معادلة باسيل لـ”الحزب”: كما سلاحكم ضرورة… وجودنا سلاحنا
بقلم: غادة حلاوي

النشرة الدولية –

نداء الوطن –

المؤكد أنّ العلاقة بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل و»حزب الله» بلغت حداً من السوء لم يسبق أن بلغته منذ توقيع إتفاق مار مخايل. في محطات كثيرة ومختلفة كان التفاهم عرضة للإهتزاز لكنه لم يقع. مرّ عليه قطوع الإنتخابات مرات متكررة وتمايز في المواقف ازاء العلاقة مع رئيس مجلس النواب ومرات حول مكافحة الفساد، وكانت تمر بسلام وفي كل مرة كان يحرص الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله على القول إن مآخذنا على حليفنا نبلغها له مباشرة مانعاً الإستثمار في تحالفه مع «التيار». الخلاف هذه المرة عميق والعلاقة في أسوأ حالاتها والسبب إنعقاد جلسة لمجلس الوزراء كان «حزب الله» أعطى ضمانة ووعداً للتيار بعدم الموافقة عليها لكنه نكث بالوعد.

 

قبل انعقاد الجلسة أرسل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كتاباً الى «حزب الله» لإبلاغه بجدول الأعمال. كان مقسماً الى ثلاثة أقسام، بينها تشكيلات وأمور متعددة، رفضها «حزب الله» طالباً حصر الجلسة بالأمور الحياتية الملحة. وبعد الإتصالات إنخفض عدد البنود حتى وصل إلى 28 بنداً. أبلغ «حزب الله» باسيل بعزم ميقاتي على عقد الجلسة فرفض. يصر «حزب الله» على أن الدافع لموافقته هو البتّ بشؤون الناس بدليل أن وزراءه في الحكومة قالوا صراحة داخل الجلسة إن الهدف من المشاركة ليس موجهاً ضد أي فريق.

 

يأخذ على باسيل محاولة جرّه الى حيث يريد من المواقف. في مكامن معينة كان يحرجه ويجبره على التماهي معه، من دون الأخذ في الإعتبار خصوصية «الحزب» في شارعه ومع حلفائه، وفي كل مرة كما اليوم يحرص «حزب الله» على تأكيد تفاهمه مع «التيار».

 

لم يفاجئ كلام باسيل ونبرة خطابه العالية المحيطين به. منذ انعقدت الجلسة أدركوا أنّ الأزمة ستتمادى. هناك من ذهب إلى «حزب الله» ناصحاً بتجنب الأزمة لأنّ باسيل لن يمرر الموضوع على سلام. وجد نفسه محرجاً بين تحميله وزر التأخر في تسيير أمور الناس ورفض باسيل. فربما تعاطى معه بالمونة كما درج على التعاطي.

 

ومثلما يصر «حزب الله» على الحفاظ على خصوصيته وعدم الظهور بمظهر المتماهي مع باسيل بشكل دائم، كذلك يحاذرالأخير فكرة الإنجرار خلف خيارات «حزب الله» الداخلية بما يؤثر على حيثيته السياسية وموقعه وحجمه النيابي والسياسي. لغاية اليوم لا يهضم باسيل فكرة أن يطرح «حزب الله» مرشحاً للرئاسة تقتصر حيثيته السياسية والشعبية على نائبيْن في مجلس النواب. كونه غير مرشح لا يعني القبول بترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية. وعلى قاعدة رب ضارة نافعة منح «حزب الله» حليفه الأقرب فرصة للتملص من إجباره على السير بهذا الترشيح ووقف التفاوض بشأنه.

 

بعد الإنتهاء من مؤتمره الصحافي رفض باسيل الرد على أسئلة الصحافيين متجنباً الإنجرار إلى تعميق المساجلة. صوّب رسائله باتجاه «حزب الله» وحده مستثيناً رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي ولولا دعم «حزب الله» لما كان دعا الى جلسة حكومية. فتح أبواب العتب على مصراعيها مقارناً بين ما واجهته حكومة حسان دياب في الماضي وكيف لم تعتبر قراراتها ميثاقية ولم يتم الإعتراف بها، وبين مبررات الدعوة لجلسة اليوم. لكن أهم ما قاله في مؤتمره، طرحه معادلة جديدة مع «حزب الله» تقول: إذا كان «التيار» وقف معكم بموضوع تعتبرونه الأساس وهو سلاح المقاومة، فإن وجودنا السياسي في الحكم وشراكتنا هما سلاحنا، وكما تعتبرون أن سلاحكم أساسي لوجودكم فإن وجودنا الحر والمتوازن بالشراكة الوطنية هو بحجم السلاح.

 

عاتبٌ رئيس «التيار» على حليفه الذي لم يف معه في محطات كبرى سواء في الإنتخابات وغيرها من المحطات ليسلك من هنا طريقه غامزاً من قناة رئيس مجلس النواب نبيه بري ومحذراً من اللامركزية الإدارية وإصرار المسيحيين على التعاطي معها كأمر واقع في حال لم تقر.

 

«مش ماشي الحال» قالها باسيل تكراراً لتعبّر عن المغزى وأساس الإشتباك، متوجهاً الى «حزب الله» بصريح العبارة بأن السير بسليمان فرنجية غير ممكن وليس وارداً وإذا كان «التيار» التزم الورقة البيضاء تلبية لطلبه فإنّ الموضوع انتهى، وفي الشأن الحكومي لمح الى ضرورة التراجع عن القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء. هجم «التيار» الى الأمام وفي تقديره أنّ كل ما حصل متصل بتخريجة يطبخها بري مع «القوات». لا عودة الى ما قبل 2016 والى ما قبل 2005، قال باسيل محذراً من محاولة إعادة إنتاج مكون مسيحي مخالف للأمر الواقع. شهر العسل بين «حزب الله» و»التيار» انتهى ويبدو أننا سنشهد إعادة تموضع قريبة لرئيس «التيار». المهم هنا الى ما قاله باسيل، هو رد «حزب الله»، كيف سيفكر وما سيكون رد فعله؟

زر الذهاب إلى الأعلى