غانم: زرعنا الصنوبر المثمر اللبناني في الأردن نظراً لبيئته المناسبة
الشعب الأردني طيب ومضياف ويتميز بوطنيته وحبه لبلده
النشرة الدولية –
الدستور – نوف الور –
لم يكن خفيا على كل من يزور الاردن لهفة الاردني في «الفزعة» لخدمة الوطن وضيوفه، هذا ما استشعره جليا ضيف حوار «الدستور» حين قال «الشعب الأردني يتميّز بحبه لبلده وهذا يجعله يعمل بمحبة وإخلاص ويسعى لتقديم الأفضل للمملكة، وكذلك وجدت شغفا أردنيا في العمل مع لبنان، وانطلاقاً من ذلك نجحت تجربتنا وشراكتنا» هذه كلمات فادي غانم رئيس اللجنة الوطنية للاتحاد الدولي لصون الطبيعة ورئيس مجلس إدارة عدة مواقع اخبارية الكترونية لبنانية.
غانم الذي بات يزور الاردن بشكل مستمر بعد انطلاقته الاولى منذ اكثر من عقدين لبناء شراكات وعلاقات متينة في قطاعات عمله البيئية والاعلامية والاجتماعية على حد سواء، يرى الشعب الاردني بعين فريدة ويقول ان « الشعب الأردني شعب طيب ومضياف ويتميز بوطنيته ، وهذا كان لافتاً وترك في نفسي أثراً عميقاً» مستذكرا مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين تجاه لبنان واصفا اياها بـ «المواقف التي لا تنسى».
وتاليا نص الحوار:
** الدستور: كبطاقة تعريفية لمن لا يعرفك من هو فادي غانم؟
– غانم: أنا فادي غانم لبناني من بلدة عين زحلتا – الشوف مواليد 1970، رئيس ومؤسس لجمعية غدي التي تعنى بالبيئة منذ العام 2000 وحالياً أشغل منصب رئيس اللجنة الوطنية للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، ورئيس مجلس إدارة المواقع الإلكترونية؛ الثائر، والمغرد، وغدي نيوز.
** الدستور: تعددت زياراتك العملية والشخصية إلى الأردن.. منذ متى وأنت تهتم بالشراكة مع الأردن.. وفي أي قطاع رأيت النجاح الأبرز؟
-غانم: أول زيارة رسمية إلى الأردن قمت بها عام 2000 ، ومنذ تلك الزيارة بدأنا بالتفكير في عدة مشاريع لتطوير العلاقات بين لبنان والأردن خاصة في المجال البيئي.
في البداية كنت ازور الأردن أربع مرات في السنة ثم تكثّفت الزيارات وكان قسم كبير من تلك الزيارات يتم برا وكنت أشاهد أشجار الصنوبريات البرية في الأردن وبدأت أتساءل لماذا لا نقوم بتحويل هذه المساحات إلى مشاريع إنتاجية.
منذ ذلك الوقت بدأنا التعاون وقمنا بزراعة الصنوبر المثمر اللبناني نظراً لقيمته الجمالية وهوائه المنعش والأهم طبعاً ثمنه المرتفع نسبياً «الذهب الأبيض» كما نسميه في لبنان ويمتاز الصنوبر أيضا بقدرته على العيش في المرتفعات والأماكن الجافة المشابهة لطبيعة الأردن.
وكان لي شرف التعاون مع الصديق وزير البيئة الاسبق الدكتور طاهر الشخشير وقمنا بتنفيذ أول مشروع وتجربة لنقل زراعة الصنوبر اللبناني المثمر إلى عمان .
بعد ذلك قمنا بتوسيع نشاطنا وغرسنا غابة صنوبر لبناني في مدينة الحسين في عمان وانتقلنا بعدها إلى السلط واستمر المشروع لمدة سنتين قمنا بعدها بتجديده وتطويره فانتقلنا إلى التربية البيئية وأجرينا عدة لقاءات في المدارس الرسمية والخاصة وأنشأنا فيها مشاتل خاصة تعلم من خلالها الطلاب كيفية غرس الصنوبر والاعتناء به ثم يأخذ الطالب الغرسة معه إلى المنزل .
إضافة إلى ذلك قمنا بتعليم عمليات فرز النفايات وتدويرها والتركيز على تقليل كمية النفايات بغية الحفاظ على نظافة وسلامة البيئة .
أما بالنسبة للنجاح فالشعب الأردني يتميّز بحبه لبلده وهذا يجعله يعمل بمحبة وإخلاص ويسعى لتقديم الأفضل للمملكة، وكذلك وجدت شغفا أردنيا في العمل مع لبنان وانطلاقاً من ذلك نجحت تجربتنا وشراكتنا ، حيث ان أي نشاط في الأردن يأخذ الطابع الرسمي وتحتضنه القيادة الأردنية خاصة جلالة الملك عبد الله الثاني وهذا أعطى قيمة إضافية ودفعاً مهماً لعملنا وشراكتنا، وطبعاً اتوجه بالشكر لوزارة البيئة وكذلك أمانة عمان على ما أبدوه من تعاون واهتمام في إنجاح العمل.
** الدستور: ما زال لبنان يمر بعدة أزمات… إلّا أنك لم تتوقف عن الإنجاز، ما هي أصعب المواقف التي عطّلت عملكم في القطاع البيئي والاجتماعي على حد سواء؟ في لبنان والخارج؟
– غانم: يمر لبنان بأسوأ مرحلة وبأزمات متعددة لم يشهد مثلها في تاريخه وترافق ذلك مع الأزمة العالمية التي سببتها جائحة كورونا ، وتعرّض لبنان لانفجار مدمر أشبه بزلزال أصاب العاصمة بيروت وخلّف عددا كبيراً من الضحايا إضافة إلى خسائر مادية بمليارات الدولارات.
وبالرغم من ذلك على الصعيد البيئي كان هناك بعض الإيجابيات بحيث فرضت الأزمة الاقتصادية عودة الناس من المدن باتجاه الأرياف والأهتمام بالأرض والزراعة وقمنا نحن في جمعية غدي بتقديم الإرشادات والتعليم والتدريب للمزارعين على كيفية زراعة مختلف الأشجار والخضار، وقدمنا لهم الاشتال وشاركنا في تنظيم السياحة البيئية والتشجيع على الزراعة الصحية وعدم استخدام المواد الكيميائية وتنظيم وترشيد استهلاك المياه وهذا النشاط البيئي طبعاً هو الأحب إلى قلبي.
وبسبب ظروف الأزمة القاسية توجهنا أيضاً إلى العمل الاجتماعي لتقديم العون والمساعدات للمحتاجين ، ولن ننسى جلالة الملك عبدالله الثاني الذي كان المبادر الأول في إرسال المساعدات إلى لبنان خاصة المساعدات الطبية.
** الدستور : إلى أين سارت بنا جائحة كورونا؟ هل خلقت نظاماً اجتماعياً جديداً سيدوم؟ أم أننا سنعود في حال زوالها إلى نظامنا الاجتماعي التقليدي؟
– غانم: لا شك أن جائحة كورونا غيرت الكثير في العالم وخاصة تلك القيود الجديدة التي فرضها التعامل مع الجائحة على حركتنا وحياتنا من الفحوصات الطبية المطلوبة لدخول أي بلد وفترات الحجر وشهادة التطعيم التي تطلبها بعض الدول، كل ذلك بات له تأثير مباشر على نمط حياتنا وحتى على العلاقات الدولية وبالطبع لن يكون عالم ما بعد كورونا كما قبله فهناك نمط جديد من السلوك والوعي في مواجهة أي خطر أو جائحة مستقبلية . ولكن رغم كل السيئات سجلت هذه الحالة إيجابيات على الصعيد البيئي بحيث خفّ الضرر الذي يُحدثه البشر وظهر جلياً أن الأنسان كان يقوم بتدمير بيئته ونأمل أنه عندما تعود حركة النشاط إلى طبيعتها أن نتذكّر أهمية الحفاظ على البيئة وأن لا نعود إلى تلك العادات السيئة المضرّة بصحتنا وبيئتنا ويبقى الأمل الكبير طبعاً بزوال خطر هذه الجائحة نهائياً واستئناف حياتنا ونشاطنا في العالم أجمع بشكل طبيعي.
** الدستور :كيف تقيم التجربة البيئية عربيا؟ وهل نسير بالاتجاه الصحيح؟ وهل أنجزتم قصة نجاح لبنانية أردنية في هذا المجال؟
– غانم: في التجربة العربية بشكل عام يُمكن ملاحظة الإنجازات التي حققتها دول الخليج العربي في هذا المجال فكانت سباقة عالمياً وتمكنوا من إقامة محميات طبيعية نموذجية وهذا مردّه إلى وجود رؤية مستقبلية لديهم إضافة إلى التمويل الكافي للقيام بذلك أما في بعض الدول الأُخرى كلبنان والأردن فوزارة البيئة لا تحظى بالاهتمام ولا بالتمويل الكافي كباقي الوزارات بل تبقى دائماً على الهامش وهذا طبعاً يؤثر بشكل سلبي على عملها والمشاريع التي يمكن أن تقوم بها.
بالنسبة للبنان والأردن اعتقد هناك حاجة إلى وضع خطة عشرية ونحن نشهد تبديل دائم لوزراء البيئة والمبدأ يقتضي أن يُكمل كل وزير ما بدأه سلفه ونتمنى أن يحصل ذلك، وباستثناء البرامج الممولة من جهات دولية حيث يستمر العمل بها، نرى أن في باقي الأمور المتابعة ضعيفة وغير كافية وهذا ما يُناقض في مناطقنا العربية البرامج المستدامة.
في الأردن هناك برامج رائعة يقوم بها الاتحاد الدولي لصون الطبيعة بالتعاون طبعاً مع وزارة البيئة وهذه برامج ممتازة نفتخر بها ويوجد في الأردن محميات رائعة منها محمية ضانا و هي محمية نموذجية بتنوعها البيولوجي والحيوي وعادة يذهب المتدربون إليها للتعلّم والمتابعة عن كثب وتُعتبر مثالاً بيئياً رائعا وعلينا رغم كل شيء المحافظة عليها وهذا أمر يحتاج إلى الوعي وتظافر الجهود لتحقيقه. وعلى صعيد النجاحات فالتعاون ممتاز بين المحميات والسياحة البيئية أصبحت في موقع متقدّم وتُشكّل مورداً اقتصادياً، أما عن المشاريع المستقبلية للبنان والأردن وهي بيئية تنموية فلن اتحدث عنها الآن بل سيعلن عنها في المستقبل القريب.
** الدستور: من خبرتك الاعلامية هل الاعلام العربي بخير… وكيف ترى الاعلام الاردني اليوم في ظل تسارع التكنولوحيا ووسائل التواصل الاجتماعي؟
– غانم: الإعلام العربي ليس بخير وهناك أجندات مختلفة تخدمها وسائل الإعلام وهذا مضر بالمصلحة العربية الجامعة. طبعاً إن الاختلاف بالرأي والتنوع هو أمر جيد لكن هناك حاجة إلى العمل على رسالة إعلامية عربية جامعة تخدم قضايانا جميعاً. أما عن الأردن فهناك إعلاميون تُرفع لهم القبّعة وهناك جهد جيد تبذله بعض وسائل الإعلام من مرئي ومسموع ومكتوب وإلكتروني لكن كما في معظم دولنا العربية يوجد حاجة ملحّة لتنظيم الإعلام ومواكبة القوانين لتطور وسائل التواصل والإعلام .
** الدستور :من هو أو هي أكثر شخصية أردنية قابلتها وتركت أثراً طيباً في نفسك؟
غانم: الشعب الأردني شعب طيب ومضياف ويتميز بوطنيته وحبه لبلده وهذا كان لافتاً وترك في نفسي أثراً عميقاً وأستطيع القول أن كل الذين عملت معهم من أمراء ووزراء ومدراء وموظفين وناشطين بيئيين كانوا يعملون بجد وإخلاص ومحبة للبلد وولاء للملك والوطن وهذا موضع تقديري وإعجابي ويترك أثراً طيباً في نفس كل من يزور الأردن، وبخاصة الصديق الدكتور طاهر الشخشير الذي ما زالت تربطني به صداقة مميزة، وما زال حتى الساعة يتابع ويساعد بكل الأعمال البيئية والإجتماعية التي تخدم البلدين .
** الدستور : في الختام رسالتك للاردن ملكاً وشعباً .. ماذا ستكون ؟
غانم: نتمنى لجلالة الملك عبدالله الثاني دوام الصحة والتوفيق في رعايته وقيادته الحكيمة للأردن الشقيق، ونشكره على كل ما قدمه للبنان وشعبه في هذه الظروف الصعبة فهذه المواقف لا تنسى، وأتمنى للأخوة الأردنيين دوام الإزدهار والحياة الرغيدة والمزيد من الإنجازات والتقدم والرفاه، ونأمل أن نتمكّن معاً من تحقيق مشاريع مستقبلية عظيمة في خدمة البيئة وخدمة بلدينا الحبيبين.