ديموقراطية الكويت بثوب معارض وجديد* حمزة عليان
النشرة الدولية –
قبل رحيل مجلس الأمة (2016 – 2020) وفي الأسبوع الأخير من عمره، ومع اشتداد الحملات الانتخابية للمرشحين، لم يبق أحد في الكويت إلا ونعته بأوصاف “مقذعة”. قالوا عنه “برلمان الخيبة” و”مجلس طغى عليه العمل الفردي” … وبأنه “غادر الحياة السياسية بعد أربع سنوات كواحد من أضعف المجالس”، وأنه “مجلس حكومي لم يكن له طعم ومن دون إنجاز يذكر” .. وهناك من وصفه بـ”أفشل برلمان في حياة الديموقراطية”.
الواقع أن المزاج العام يؤشر إلى أن مرحلة ما بعد الخامس من كانون الأول (ديسمبر) 2020 ليست كما قبلها، وفي مجمل القراءات التي خرجت إلى العلن، يبدو أن مستوى الوعي عند المواطن الكويتي ارتفع في الخيارات السياسية.
المشهد الانتخابي يوم السبت ظهر في صورة لم يشهدها الشارع الكويتي منذ ثمانينات القرن الماضي، كان الإقبال على الوقوف بالطوابير لساعات برغم الاشتراطات الصحية ونزول المطر يفوق التوقعات، فنسبة المشاركة بالتصويت وصلت إلى 68% وهي تضاهي انتخابات 2016، علماً أن نظام الصوت الواحد لم يتغير.
أكد اللجوء إلى صندوق الاقتراع، وبكثافة غير منتظرة، أن الممارسة الديموقراطية متجذرة في الكويت، وأن الناس اختاروا هذا الطريق للتعبير عن غضبهم ورفضهم للممارسات التي ارتكبها المجلس السابق.
الرسالة الأهم التي وجهها الشعب الكويتي أنه أسقط “النواب الفاسدين والطائفيين والذين سلكوا مساراً شعبوياً لا يخدم مصالح الكويت ولا يطمئن الناس إلى مستقبلهم”، وعبّرت صحيفة “النهار” في المانشيت الرئيسية عن الواقع بكلمتين “ليلة السقوط” بعدما خرج 24 نائباً ترشحوا وكانوا أعضاء في مجلس 2016 وأتت الانتخابات بـ25 وجهاً جديداً.
قراءات متعددة لنتائج الانتخابات لعل أكثرها سخونة أن وجود مجلس فيه معارضة شابة لن يعمر أكثر من سنة، وسيصطدم بالحكومة نظراً الى وجود ملفات صعبة تنتظر الدخول بها إلى قاعة عبدالله السالم، وعلى رأسها ملف العفو الشامل عن المعارضة في الخارج والمسجونين بقضايا مختلفة، إضافة إلى تعديل قانون الانتخابات وإقفال الباب أمام “الصوت الواحد” الذي تسبب بالعزوف والمقاطعة، عدا أنه أخرج “الأقليات”من المعركة الانتخابية.
من هنا كانت دعوة الحكومة الى أن “تلبس نظارات الواقع وتقرأ نتائج الانتخابات قراءة متأنية، وتختار نوعية الوزراء الذين تتطلبهم المرحلة المقبلة” كما جاء في افتتاحية جريدة “الجريدة”.
ربما كانت الحاجة الملحة إلى استعادة الثقة بالمجلس والحكومة، هي المطلب الأساسي، على حد تعبير أستاذ العلوم السياسية غانم النجار، “فإذا لم تتوافر رؤية مستقبلية مشتركة لن يكون مجلسنا إلا مضيعة للوقت”. وهذا ما يتفق ورأي الكاتب المعارض حسن العيسى واعتقاده “أن ما تريده الحكومة هو ما سيتحقق”.
صحيح أن المفاجآت كانت سيدة الموقف، سواء بمن سقط أم بمن فاز، لكن الملاحظة التي أخذت حيزاً واسعاً من التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي الغياب التام للمرأة والسقوط المدوي للنائبة صفاء الهاشم – حازت 430 صوتاً وترتيبها الـ30 في الدائرة-.
وجرى تداول ثلاثة أسماء غابت عن الساحة عام 2020 صنف أصحابها شعبويين: دونالد ترامب في أميركا وصفاء الهاشم في الكويت ومرتضى منصور في مصر! وهذا من باب الدعابة طبعاً، وإن كان رد النائبة الهاشم بـ”أن الحديث عن دعم المرأة كان بهرجة إعلامية” وإن هذا المجلس كما تقول، “مهيأ فقط لتحقيق رغبات البعض بقانوني العفو العام وتغيير الصوت الانتخابي”.
غياب المرأة عن الجو السياسي كان مستغرباً، أولاً لمشاركتها في مجالس عدة وحكومات، ثانياً عدد الذين ينتخبون من الإناث يزيد عن 20 ألف عن الناخبين الذكور، ولهذا رأت الكاتبة بدرية درويش، “أننا بحاجة لنفعل ما قامت به دول أخرى واعتماد كوتا نسائية في كل دائرة”.
نتائج الانتخابات رسالة واضحة كما يصفها الناشط السياسي راكان بن حثلين بأن الشعب الكويتي لا يريد نواباً “بصامين” ولا “مناديب” ولا “أدوات ومخلّصي معاملات” بل رجالاً يمارسون دورهم الرقابي والتشريعي بما يليق بممثلي الشعب في مجلس الأمة.