كيف يهدد اللقاح المحتمل بخسائر لكل المستفيدين من الأزمة خصوصا أسهم “البقاء في المنازل”؟

النشرة الدولية –

آثارت أنباء قرب التوصل للقاح فعال ضد فيروس “كوفيد-19” موجة من التفاؤل في الأسواق المالية حول العالم، مع موجات تصاعد الأمل بشأن نهاية قريبة للوباء.

لكن في الوقت الذي حققت فيه أسواق الأسهم مكاسب قوية بدعم اللقاح المرتقب، فإن بعض القطاعات التي استفادت سابقاً من تداعيات الأزمة وسياسة البقاء في المنازل تعرضت لضربة قوية مع عودة آمال العودة للحياة الطبيعية.

أعلنت شركة “فايزر” أن تجارب المرحلة الثالثة للقاحها المحتمل ضد فيروس “كورونا” بالاشتراك مع “بيونتيك” الألمانية أظهرت فاعلية تتجاوز 90% لمنع العدوى بالمرض.

تستعد الشركتان لطلب الحصول على ترخيص للقاح من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية خلال أيام، مع توقعات بحصولهما على تصريح لاستخدامه في حالات الطوارئ قبل نهاية نوفمبر.

من المتوقع أن يستمر مفعول اللقاح الجديد “بي إن تي 162 بي2” لمدة عام واحد تقريباً، مع عدم ظهور مخاوف خطيرة تتعلق بالسلامة في التجارب النهائية التي شارك فيها أكثر من 43 ألف شحص في عدة دول حول العالم.

توصلت شركتا “فايزر” و”بيونتيك” بالفعل لاتفاق مع الحكومة الأمريكية لتوفير 100 مليون جرعة من اللقاح المحتمل، بالإضافة إلى صفقات توريد أخرى مع الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وكندا واليابان.

تتوقع “فايزر” إنتاج ما قد يصل إلى 50 مليون جرعة من اللقاح قبل نهاية العام الحالي و1.3 مليار جرعة في 2021، مع حقيقة أن الأمر يتطلب حصول أي شخص على جرعتين يفصل بينهما أسبوعان لاكتساب مناعة من الفيروس في غضون ثمانية وعشرين يوما من الجرعة الثانية.

شهدت أسواق الأسهم العالمية مكاسب ملحوظة بعد إعلان أخبار اللقاح المنتظر، لتسجل معظم مؤشرات الأسهم صعودا قويا مع التفاؤل حيال الوضع الصحي وبالتبعية التعافي الاقتصادي المحتمل.

بالطبع، كان أبرز المستفيدين من هذه الأنباء الإيجابية هو سهم “فايزر” المطورة للقاح، والذي صعد بنحو 15% خلال جلسة إعلان فاعلية اللقاح قبل أن يقلص مكاسبه لـ7.7% عند نهاية التعاملات.

كما استفادت أسهم شركات الرحلات البحرية والخطوط الجوية من آمال نهاية الوباء وعودة الحياة لطبيعتها، خاصة فيما يتعلق بأنشطة السفر والترفيه والسياحة.

واستقبلت صناديق الاستثمار في الأسهم العالمية تدفقات نقدية قياسية بقيمة 44.5 مليار دولار في الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء الماضي، في الوقت الذي قلص فيه المستثمرون حيازتهم من السيولة النقدية بنحو 17.8 مليار دولار في نفس الفترة.

وفي جلسة الإثنين التاسع من نوفمبر – يوم إعلان تطورات لقاح فايزر – سجلت مؤشرات الأسهم الأوروبية مكاسب بنحو 4%، بينما صعد “داو جونز” بنسبة 2.9%.

وخلال تعاملات الأسبوع الماضي، حقق مؤشرا “إس أند بي 500″ الأوسع نطاقاً و”راسيل 2000” للأسهم الصغيرة مستويات قياسية بعد ارتفاع بنحو 2.2% و6.1% على الترتيب.

بعيدا عن أسواق الأسهم، كان النفط من أبرز الرابحين خلال جلسة التاسع من نوفمبر بمكاسب 7.5% لخام برنت القياسي و8.5% للخام الأمريكي “نايمكس”.

لكن رغم مكاسب الأسواق بصفة عامة، فإن المستثمرين اتجهوا بشكل خاص لشراء الأسهم التي تضررت سابقاً من الركود الاقتصادي جراء تداعيات الوباء، ومفضلين التخلي عن الشركات التي استفادت سابقا من الأزمة.

في التاسع من نوفمبر، تفوقت أسهم شركات القيمة وتلك المرتبطة بالدورات الاقتصادية على أسهم النمو بأكبر وتيرة يومية منذ عام 2000، مع توجه المستثمرين صوب الأعمال التي ستستفيد من إعادة فتح الاقتصاد بشكل طبيعي بعد اكتشاف وتوزيع اللقاح.

وهبط مؤشر “ناسداك” الذي يغلب عليه أسهم التكنولوجيا بنسبة 0.5% في الأسبوع الماضي، مع الضغوط القوية التي تعرضت لها شركات التقنية الأمريكية والتي سبق واستفادت من تداعيات الوباء وسياسة التعليم والعمل من المنزل.

شهد سهم “زووم فيديو” المالكة لتطبيق الاجتماعات الافتراضية هبوطاً بنسبة 19.3% في الأسبوع الماضي، ليسجل أكبر خسائره الأسبوعية منذ الطرح العام الأولي في أبريل عام 2019.

كما انخفض سهم “أمازون” بنحو 5.5% في أسبوع، وهبط “فيسبوك” بنسبة 5.6%، وتراجع “نتفليكس” بحوالي 6.5%.

قبل ظهور أخبار تطوير لقاح الوباء في بداية الأسبوع الماضي، حققت أسهم “زووم” و”أمازون” و”نتفليكس” صعوداً حاداً بنسب %635 و%79.2 و59% على الترتيب منذ بداية عام 2020، مستفيدة من البقاء في المنازل والخوف من تفشي الوباء.

انعكست خسائر أسهم شركات التكنولوجيا على ثروات مؤسسيها، حيث فقد مؤسس ورئيس “زووم” نحو 19% من ثروته ما يعادل 4.2 مليار دولار في الأسبوع الماضي.

كما خسر “جيف بيزوس” مؤسس شركة التجارة الإلكترونية “أمازون” حوالي 9.8 مليار دولار من ثروته، وفقد “مارك زوكربيرج” مؤسس شبكة التواصل الاجتماعي حوالي 6 مليارات دولار.

وبالإضافة لخسائر أسهم التكنولوجيا، ابتعد المستثمرون عن الملاذات الآمنة التقليدية مثل الين الياباني الذي تراجع بنحو 2% مقابل الدولار يوم إعلان تطورات اللقاح، بالإضافة إلى سندات الخزانة الأمريكية التي شهدت هبوطا ملحوظا ليصعد العائد بأكبر وتيرة يومية منذ مارس الماضي.

الذهب أيضاً كان له نصيب من الخسائر، حيث انخفض سعرالعقودالآجلة للذهب في يوم إعلان تطورات لقاح “فايزر”بنحو 5% أو ما يعادل 97.3 دولار، في أكبر هبوط يومي بالنسبة والقيمة الدولارية منذ عام 2013.

الواقع أن رغم أهمية التوصل للقاح فعال ضد “كوفيد-19″، فإن عقبة أخرى تنتظر العالم في رحلة وضع حد للوباء، والتي تتمثل في الجانب اللوجستي.

عملية نقل اللقاح بأمان من أماكن تصنيعه إلى مراكز التوزيع والعلاج ستتطلب إبقاءه محفوظا في درجة حرارة تقارب 70 تحت الصفر، ما يجعله بحاجة لمبردات خاصة لا تتوفر عادة في غالبية المستشفيات.

بالطبع، يمثل لقاح “فايزر- بيونتيك” تطوراً سلبيا لشركات أدوية منافسة لا تزال تسعى لتطوير علاج فعال ضد الفيروس، ما قد يفقدها سوقا واعدا يشكل مصدرا ضخما للإيرادات.

رغم العقبات، فإن هناك احتمالات لحدوث المزيد من التطورات الإيجابية فيما يتعلق باللقاحات خاصة من شركات تعمل على المراحل الأخير من تجاربها مثل “مودرينا” و”جونسون آند جونسون”.

من شأن هذه التطورات أن تدعم أسهم القيمة والتي تعرضت لخسائر فادحة جراء أزمة “كورونا”، في الوقت الذي سيبتعد فيه المستثمرون أكثر عن المستفيدين سابقاً من الوباء والمتضررين حاليا من آمال تحسن الوضع.

وكما تضررت أسهم قطاعات السفر والطاقة والبنوك خلال ذروة الوباء من عوامل مثل إغلاق الحدود وتشديد إجراءات السفر وضعف الطلب على الطاقة وانخفاض أسعار السلع الأساسية، فإنها ستكون أكثر الرابحين من العودة التدريجية المتوقعة للنشاط.

بشكل عام، يعني وجود لقاح ضد الوباء أن كل من استفاد من الأزمة سابقاً مثل الذهب والسندات الحكومية وشركات التكنولوجيا سيتحول للهبوط بشكل ملحوظ، في الوقت الذي ستعوض فيه الشركات المرتبطة بأداء الاقتصاد كثيرا من خسائرها المسجلة في الأشهر الماضية.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى