الأمير تركي الفيصل: إسرائيل “آخر القوى الإستعمارية الغربية في الشرق الأوسط”

النشرة الدولية –

تحت عنوان: “تركي الفيصل.. وشرارة النار المستعرة بين الرياض وأبو ظبي”، كتب عبد الرحمن الجزاف في موقع “180post”: خلافاً لكل مناخ التطبيع الخليجي ـ الإسرائيلي، فاجأ الأمير تركي الفيصل المشاركين في مؤتمر “حوار المنامة” في العاصمة البحرينية، بمداخلة قال صحافيون أجانب حضروا الفعالية إنها كانت “صادمة جداً للمنظمين البحرينيين”!

ماذا قال رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق؟

لا بد من إشارة هامة جداً إلى أن الكلمة التي ألقاها تركي الفيصل كانت مكتوبة وكان يقرأها، أي لم تكن إرتجالية، برغم قدراته الخطابية، والتي لطالما إستخدمها في هكذا فعاليات إقليمية ودولية.

صحيح أن الفيصل قال إن المداخلة تمثل رأيه الشخصي ولا تعكس وجود خلافات بالرأي في المملكة، لكن القريب والبعيد يعرف أنه ما كان للمسؤول السعودي السابق أن يضع نفسه في هكذا موقف لولا حصوله على “إشارة ما”.

وتميز تركي (نجل الملك فيصل بن عبد العزيز) بأدواره الدبلوماسية والإستخباراتية، ولطالما شارك في مناسبات تطبيعية مع الإسرائيليين سواء بإجراء مقابلة مع “هآرتس” في العام 2015 أم بخوضه حوارات مع قادة سياسيين وعسكريين إسرائيليين في واشنطن ومنابر دولية أخرى، ما يدل على أن تركي الفيصل “بكّر” في التطبيع، وذلك ردا على من وضعوا موقفه في خانة “رفض التطبيع الخليجي ـ الإسرائيلي”!

إذاً لماذا قرر الفيصل أن يقول ما قاله في هذا التوقيت بالذات وماذا يعكس موقفه من معطيات تتصل بالداخل السعودي والعلاقة مع كل من الإمارات والولايات المتحدة؟

قال تركي الفيصل في مداخلته المكتوبة إن “إسرائيل تقدّم نفسها بأنها دولة صغيرة تعاني من تهديد وجودي محاطة بقتلة متعطشين للدماء يرغبون في القضاء عليها، ومع ذلك، فإنهم يصرحون برغبتهم في أن يصبحوا أصدقاء مع السعودية”، ووصف الفيصل إسرائيل بأنها “آخر القوى الإستعمارية الغربية في الشرق الأوسط”، متحدثا عن إجراءات إسرائيل، وتهجير الفلسطينيين قسرا، وتدمير القرى، وقال مخاطباً الإسرائيليين “وافقوا على مبادرة السلام العربية، عندها فقط يمكننا التصدي معاً لإيران”.

وقال الصحافي أندرو إنغلاند في تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن مواقف الفيصل، مدير المخابرات السعودية السابق، وسفير المملكة في لندن وواشنطن سابقا، “جاءت بعد الإحراج الذي تعرضت له المملكة من التسريبات الإسرائيلية المتعمدة حول لقاء ولي العهد محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة “نيوم” السعودية بحضور وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو” في شهر تشرين الثاني المنصرم.

وأضاف الصحافي البريطاني أن تصريحات الفيصل “تؤشر إلى توتر داخل المملكة حول مسار التطبيع مع إسرائيل”.

وترددت معلومات في الصحافة الغربية مؤخراً أن ولي العهد تعمد عدم إبلاغ الملك سلمان بن عبد العزيز بأمر اللقاء الثلاثي، ولذلك أبدى إنزعاجه من تعمد نتنياهو تسريب الخبر إلى الصحافة الإسرائيلية والعالمية، بعدما كان هناك إتفاق على إضفاء الطابع السري على اللقاء، وهو الأمر الذي أدى إلى قرار إلغاء زيارة سرية كان رئيس “الموساد” يوسي كوهين يزمع القيام بها إلى السعودية.

وقال الصحافي البريطاني إنغلاند إن الملك سلمان “يعارض أي تحرك باتجاه التطبيع، أما ابنه محمد، الحاكم الفعلي للملكة، فلا يمانع بذلك”.

وفيما عبّر وزير الخارجية الإسرائيلي غابي اشكنازي، الذي شارك في حوار المنامة عبر تقنية “زوم”، عن “أسفه” لتصريحات الفيصل، أوردت صحيفة “يسرائيل هيوم” المقربة من “الليكود” أن مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية سابقاً دوري غولد، وهو من المقربين من نتنياهو، رد على تصريحات الفيصل بأسوب أكثر حدة.

وتبادل الفيصل وغولد الجدل حول كتاب ألفه الأخير بعنوان “مملكة العداء” عام 2004، في إشارة إلى ما أسماه “الدعم السعودي للإرهاب، عبر دفعها ميزانيات حماس وتمويل جماعة الإخوان المسلمين”، بحسب الصحيفة التي زعمت أن “غولد غير رأيه حقا، وذلك لأن السعودية توقفت عن دعم الإرهاب”.

ونقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن إميل حكيم، الخبير في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، أن سياسة السعودية الخارجية “أقل مرونة” من سياسة جيرانها الخليجيين، وأضاف أن “الثمن السياسي والسمعة لتغيير السياسة عالٍ” للمملكة. وقال: “الانقسام هو استراتيجي وأيديولوجي وسياسي وجيلي أيضا”.

وأحدثت مواقف الفيصل ضجة واسعة على مواقع التواصل الإجتماعي، ووصف الكاتب في صحيفة “عكاظ”، د. علي التواتي القرشي، هجوم تركي الفيصل، بأنه “لم يبق ولم يذر”، فيما قال الأكاديمي والصحافي السعودي خالد الدخيل إن الفيصل “ردد موقف الراحلين والده الملك فيصل، وأخيه سعود”، واصفا ما قاله بـ”كلمة حق عن إسرائيل في مؤتمر المنامة بحضور وفد إسرائيلي”.

وقال محلل سياسي خليجي بارز رفض ذكر إسمه لموقع “180 بوست” إن ما جرى في المنامة “يدل على أننا أمام بداية تحول ما في منطقة الخليج”، ويضيف “ثمة أزمة صامتة بين الرياض وأبو ظبي، وأحد تعبيراتها الواضحة قرار المملكة بالذهاب نحو خيار المصالحة مع قطر من دون الإمارات”، متوقفاً عند التغريدة التي أطلقها الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبدالله (مقرب من محمد بن زايد) وقال فيها إنه لن تكون مصالحة قطريّة ـ سعوديّة من دون موافقة أبوظبي، وهي التّغريدة التي قام بحذفها في وقت لاحق.

ويشير المحلل الخليجي نفسه إلى أننا “سنشهد، على الأرجح، خطوة سعودية ثانية في الساحة اليمنية، حيث تتصاعد المؤشرات التي تدل على توجه السعودية لإنتاج تسوية ما قبل أن يتسلم جو بايدن منصبه في العشرين من كانون الثاني المقبل، وهذه نقطة تمايز ثانية بين الرياض وأبو ظبي”. زدْ على ذلك الإنفتاح السعودي الجزئي بإتجاه تركيا”. ويضيف المحلل نفسه إن محمد بن سلمان بات يشعر بأن حليفه محمد بن زايد “بات يتقن اللعب على الحبال”، في إشارة إلى البيان الذي أصدرته الخارجية الإماراتية وأدانت فيه “جريمة الاغتيال المشينة التي طالت السيد محسن فخري زاده، والتي من شأنها أن تقود الى حالة من تأجيج الصراع في المنطقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى