عرس كتاب
النشرة الدولية –
ألف لام – يوسف طراد –
كتابٌ لا تفاصيلَ دقيقة عن مولده، إذ لم ينقضِ سنتان على الحلم – المعجزة الذي حلم به كاتبه، حتّى كان الخبر قد عمّ القرية الصغيرة، وتجاوزها إلى سهل الكورة الخضراء، وبلغ المنتديات الأدبيّة… لم يولد في القبو حيث وُلد كاتبه يومَ تحلّقت النسوة حول الوالدة يساعدنها، ويخفّفن عنها؛ ولم تحصلْ ولادة الحبر والورق على يد دايةٍ، خلافًا لولادة من حبّر صفحاته، ذاك الذي خرج من رحمٍ حضَنَه ثمّ ألقى به إلى عالم الضّجيج والصّخب والصّراخ؛ فملأ الخوفُ والرعبُ من المعمعة قلبَه قبل أن يدخلَ الأوكسجينُ رئتيه، وجعلته الصُّدفة على عتبة الحياة الجديدة ينطق، بل يصرخ، ويضيع صراخه بين عشرات الأصوات المنطلقة من حناجر نساء فرحات بمولودٍ ذكر.
كبر الكتاب فجأة، إذ ضمَّ أفكار العديد من الكُتّاب؛ وكان كاتبه يشقى ويكدّ سالكًا أوعر الطرقات، لا سيّما أنّه عاش نصف عمره عسكريًّا في جيش لبنان، حيث أنبأته قرقعة السلاح بمصيرٍ قاتمٍ للوطن؛ لم تعنِ له البندقيّة سوى أنّها أداةُ قتلٍ، فانبرى، بعد دراسة العناية التمريضيّة، يعالجُ الجراحَ حيث مساقط نِبالها في أجسادٍ مغدورةٍ… وأكمل العمرَ فلّاحًا غيرَ ملّاكٍ، تلذُّ له معاشرةُ المعول للأرض، وتشفيه رائحة التراب من كدَرٍ مرّ به في حياته…
كانت نصوص الكتاب تسرح وتمرح في مواقعَ ودوريّاتٍ، وتفتّش عن رحيقِ الحبرِ في حدائقِ الكُتّاب والشعراء، حين التقت صدفةً بديوان شعرٍ رائعٍ، يتغزّل ببوهيميةٍ تتلوى غنجًا ودلالَا، وتبوح بمكنونات صدرها إلى السطور التي تتلقّفها العيون بلهفة، وإذا بسرٍّ بين الكِتاب المتواضع وتلك البوهيميّة الشامخة، بل أسرار، لا يعلمها إلّا الرّب؛ قاده طيب رائحة عطر حبر الديوان، سليل ميرون منتدى “شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي” إلى حديقة هذا الشاعر الأسطورة، واجتمع بفرحٍ مع أترابٍ له في هذه الحديقة الزّاهية بالفكر الزّاهر، فوُلدَ من جديد بروح الحبر المعطاء، ودخل ملكوت أشجار النور الخضراء؛ ألم يقل السيد المسيح: “لا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ مَا لَمْ يُولَدْ مِنَ المَاءِ والرُّوح.. ” (يو: ٣: ٥).
وكان موعد عرس الكتاب في ٢٧/١١/٢٠٢١، في معبد الثقافة (مؤسّسة ناجي نعمان للثقافة بالمجّان)، برعاية وحضور الشاعرة المهندسة الأستاذة ميراي شحاده حداد المؤتمَنة على منتدى “شاعر الكورة الخضراء عبدالله شحاده الثقافي”، الذي صدر الكتاب ضمن منشوراته. وحين وصول الكتاب إلى مؤسّسة نَعمان، تمّ فحصه من قِبَل طبيب الكتب المشهور الأستاذ ناجي نعمان، فوجده سليمَ المعنى والمبنى، لأنّ الأستاذة مارلين سعاده كانت قد ريحنته بدقيق الآس عند ولادته وواكبت نموَّه يومًا بيومٍ وفكرة وراء فكرة، إلى أن أصبح بحلّته الجديدة.
وكان العرس وفرح المدعوّين بالعريس.