“القرض الحسن”.. مصرف بثوب جمعية لتحصين مالية حزب الله على حساب الدولة
النشرة الدولية –
في الوقت الذي يعاني فيه الشعب اللبناني من أصعب أزمة اقتصادية في تاريخ البلاد، بظل شح الدولار وارتفاع غير مسبوق في الأسعار، تزامنا مع تسجيل أرقام قياسية لمعدلات الفقر والبطالة، يسعى حزب الله لاستغلال هذه الأزمة لاستكمال بناء اقتصاد مواز يبيّض من خلاله الأموال، متحدياً القوانين المصرفية، وملتفاً على العقوبات الأميركية، في ظل غياب شبه كامل للسلطات اللبنانية التي تلعب دور المتفرج، حسب ما نشره موقع “الحرة”.
مع غياب العملة الصعبة من لبنان وضعت المصارف سقوفا منخفضة على السحوبات بالدولار المفقود من البلد، بعدما لامس سعر صرف الدولار الواحد 8000 ليرة لبنانية في السوق السوداء (السعر الرسمي 1500 ليرة)، ولكن ما ينطبق على اللبنانيين في هذه الحالة، لا ينطبق على حزب الله ومؤسساته المالية.
“القرض الحسن”، جمعية تابعة لحزب الله، مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية، منتشرة في المناطق التي يفرض سيّطرته عليها بالكامل، وتحديداً في بعض بلدات البقاع، الجنوب، والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، وهي تمنح قروضاً مالياً بالدولار مقابل رهن الذهب، أو ووضع مبالغ مماثلة لها بالقيمة. فمن هي هذه الجمعية التي تقوم بعمليات مصرفية؟ وما أثر ماكينات الصراف الآلي (ATM) التي تنشرها المؤسسة على اقتصاد البلد المنهك؟
الطبيعة القانونية لـ”القرض الحسن”
اعتبر المحامي اللبناني مجد حرب، في حديث لموقع “الحرة”، أنّ “جمعية القرض الحسن هي أكبر حيلة على القانون اللبناني، إذ أنّ التغيير في المصطلحات لا ينعكس على الطبيعة القانونية، ما يعني أنّها مصرف حقيقي بموجب الواقع القانوني ولا يمكن اعتبارها جمعية خيرية لا تتوخى الربح، كما تعرّف عن نفسها”.
وأشار حرب إلى أنّ “التعاميم الخاصة بالقرض الحسن تتحدث عن مساهمات وليس ودائع، وعن مساهمين لا مودعين، وبالتالي هناك تلاعب على التسميات إلا أنّ المضمون هو نفسه”، مضيفاً أنه “من غير الجائز قانوناً عمل أي مصرف دون إذن مسبق من البنك المركزي، وهو في الواقع يقوم بإقراض الناس من خلال الودائع، وبالتالي يمارس عملاً مصرفياً غير قانوني”.
جمعية غير مرخصة
بدوره، قال المحامي طارق شندب، لموقع “الحرة”، إنّ “العمليات التي يقوم بها الحزب غير قانونية، وهي بهدف الالتفاف على القوانين المصرفية اللبنانية”، موضحاً أنّ “جمعية القرض الحسن غير مرخصة، وغير مدرجة على لوائح مصرف لبنان أيضاً، وهي مخالفة أولى، يضاف إليها المساعدات الإيراني التي تصل للحزب بطريقة غير مشروعة، التجارة غير القانونية، التهرب الجمركي، وتجارة المخدرات”.
وأضاف أنّ “وضع الصراف الآلي في خدمة المؤيدين له، كغيره من الجرائم التي يفعلها الحزب، الذي يشكل أساس خراب الاقتصاد اللبناني، وأبسط مثال على ذلك أنّه يدخل البضائع عبر الحدود دون دفع رسوم جمركية، إذ يستبدلها بأرباح يأخذها من التجار، الذين يستطيعون بيع ما استورده في الضاحية الجنوبية بأسعار أرخص من أي مكان آخر”.
تبييض الأموال
ولفت المحامي حرب إلى أنّ “للقرض الحسن 31 فرعاً، وهو ينافس اليوم أكبر المصارف، وبات يستطيع منح قروض تفوق الخمسة آلاف دولار، إلا أنّه وقع في مشاكل مؤخراً بسبب استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار”.
وأوضح أنّ “الجمعية تستطيع تحمل خسائر تصل إلى 30 في المائة، لأنها تبيّض الأموال، ولكن عندما زادت النسبة لجأت إلى إجبار الناس على تسديد قيمة قروضها على أساس سعر صرف السوق السوداء (1 دولار =7900 ليرة)، خارقةً جميع التعاميم التي تلزم المصارف القبض على أساس السعر الرسمي أو سعر المنصة (1 دولار = 3900 ليرة لبنانية)”.
وذكر حرب أنّ “وجود كمبيات كبيرة من الذهب المودع جعل الجمعية كمصرف مركزي مواز، علماً أنّ أهم أهدافه فضلاً عن إرضاء جمهور الحزب هو تبييض الأموال ذات المصادر المجهولة، حيث يودع منتسبو حزب الله مبالغاً ملوثة دون حسيب أو رقيب، ومن ثم يتم طرحه بالأسواق، ومن ثم تعود لهم من خلال الفوائد أو الاشتراكات السنوية”.
اقتصاد مواز
اقتصادياً، أشارت الصحفية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية، محاسن الحلبي، في حديث لموقع “الحرة”، إلى أنّ “جمعية القرض الحسن تختلف في جميع عملياتها عن النظام المصرفي في لبنان، بداية من العلاقة التعاقدية، وصولاً إلى أنّ غالبية المتعاملين معها هم من جمهور حزب الله”.
وكشفت الحلبي أن “إيران تضخ حوالى 700 مليون دولار أميركي بالسنة لحزب الله، وذلك نقداً عبر مطار ومرفأ بيروت، والحدود البرية مع سوريا باعتباره محظرواً من قبل المصارف لإدراجه على قائمة العقوبات الأميركية”.
وشددت الحلبي على أنّ “حزب الله وجمهوره أسسوا اقتصادا موازيا لا يقتصر على العمليات المصرفية فقط، بل على المحروقات، الأدوية، وغيرها من المواد التي يعمد إلى تمويلها”، مشيرةً إلى أنّ “الاقتصاد اللبناني متفكك ويعاني من انهيار، فيما حزب الله بنى منظومته الخاصة، ويحصّنها مقابل انهيار البيئة اللبنانية جمعاء”.