصص من التخصصات «المهضوم حقها» في الكويت، إذ نجد أن المهتمين بمجال البيئة بشكل عام هم من يتحدثون عن الجائحة الحشرية وهو خطأ كبير وشائع في الكويت، فأصحاب التخصص من أساتذة علم الحشرات هم من لهم الحق في ذلك، كما من حقنا التحدث بأسلوب علمي أيضا عن الحيوانات بجميع أنواعها وكذلك عن الوظائف الحيوية لجسم الإنسان.
وأنا شخصيا أعاني من الانتقادات والتي أجدها عند الحديث عن الحيوانات على الرغم من أنه أحد اختصاصاتي الأساسية.
التنمر والهجرة
تحدثتِ في تغريدة سابقة على حسابك عبر «تويتر» عن رغبتك في الهجرة إلى إحدى الدول العربية أو الأجنبية.. فما السبب وراء ذلك؟
٭ نعم، بالفعل أفكر في الهجرة وقد راسلت عددا من الجامعات العالمية والخليجية بهذا الشأن وفي انتظار ردهم، فهل يعقل أن أتعرض بشكل يومي للتنمر في «ديرتي» وكذلك من زملائي لعدم وعي البعض بأهمية «علم الحشرات»؟!
ومن الأمور المزعجة أيضا والتي تدفعني إلى الهجرة هو عدم تدريسي لمادة الحشرات في كلية التربية الأساسية حتى الآن، فلماذا كل هذا العناء.. على الرغم من حصولي على شهادات معتمدة من أفضل وأرقى الجامعات العالمية في هذا التخصص النادر؟! فما أتعرض له يعد إجحافا لحقي كإنسانة أكاديمية متخصصة في أحد العلوم النادرة والمهمة للغاية.
ما مدى حاجة الكويت إلى المتخصصين في علوم الحشرات؟
٭ الحشرات واحدة من الكائنات الحية المهمة والمؤثرة بشكل كبير في حياة الإنسان وكل الكائنات الأخرى على وجه الكرة الأرضة، حيث تشير الدراسات إلى أن أكثر من 80% من الكائنات الحية هي من سلالة الحشرات، فضلا عن أن الحشرات مرتبطة ارتباطا كليا بالبيئة المحيطة بها، هي ترتبط بالإنسان والنبات والحيوان، وذلك باعتبارها من مسببات الأمراض التي قد تنتشر في النباتات والحيوانات أيضا.
كما أن الحشرات تعد من الكائنات الحية الناقلة للأمراض التي قد تصيب أو تنتقل للإنسان، ولهذه الأسباب فنحن في أمس الحاجة إلى المختصين في هذا المجال لإجراء الأبحاث والدراسات عن الحشرات المتواجدة في الكويت ودراسة مدى خطورتها على البيئة المحيطة بها.
نقص الوعي
ماذا عن تقييمك لنسبة وعي المواطنين والمقيمين مع المعلومات الخاصة بالحشرات وآلية القضاء عليها؟
٭ للأسف وجدت الكثير من المواطنين والمقيمين لدينا لا يعلمون الكثير عن الحشرات وكيفية نشأتها والسبب في تواجدها وكيفية التعامل معها، فالأغلبية يلجأون إلى أسهل الحلول وأكثرها ضرارا، ألا وهي المبيدات الحشرية، وذلك دون معرفة بخطورة هذه المبيدات وفعاليتها على الحشرة المتواجدة لديهم، وهنا يأتي دورنا التعريفي والتثقيفي والإرشادي كمتخصصين في مثل هذا المجال.
فما الامكانيات اللازمة والتي بحاجة لها الكويت لمواكبة التطور الكبير في مثل هذه العلوم وبالتحديد علم الحشرات؟
٭ في الكويت تنقصنا المختبرات والمعامل البحثية الأكاديمية المتخصصة المجهزة بأحدث التقنيات والأجهزة في هذا المجال لتدريس ودراسة علم الحشرات، كما أننا في حاجة إلى مزارع لتربية الحشرات بهدف إجراء الأبحاث العلمية ذات القيمة العلمية المفيدة، بينما يعود السبب وراء هذا النقص في الامكانيات إلى ارتفاع أسعار الأجهزة المستخدمة في مثل هذا المجال.
الحشرات و«كورونا»
في ظل انتشار جائحة «كوفيد ـ 19» على مستوى العالم.. هل للحشرات دور في انتقال هذا الفيروس؟
٭ بالتأكيد، فمن المتعارف عليه أن الحشرات واحدة من الكائنات الحية الناقلة للبكتريا والفيروسات، أما بخصوص كورونا فهناك العديد من التجارب المختبرية الحديثة التي أثبتت إمكانية نقل الذباب لهذا الفيروس إلى «غير المصابين» في حالة ملامسته لدم الشخص مصاب.
ما نصيحتك للمواطنين والمقيمين خلال هذا الوقت من العام.. خاصة أن فصل الشتاء على الأبواب؟
٭ بالفعل نحن على أبواب دخول فصل الشتاء الذي يعد موسم التكاثر لأغلب الحشرات التي تقوم بوضع البيض تحضيرا لدخولها في البيات الشتوي، ولذلك أنصح المواطنين بالتنظيف المستمر والرجوع لاستخدام المكنسة الكهربائية، لأن الحشرات أصبحت تخزن وتخفي البيض في الخزائن والسجاد والأسرة، وهو ما يجعل المكنسة الكهربائية في غاية الأهمية إلى جانب العمل على تهوية جميع مرافق المنزل بشكل مستمر.
أول كويتية وخليجية تقوم بعمل تصوير مقطعي لحشرة الجرادة من دون أن تموت
لدى سؤال خبيرة الحشرات وأستاذة العلوم في «التطبيقي» د.جنان الحربي عن آخر الانجازات العلمية والأبحاث التي قدمتها عددت الكثير منها، حيث قالت: على صعيد الانجازات، أنا أول دكتورة كويتية وخليجية عربية تقوم بعمل تصوير مقطعي لحشرة الجرادة في تخدير مؤقت من دون أن تموت، وذلك في أحد المعامل البريطانية وقد تم عرض هذا البحث في إحدى الجامعات الفرنسية بنجاح، كما قمت بتحفيز الجهاز المناعي لحشرة الماندو من خلال مجموعة من المايكروبات لتتبع الأجسام المضادة التي تنتجها هذه الحشرة، وهو تقريبا مماثل لما يقوم به العلماء الآن في تحضير الأجسام المضادة لـ«كوفيد ـ 19».
وأضافت: أما على صعيد المشاريع البحثية، فقدمت العديد من الأبحاث العلمية عن الحشرات، والتي تأتي في مقدمتها النمل والزهيوي والجراد والذبابة البيضاء، وذلك بدعم من مؤسسة البحث العلمي والهيئة العامة للتعليم التطبيقي.
وتابعت الحربي: على الصعيد المحلي أيضا، قدمت مؤخرا بحثا علميا عن الآفات المنزلية، وكيفية التعامل معها من قبل المواطنين والمقيمين، إذ يهدف هذا البحث إلى التوعية بشأن آلية استخدام المبيدات الحشرية وشركات مكافحة الحشرات، والنتائج بإذن الله سيتم الإعلان عنها قريبا.
جنان الحربي في سطور
٭ أستاذ مساعد في كلية التربية الأساسية.
٭ بكالوريوس جامعة الكويت تخصص علوم بيولوجية ـ تخصص علم النباتات.
٭ ماجستير جامعة الكويت – فسيولوجي (علم وظائف الجسم).
٭ أول عربية حاصلة على زمالة الجمعية الملكية للحشرات البريطانية.
٭ ماجستير علم وظائف الحشرات (جامعة باث في بريطانيا).
٭ الدكتوراه من الكلية الملكية الامبريالية لندن ـ علم وظائف الحشرات وبيئتها.