الأمن الديموقراطي هروب صوب الأمل والنجاة
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تختلف الدول في فهم معاني الأمن الديموقراطي وتفسره كل منها حسب حاجتها ورغباتها، فالبعض منها يعتبره قوة داعمة للدولة لتتخلص من المعارضين وأصحاب الفكر المُناهض لتوجهاتها، وهذا توجه قد يجد في بعض الأحيان القبول من الدول الحاكمة للعالم، وبالتالي فإن أي فكر ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية يكون فكر غير مقبول، ويحق للدول الخاضعة للسيطرة الأمريكية التتعامل معه كعدو للديموقراطية، فيما تعتقد الدول المعتمدة على الحوار البعيد عن العنف، بأن الأمن الديموقراطي إنتصارٌ للشعوب وحريتها في التعبير عن فكرها ورأيها، دون خوف من الإختفاء القصري أو مواجهة تهم يتم إختلاقها بطرق بدائية للزج بهم في السجون، والغريب أن بعض الدول لا زالت تختبيء خلف هذه الأساليب حيث يعتقد عدد من الديكتاتوريين القابضين على السُلطات أن الأمن يكون بفرض القوة والرعب، لتظهر الصورة المغايرة في الربيع العربي حين سقط كل من حاول البقاء في السلطة على أساس فرض القوة والرعب وكانت نهاية عدد منهم وخيمة، لذا فإن الفهم الصحيح للأمن الديموقراطي يكون مبنياً على إطلاق الحريات والإنتقال لمرحلة تبادل السلطة بطرق سلمية.
ووجهت الدول القوية في العالم ضربات متتالية لمن يحملون فكر مختلف عن توجهها، كونها تعتبر أن هذا الفكر يتعارض مع ديموقراطية الدولة وحرية غالبية الشعب في الرأي والعبادة وطرق ممارسة الحياة الإجتماعية، وذهبوا لأبعد من ذلك حين اعتبروا ان أي خارج عن هذا النمط عدو للديموقراطية التي يُريدها الشعب، وبالتالي أصبح مصطلح “الديموقراطية” مرتبط بقرار الأغلبية وهذا نهج سليم، أو بتوجهات القوى السياسية الحاكمة التي تُجيد التلاعب في المصطلحات والرغبات وهنا يتحول إلى ديكتاتورية مستترة، وبالتالي يتغير المعني الشمولي حين يتم ربط الديموقراطية بقوانين لا تجعلها ديموقراطية مُطلقة، مع العلم أن المعني الأعظم لها بأنها الوسيلة لتحقيق الأمن بمعناه الواسع وليس فقط العسكري، وذلك بقبول التنوع وتحمل الاختلاف في الرأي والحد من استعمال القوة.
وتكون الديموقراطية أشمل في حال تبني إستراتيجية شاملة تعتمد على إرساء الحوار الفكري، وترسيخ الديموقراطية بتعزيز القيم والسلوك وآليات الحوار القائمة على النقاش الحضاري المبني على البحث عن الحقيقة الكاملة، وبالتالي فإن الأمن الديموقراطي لا يأتي إلا عبر من الحلول والتغيرات التي تشمل حرية الفكر والرأي والعبادة على أن تكون مرتبطة بالمواطنة ومصلحة الشعوب الشمولية، وعندها ستكتمل المعادلة بأمان المجتمع وستتعزز المصطلحات الإنسانية كالحرية والعدل والكفاءة والإنصاف، وسينعم الجميع بالأمان الشمولي الذي يعتبر غاية الدول المتحضرة فكرياً وبدرجة أقل في الدول التي ترتقي بالمدنية الجامدة.