عن «القنوات السرية» التي فتحتها تركيا مع إسرائيل* محمد خروب
النشرة الدولية –
لم يصدر نفي أو تأكيد تركي لما نشره موقع «المونيتور» الأميركي الشهير بكشف قصص وأخبار ذات طابع سري خاص, على نحو تكاد تكون في غالبيتها العظمى دقيقة, لا يلبث أصحابها أو أطرافها الاعتراف بصحتها وان حاول بعضهم نعتها بالمبالغة وغيرها من تبريرات ضعيفة تُؤكد المُؤكد.
وإذ لم تنقطع علاقات أنقرة (الأطلسية) بتل أبيب (حيث إسرائيل تتمتع بمكانة خاصة وفريدة في الناتو, ولا يتم حجب أي معلومات عسكرية وخصوصاً علمية وتقنية عنها، لا تتوفر لأي دولة خارج عضوية الحلف، بل إن أنقرة لم تستخدم «الفيتو» لمنع إسرائيل من تلك المكانة الفريدة), فإن حكاية «فتح» القنوات السرية، إستدراكا مُسبَقا لقدوم «بايدن», تبدو «مضحكة» حقاً, لأن التبادل التجاري بين البلدين سيبلغ العام الجاري ذروته, متفوقاً على العام 2018 حيث وصل إلى 2ر6 مليار دولار، فيما يتوقع أن يصل نهاية 2020 تخوم المليارات السبعة.
من هنا تبدو اللقاءات التي تمت بين حاقان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات التركي ويوسي كوهين رئيس الموساد الصهيوني, الذي ارتفعت أسهمه عالياً مؤخراً, جراء الزيارات «السِرية» العديدة التي قام بها في بعض عواصم الإقليم, كاسِرَة عن دولة العدو أغلال العزلة الإقليمية، وكأنها (لقاءات فيدان/,كوهين) غير مفاجئة لمن يُتابعون مسار العلاقات التركية/ الإسرائيلية, القائمة على تحالف «تاريخي» بأبعاد استراتيجية, منذ غدت تركيا الدولة «الإسلامية» الأولى, التي اعترفت بالكيان الصهيوني عام 1949 ووقَّعت معها اتفاقات أمنية وعسكرية استراتيجية, توّجت أبرزها عام 1997 في عهد رئيس الوزراء «الإسلامي» الراحل نجم الدين أربكان، ثم ازدادت توثّقاً منذ وصول حزب «العدالة والتنمية» إلى الحكم عام 2003, عندما زار أردوغان تل أبيب عام 2005 (بعد اغتيال عرفات واجتياح شارون الضفة الغربية وإعادة إحتلالها وإقامة السور الواقي).
ساد الفتورالعلاقات بين البلدين بعد حادثة سفينة مافي مرمرة عام 2008 إلاّ أنه لم يؤثر كثيراً في علاقاتهما الاستخبارية وتعاونهما العسكري, ناهيك عن تدفق مئات الآلاف من الصهاينة إلى المنتجعات التركية, وارتفاع منسوب التبادل التجاري, إضافة إلى أن إغلاق الحدود السورية/التركية إثر مساهمة أنقرة(وتل ابيب) الفاعلة في تدمير سوريا ونشر الإرهاب والخراب فيها, واحتضان المنظمات الجهادية والتكفيرية وخصوصاً جبهة النصرة وداعش والحزب الإسلامي التركستاني, إضافة لصفقات صهر أردوغان النفطية مع داعش، جعل من إسرائيل ممر عبور للبضائع التركية نحو الخليج.
ولعلها مناسبة للتذكير بالتقاء المصالح «الاستراتيجية» التركية/الإسرائيلية بمشاركتهما الفاعلة في حرب ناغورنوكاراباخ, حيث اصطفتا علناً مع أذربيجان في حربها على أرمينيا, ومعروف عمق العلاقات الأذرية/الإسرائيلية, حيث معظم تسليحها من الدولة الصهيونية(43%من حاجتها) فيما تقيم المخابرات الصهيونية هناك محطات مراقبة إلكترونية على إيران. فضلاً عن تزويد باكو تل ابيب بـ40% من اسهلاكها النفطي.
أما «عدم» اعتراف إسرائيل بالمجازر التركية ضد الأرمن، فهي رواية صهيونية لا تصمد, لأنه لو اعترف العالم «أجمع» بهذه المجازر, فإن إسرائيل لن تعترف بها, كونها تريد «احتكار» الهولوكست لـ«اليهود» فقط, وليس حباً أو مجاملة لتركيا.