الانتخابات لن تجري في ٢٧ آذار والدستوري قد يفجّر أزمة جديدة.!
بقلم: اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

الثائر –

في ٣ تشرين الثاني ٢٠٢١ تم نشر قانون الانتخاب المعدّل في الجريدة الرسمية، والذي أصر عليه المجلس النيابي بعد أن كان قد رده رئيس الجمهورية. واستنفذ التيار الوطني الحر مهلة الخمسة عشر يوماً بالكامل الممنوحة للطعن ، ليتقدم بطعنه أمام المجلس الدستوري في اليوم الأخير، أي في ٢٠٢١/١١/١٨.

تركّز الطعن المقدم على عدة نقاط؛ أولها مخالفة المجلس النيابي لنص المادة ٥٧ من الدستور، باحتساب الأغلبية المطلقة من الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً، اللازمة لإعادة التصويت على القانون الذي يرده رئيس الجمهورية، استناداً إلى عدد الأعضاء الفعليين ( أي ٥٩ نائبا بدل ٦٥ نائباً)، بعد ان تم إسقاط المتوفين والمستقيلين، وليس على أساس عدد المقاعد البالغ ١٢٨. والنقطة الثانية هي تقصير المهل وتحديد ٢٧ آذار موعداً للانتخابات، وهو موعد يحرم عدداً من الشباب من المشاركة في الانتخابات، كون لوائح الشطب تصدر في ٣٠ آذار من كل عام، والنقطة الثالثة هي الغاء المقاعد الستة للمغتربين، وكذلك الغاء الميغاسنتر والبطاقة الممغنطة.

وفقاً للمادة ١٩ من الدستور، فإن مهمة المجلس الدستوري تنحصر بمراقبة دستوریة القوانین والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسیة والنیابیة. مما يعني أن المجلس سينظر في النقاط الواردة في الطعن أمامه، ومدى مخالفتها لنصوص الدستور، وعليه أن يبت في الأمر خلال مدة شهر من تاريخ تقديم الطعن، ويحتاج الاجتماع لحضور ٨ أعضاء على الأقل، أما التصويت فيتم بغالبية سبعة أعضاء من أصل عشرة.

سيقبل المجلس الدستوري الطعن بالشكل لوروده ضمن المهلة القانونية، أما في المضمون، فيوجد نقطة واحدة ترتبط بمخالفة مواد الدستور، وهي طريقة احتساب النصاب القانوني ، أما النقاط الباقية فإن سندها ضعيف ولا تُشكّل مخالفة للدستور.

فالانتخابات يمكن إجراؤها وفقاً للمادة ٤٢ من الدستور قبل ستين يوماً من موعد انتهاء ولاية المجلس النيابي، أي حالياً (٢٠ أيار ٢٠٢٢). أما موضوع أن الموعد هو قبل صدور اللوائح الانتخابية، فهذا أيضاً لا يُشكّل مخالفة للدستور، خاصة أن المادة ٢٥ منه تنص على : إجراء الانتخابات النيابية في مهلة لا تتعدى الثلاثة أشهر، اعتباراً من تاريخ صدور قرار بحل المجلس النيابي، وهذا القرار طبعاً قد يصدر في أي وقت من السنة وعليه لا مشكلة في اجراء الانتخابات قبل ٣٠ آذار.

كذلك موضوع تخصيص ستة مقاعد للمغتربين، فهو لم يرد في الدستور، وبالتالي إلغاؤه أو إلغاء أي مقعد في أي دائرة انتخابية، أو تعديل عدد النواب، لا يُشكّل مخالفة للدستور . وكذلك لا يمكن الاستناد إلى نظرية الحقوق المكتسبة، لأنها في الأصل تتعلق بمصلحة خاصة للأشخاص والموظفين، وحفظ حقوقهم ومكتسباتهم، وليس بمصلحة عامة . وكذلك هو الأمر بالنسبة للميغاسنتر والبطاقة الممغنطة، التي تُشكّل إجراءات وتفاصيل يعالجها قانون الانتخاب، ولم ينص عليها الدستور.

تبقى النقطة الأهم هي في المادة ٥٧ من الدستور، حول كيفية احتساب النصاب داخل المجلس، فإذا أقحم المجلس الدستوري نفسه في هذا الأمر وقام بتفسير الدستور يكون قد أدخل البلد في نفق يصعب الخروج منه، كون غالبية النواب وخاصة رئيس المجلس نبيه بري، يحصرون صلاحية تفسير الدستور بمجلس النواب دون سواه ويصرّون على هذا الامر ولن يقبلوا بنقل هذه الصلاحية أو إعطائها لا إلى المجلس الدستوري ولا إلى أي هيئة أُخرى، ولذلك فإن المجلس الدستوري سيكون أمام مُخاطرة كبرى، قد تطيح به بشكل كامل، وتخلق أزمة دستورية وقانونية جديدة، في حال أقدم على تفسير المادة ٥٧.

لهذه الأسباب سيكون المجلس أمام خيارين : فإما أن يرد الطعن دون الغوص في تفسير المادة ٥٧ ولعدم وجود مخالفة للدستور في النقاط الباقية المطعون فيها أمامه، وإمّا سيلجأ إلى عدم الأجتماع ضمن مهلة الشهر المحددة له للبت بالطعن، وعندها يسقط الطعن حكماً، ولكن ذلك سيفجر مشكلة بين التيار والقوى التي ستعطل اجتماع المجلس، وفي كلا الحالين يستمر نفاذ قانون الانتخاب بكامل تعديلاته وكما هو ولكن.

في حال بقي القانون نافذاً ستكون الانتخابات أمام مشكلة أُخرى، وهي ما أعلنه رئيس الجمهورية عن أنه لن يوقّع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، إذا كان الموعد في ٢٧ آذار ، وهذا الأمر طبعاً سيضع الرئيس في مواجهة مع المجلس النيابي .

وفقاً للمادة ٥٦ من الدستور : رئيس الجمهورية هو یصدر المراسیم ویطلب نشرها، وله حق الطلب إلى مجلس الوزراء إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي یتخذها المجلس، خلال خمسة عشر یوماً من تاریخ إیداعه رئاسة الجمهوریة. وإذا أصرّ مجلس الوزراء على القرار المتخذ أو انقضت المهلة دون إصدار المرسوم أو إعادته يُعتبر القرار أو المرسوم نافذاً حكماً ووجب نشره.

لهذا السبب لجأ التيار الوطني الحر إلى تأخير تقديم الطعن، بحيث تُصبح المهلة أمام الحكومة في إصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ضيقة جداً . وهذا يعني أنه كي يتم إجراء الانتخابات النيابية في ٢٧ آذار ، يجب إصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قبل ٢٧ كانون الأول ٢٠٢١. وإذا احتسبنا مهلة ١٥ يوماً الممنوحة لرئيس الجمهورية لرد القرار إلى مجلس الوزراء لإعادة النظر به، (وهذا ما سيفعله الرئيس عون وفق ما أعلنه، عن عدم موافقته على موعد ٢٧ آذار)، فهو قد يُعيد المرسوم في اليوم الخامس عشر المحدد للمهلة التي يمنحه إياها الدستور، ولذا فإنه على مجلس الوزراء إذا أراد تجاوز هذا القطوع ، ايداع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لدى رئاسة الجمهورية قبل مهلة ال ١٥ يوماً، مع احتساب مهلة إضافية لاجتماعه مجدداً والإصرار على القرار وإعادته إلى رئاسة الجمهورية.

وهذا يعني أنه يجب أن يتم ذلك قبل العاشر من كانون الأول على أبعد تقدير، وهذا يستوجب أيضاً أن يكون المجلس الدستوري قد أصدر قراره بالطعن المقدم إليه قبل هذا التاريخ .

إنها لعبة الوقت والمهل، ويبدو أن الرئيس عون سيكون هو الرابح، وسيتم تأجيل موعد الانتخابات النيابية إلى موعد آخر ، وهو على الأرجح ٨ أو ١٥ أيار ٢٠٢٢. هذا طبعاً إذا صدقت النوايا بإجراء الانتخابات ولم ينجح فريق التعطيل في تأجيلها.

زر الذهاب إلى الأعلى