«حزب الله» يهدِّد الصحافية اللبنانية مريم سيف الدين وأهلها بالقتل
النشرة الدولية –
القبس الكويتية – أنديرا مطر –
قمع الحريات وتكميم الأفواه يتواليان فصولاً في لبنان، تارة عبر استدعاء صحافيين وناشطين مدنيين، وتارة أخرى من خلال إرسال «تهديدات مبطّنة» الى من تعتبرهم السلطة «مشاغبين»، لا يتوقفون عن إزعاجها، مستخدمة أجهزتها القضائية والأمنية لتطويع السلطة الرابعة.
فصل جديد من محاولات القمع، كانت ضحيته الصحافية مريم سيف الدين، فما تعرّضت له منذ أشهر وانفجر أمس، تجاوز «التطويع»، الذي لم يأت هذه المرة عبر الأجهزة الرسمية، بل عبر «جهاز حزبي»، واظب على تهديدها والتعدي عليها وعلى عائلتها عبر «شبيحته» وبتواطؤ مع عناصر أمنية رسمية.
على مدى الأسابيع الماضية، تلقّت مريم الكثير من التهديدات على خلفية مقالات وتحقيقات نشرتها في صحيفة «نداء الوطن»، تناولت شؤوناً اجتماعية وصحية وتربوية، مشيرة بمهنية لافتة الى مكمن الخلل فيها، وسمت «المرتكبين» والفاسدين بأسمائهم بجرأة وشجاعة.
فيديو يظهر ما تتعرض له الصحافية #مريم_سيف وعائلتها من قبل بلطجية #حزب_الله
التهديد والترهيب ليس الاول من نوعه والقوى الامنية تقول ان الموضوع قيد التحقيق ؟؟ لماذا لم يتم توقيف المعتدين ام تنتظرون تكرار الامر @LebISF
ما اسهل توقيف الناشطين اما البلطجية فيسرحون ويمرحون ويهددون !! pic.twitter.com/3U13f4nPTV— Larissa Aoun (@LarissaAounSky) December 6, 2020
وروت الصحافية الشابة لـ القبس أن رسائل امتعاض عديدة وصلت إليها من «بيئتها» ومحيطها (في ضاحية بيروت الجنوبية معقل حزب الله) بسبب كتاباتها التي «تجاوزت الحدود»، ووصلت الى حد تسمية أشخاص معيّنين، تحميهم سطوتاهم الحزبية والأمنية.
قبل نحو شهر، قدّمت مريم استقالتها من الصحيفة نتيجة ضغوط تعرّضت لها؛ لتنضم لاحقاً الى أحد التلفزيونات العربية. ولكن بعد استقالتها مباشرة وقبل التحقاها بالعمل الجديد، تعرَّض أخوها لضرب مبرح على يد ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة، أحدهم ينتمي الى «حزب الله»؛ لتبدأ من بعدها سلسلة التهديدات، مباشرة وعبر أشخاص حزبيين وغير حزبيين، بوجوب مغادرة مريم وأهلها منزلهم، وإلا «فسيقتلون».
استمرت التهديدات والاستفزازات وحملات التحريض بطرق شتى كانت مريم تشير إليها عبر صفحتها في «فيسبوك»، الى ان انفجرت القصة أمس.
تخبر مريم تفاصيل القصة بالتالي: السبت تمت دعوة مجموعة من «مناصري حزب الله» للسهر في منزل الذين اعتدوا على شقيقي، وبدأ أحدهم استفزاز عائلتي بحركات بذيئة. وأمس، أرسل المعتدي احد المعروفين ببلطجيه الى منزلنا، حيث راح يهدّد بنزع الكاميرات التي تم تركيبها لتوثيق الاعتداءات وحماية أنفسنا.
وتضيف مريم: «كنت خارج المنزل، ولكن شاهدت عبر الكاميرا المدعو أحمد شعيتو يعتدي على أخي بالضرب. توجّهت فوراً إلى المنزل. وفي طريقي اتصلت بمخفر «المريجة»، وأبلغته أن عائلتي تحت الخطر، فكان رد عنصر الأمن أنه لا يمكنهم التدخّل بلا اشارة قضائية». وتضيف: «سألته: كيف لا تتدخلون وهناك أشخاص حياتهم مهدّدة؟» فأجابني: «يوجد قتلى؟».
غادر شعيتو مهدّداً شقيق مريم بأنه «سيخردقه» (يطلق الرصاص عليه)، وفق وصفها. ولكن لحظة وصولها الى البيت فوجئت بعودته وهجومه مجددا على شقيقها. وعندما حاولت منعه مع والدتها تعرّض لهما بالضرب. وبعد تدخل أبناء الحي، غادر مهدداً «بقتلنا متى صادفنا».
تقول مريم إنها اتصلت بقوى الامن لتقديم شكوى ضد المعتدي، علما بأن تهديدها جرى على مسمع أحد الضباط، «لأفاجأ بأنه سبقني إلى المخفر للادعاء علينا».
تجنّبت مريم الحديث عما تعرّضت له وعائلتها في البداية، أولاً: لأنها كانت تريد التأكد من التفاصيل، ولأنها لم ترد التشهير بالمجرمين. ولكن عندما تفشل العدالة في الانتصار للمظلوم تصبح الضحية أمام خيارين: الاستكانة والرضوخ او مواصلة النضال لتحصيل حقها.
ولا يبدو أن الشبيحة استطاعوا ترهيب مريم. فهي تشير علناً الى أن المعتدين على عائلتها يستقوون بإحدى الوحدات الخاصة في «حزب الله»، مطالبة الحزب برفع الغطاء الكامل عن «الزعران»، لردعهم، والا يكون هو متورّطاً ويتحمّل مسؤولية أي أذى قد يصيبها وأسرتها. وتؤكد مريم أنها لن ترضخ للضغوط، ولن تغادر منزلها تحت تهديد السلاح، «لا تمسكاً بالعيش في منطقة تكثر فيها الإشكالات، بل لأننا نحن المقاومون الحقيقيون الذين يرفضون منطق الاحتلال، أيّ احتلال».
حادثة الاعتداء على مريم استدعت تضامناً واسعا من قبل الصحافيين في ظل صمت النقابة والقضاء.