التمييز الكويتية تؤيد حبس مهندس الحاسب الآلي مخترق «أنظمة» مجلس الأمة 5 سنوات
النشرة الدولية –
أيدت محكمة التمييز الجزائية، برئاسة المستشار صالح المريشد، حكم محكمة أول درجة، وبعده حكم «الاستئناف»، بمعاقبة مهندس حاسب آلي يعمل بإحدى الشركات لمصلحة إدارة الشؤون الهندسية بمجلس الأمة بالسجن 5 سنوات، لقيامه بتعطيل أنظمة الحاسب الآلي لجلسة افتتاح دور الانعقاد للمجلس.
كما أيدت «التمييز» إدانة المتهم لارتكابه جريمتي الدخول غير المشروع إلى الشبكة المعلوماتية لمجلس الأمة أثناء تأديته وظيفته، ولإدخاله عمدا برامج اختراق عن طريق تلك الشبكة من شأنها إيقافها عن العمل وتعطيلها.
وقالت التمييز، في حكمها، إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله «تتحصل في قيام المتهم بصفته مهندس كمبيوتر بشركة الإنجاز بإدارة الشؤون الهندسية والخدمات بمجلس الأمة بالدخول غير المشروع الى الشبكة المعلوماتية لمجلس الامة، إذ حدثته نفسه باختراق سيرفر الدومين الخاص بالشبكة الداخلية للمجلس، فأخذ يفكر في خطة من شهر مضى في الواقعة وكيفية تنفيذ تلك الجريمة، ففكر وتدبر مليا في هدوء نفس وروية، وانتهى بتفكيره الى خطة رسمها لنفسه، إذ قام بإنشاء الحساب الوهمي على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت)، وبعد أن تيقنت فكرة ارتكاب الجريمة في رأسه، واستحوذ عليه تفكيره وبإصرار على فعل ذلك، اختار من يوم 30/10/2018 تاريخ انعقاد الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي الخامس عشر، وأثناء إلقاء صاحب السمو أمير البلاد الراحل الكلمة الافتتاحية أمام أعضاء المجلس وكبار مسؤولي الدولة ليكون يوما مشهودا لتنفيذ جرمه، وقام بشن أكثر من سبعة آلاف هجمة إلكترونية على أنظمة المجلس، ومحاولة اختراق سيرفر الدومين الخاص به، وهو الخادم المسؤول عن كل المستندات والقرارات المتعلقة بالمجلس، وكذا سيرفر البريد الإلكتروني، وهو الخادم المسؤول عن كل المراسلات بين موظفي المجلس وأعضائه».
وأفادت المحكمة بأن «المتهم قام بإيقاف واختراق ستة حسابات ادمن المسؤولة عن تلك السيرفرات حتى تمكن من الوصول الى أنظمة تقارير مجلس الأمة والوثائق البرلمانية وموقع المجلس الإلكتروني وموقع الدستور وأنظمة الاعلام وتلفزيون المجلس، والتي تبث بشكل مباشر لكلمة سمو الأمير آنذاك، مما تسببت أفعاله تلك في تعطيل السيرفرات سالفة البيان، وشل عمل حسابات الأدمن وإيقاف عمل جميع المستخدمين من موظفي وأعضاء المجلس وشل الحركة الأمنية والحماية على أنظمة وشبكات وسيرفرات وبيانات ووثائق وبريد المجلس، مما نتج عنه سهولة اختراق تلك الانظمة دون علم أو رغم إمكانية التصدي لها. وكان ذلك أثناء وبسبب تأدية المتهم وظيفته حال كونه مختصا بإدارة الشؤون الهندسية والخدمات بمجلس الامة».
وبينت أن «الحكم استند إلى أقوال مدير إدارة تقنية المعلومات في مجلس الأمة بما لا يخرج عما أورده في بيان الواقعة على النحو السالف، وما أضافه الشاهد من أنه حال وجوده بقاعة الشيخ عبدالله السالم في غضون الساعة العاشرة وخمس وأربعين دقيقة صباح يوم الواقعة تم إبلاغه بوجود محاولات اختراق لحسابات الأدمن المشرفين، وفي تمام الساعة الواحدة مساء تمكن من معرفة مصدر الاختراق، وأنه من مجلس الأمة، وبتتبعه تبين أنه الجهاز الخاص بالمتهم، وأن المتهم قام باختراق وإيقاف ستة حسابات أدمن المسؤولة عن تلك السيرفرات، وبذلك تمكن من الوصول إلى تقارير مجلس الأمة والوثائق البرلمانية وموقع المجلس الإلكتروني، وموقع الدستور وأنظمة الإعلام وتلفزيون المجلس، والتي تبث بشكل مباشر كلمة سمو الأمير، وان افعال المتهم تسببت في تعطيل السيرفرات سالفة البيان، وشل عمل حسابات الأدمن وإيقاف عمل جميع أعمال المستخدمين من موظفي وأعضاء المجلس، وشل الحركة الامنية والحماية على أنظمة وشبكات وسيرفرات وبيانات ووثائق وبريد المجلس».
وردا على طعن المتهم قالت «التمييز» «إن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى، حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وان تطرح ما يخالفها من صور أخرى لم تقتنع بها مادام استخلاصها سائغا ومستندا الى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، وكان وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه الى محكمة الموضوع بغير معقب، وفي أخذها بأقواله ما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها».
وبينت المحكمة أنه «لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء، ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتهـا إليه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أثبت بتقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولا».
ولفتت إلى أنه «لما كان ذلك، وكانت أدلة الثبوت التي حددها الحكم وأقام عليها قضاءه ليس من بينها إقرار الطاعن للضابط – شاهد الإثبات الثالث – بما نسب إليه، ولا تعـدو العبارات التي نقلها الحكم عن الأخير في هذا الخصوص إلا جزءا من شهادته التي أوردتها المحكمة – بعد أن اطمأنت إليها – والتي تملك كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات – ولا تنهض بذاتها دليلا مستقلا، ولم يعول عليها الحكم بهذا الحسـبان، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله».
وأضافت: «لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانونا على رجال الشرطة أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم، وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة معاونيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع المبلغة إليهم أو التي شاهدوها بأنفسهم، كما أن المادتين 41 و42 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية تخول رجال الشرطة أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجزائية ومرتكبيها، وأن يسألوا المتهم في ذلك».
وأفادت «التمييز» بأنه لما كـان استدعاء رجل الشرطة لشخص وسؤاله عن الاتهام الذي قام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضا ماديا فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفع الطاعن ببطلان القبض عليه في قوله – بعد أن أورد بعض المبادئ القانونية – أنه: «… وقد ثبت من استقراء أوراق الدعوى انه في تمام الساعة العاشرة والثلث من صباح يوم الثلاثاء الموافق 30/10/2018 أثناء كلمة صاحب السمو أمير البلاد خلال افتتاح دور الانعقاد الثالث للفصل التشريعي الخامس عشر لمجلس الأمة ونقلها في وسائل الاعلام كافة تعرض النظام الإلكتروني وأجهزة العرض لعدة هجمات إلكترونية – تبلغ نحو سبعة آلاف هجمة – قصد منها النيل من هذا النظام الإلكتروني وتعطيله وبيان سهولة اختراقه والتغلغل فيه، وقد دلت تحريات ضابط الواقعة على أن المتهم المستأنف الذي يعمل في ادارة الشؤون الهندسية – إدارة قطاع الهندسية والخدمات – في المجلس هو مصدر هذه الهجمـات الالكترونية، وبناء على ذلك قام باستدعائه الى مقر مبنى جهاز أمن الدولة في السابعة واربعين دقيقة من مساء يوم الخميس 2018/11/1، لبيان صحة التحريات والاستدلالات التي قام بجمعها، وبمواجهة المتهم بما أقر أمام الضابط بصحة الفعل المنسوب اليه وتعمده الدخول بطريق غير مشروع الى النظام الإلكتروني والشبكة المعلوماتية الخاصة بمجلس الامة، وشن عدة هجمات إلكترونية على سيرفر الدومن الخاص بالمجلس من العاشرة حتى الحادية عشرة صباح يوم الثلاثاء 30/10/2018 أثناء تأديته وظيفته من خلال جهاز الحاسب الآلي الخاص به، فإن ما قام به رجل الشرطة في بادئ الأمر لا يعدو أن يكون مجرد سؤال المتهم المستأنف عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات، وما يتطلبه جمع الاستدلالات ولا يعتبر بمجرده تعرضا ماديا فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على رجل الشرطة في غير الأحوال التي قررتها المواد من 53 الى 57 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، وإذ اقر سالف الذكر بعد مواجهته بالاتهام بصحة ما أسفرت عنه التحريات فإنه يكون قد توافرت الأدلة القوية على اتهام المتهم بجناية اختراق الشبكة المعلوماتية لمجلس الامة والدخول اليها بطريق غير مشروع، والتي تبيح لرجل الشرطة القبض على المتهم فيها كونه وليد إجراء مشروع وصحيح عملا بنص المـادة 54 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية ومن ثم فإن ما يثيره في هذا المنحى يكون غير صائب».
وأضافت: «وكان الطاعن لا يماري في أن ما أورده الحكم على دفعه – على النحو المار بيانه – له معينه في الأوراق، ولم ينع على هذا الرد بأي نعي، ولم يزعم أن استدعاء ضابط مباحث أمن الدولة له ابتداء كان مقرونا بإكراه ينتقص من حريته، وانه بمواجهة الضابط له بما جاء بالتحريات اقر بجناية اختراق الشبكة المعلوماتية لمجلس الأمة، وكان ذلك أثناء تأدية وظيفته، فإن ذلك مما تقوم به الأدلة القوية على اتهامه بتلك الجناية، فيما يجيز لضابط الشرطة – عملا بما خولته له المادة 54 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية أن يقبض عليه – وبالتالي يفتشه – بغير إذن من سلطة التحقيق».
ذكرت «التمييز» أن «الاعتراف في المسائل الجنائية هو من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، كما أن لها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع، كان لها أن تأخذ به بغير معقب، وكان الحكمان الابتدائي والمطعون فيه قد أطرحا ما أثاره بغير دليل من أن الاعتراف المعزو إليه كان وليد إرادة غير حرة ومخالفا للواقع، وأفصحا عن اطمئنانهما إلى ذلك الاعتراف الصادر في تحقيقات النيابة العامة».
وتابعت: «خلص الحكم المطعون فيه الى أن هذا الدفع جاء مرسلا لا يسانده دليل في الأوراق، وأن الثابت من محضر النيابة العامة أن وكيل النيابة المحقق أحاط المتهم بالاتهام الموجه اليه، وأن النيابة هي من تباشر التحقيق معه، وقد ناظره وكيل النيابة وأثبت أنه لم يشاهد به أي آثار، وانه اعترف تفصيلا بكامل إرادته واختياره دون إكراه من أحد باقترافه الجريمة ولم يقل آنذاك أمام النيابة شيئا عن أن ثمة تعذيبا ماديا أو معنويا تعرض له، وهو رد من الحكم سائغ، فإن منعی الطاعن في هـذا الصدد وفي تعويل الحكم على اعترافه بالتحقیقات يكون في جملته غير سديد».