أدْنُ مِنّيَ … وفي حوار معها – الأوّل
النشرة الدولية –
الدكتور سمير محمد ايوب
أخبرتني صديقة في حديثٍ طالَ بيننا، عمّا كَتَبَتْ مؤخّرا لمن تحب. قالت له: كُنتَ مثلي، تعلمُ أنّني لا أملك مالا وفيرا، ولا جَمالا كثيرا. وأنّ كلَّ ثروتي، قلبا سليما بارّا، وعقلا حنونا غيرَعاق. وكنتُ أعلمُ ما لَمْ تكُنْ تَعلَمْ، كنتُ موقنةً أن العمرَ قد ضاق بالرجال الغلط.
فتّشتُ عنكَ كثيرا، عند النُّورِ وصخبِ العطور، وفي ثنايا عواصفِ الصمت، إلى أنْ رآكَ قلبيَ. من حينِها لَمْ أغْضُضْ بصريَ عنك. دقَّقتُ فيكَ بعينيَّ. وأصغى لكَ عقلي. فأدركتُ أنَّ كلَّ الرجالِ سواءٌ إلاّ انتَ. لا تشبهُ أحدا منهم. أُعْجِبتُ بكَ وأمتلأتُ. فأحبَبْتُك ونَصَّبْتُكَ سيِّدا للرجال وقلبي. وباتَ الحبُّ مِنْ دونكَ عقاب.
ﻷتَشكَّلَ منْ جديدٍ معَكَ، إتَّخَذتُ ظلَّك منْ دونِ الأرض على رحْبِها ، مُسْتقرّا ليَ ومثابةً. وجعلتُ كلَّ تفاصيليَ تبدأ بكَ، وبكَ تنتهي. فَصِرتَ عطَشي، وبِتُّ أنا بت يقينك. والباقي ظلالٌ من هذا، وظلالٌ منْ ذاك.
بلا كبرياء عقيم، أكافئُ نفسيَ بكَ كلَّما ساءَ بيَ المزاج. أذهبُ إليكَ كلّما أرَدْتُ عُزلةً. وأحبُّكَ أكثرَعندما لا أطيقُ الآخرين. بَعدَ مُنتصفِ كلِّ ليلٍ، إراديّا تتسلّلُ ملامِحُكَ إلى قلبي. وأنا أقرأ رسائلَ عيونِكَ، على الرّغم مِنْ مجازرِ حَزَني، أتَنَهد مُبتَسمة، ولا أعتقلُ شيئاً مِنْ فرَحي بك. فأنتَ على مرمى شهقةٍ.
وأنتَ تنتظرُ مُبادرةً مِني، أعلمُ أنَّكَ مثليَ، تدورُ حولَ نَفْسِكَ، مُختلِطا ومُتورِّطا بنبضٍ يتغيَّركلَّ لحظةٍ. وأعلم، أنّنا في أجملِ لحظاتِ الحبِّ. فلا تَدَع قلقَ ما قبلَ الإقرارِيَستَنْزفك. فنحنُ قابَ قوسين منْ كلمةٍ واحدةٍ، لها ما بعدها بالتأكيد.
بدل التربُّصَ مع المجهول، دَعْ عنكَ حذَرَالوقار. إهدِم جُدُرَالوهمِ. لا تَتمترس على العتبة، تسُدَّ طريق المرور. أدْنُ ولا تُدَقِّقْ طويلا او كثيرا، لا تُفسّر ولا تُحلِّل أيَّ شيءٍ. تعالَ زيِّن ملامِحي بالفرَح فالوقت ثقيل. أثقُ أنّ كبرياؤُك مهما بلغ إنكارُك، يُخْجِلُكَ مِنْ وجَعي الفاخِر. ما بينَ كبرياؤك وحيائي، يقبعُ موتٌ كفيفٌ يا طاغية، يمشي بِلا عصا، يجرّدُنا منْ حبٍّ أنيقٍ.
لقد قَطعتُ عهدا، ألاّ يرانيَ أحدٌ أُنثى سِواكَ. تجاوزتُ حزنَ الفقدِ ووجعَهُ. تجمَّلْت لكَ. كسوتُ شفتيَّ بِما تُحِبُّ. تزيَّنْتُ. تأنَّقْتُ بكلِّ ما تهوى عيناك وقلبك، وبكلِّ ما تشتهي نفسُكَ، ويُحبُّه عقلك.
إن كُنْتَ ما تَقولُهُ عيناكَ رِقَّةً وقوّة، أُدْنُ مني وأقِمْ صلاتَك، ففي كُنوزيَ لك الكثير. تقدَّم، بُحَّ صوتيَ وأنا أناديكَ، لتكونَ أوَّلَ الحاضرين. فقد سكَنَتْ تفاصيلُكَ جُلِّ ملامحي.
إنّي مُكتظةٌ بكَ يا رجل، وقلبيَ مِنْ طينٍ يَتشقّقْ، ولكنّه حصيفٌ قويٌّ يُتقنُ إغلاقَ اﻷبوابِ وسَدِّ الذرائع. ويُدرِكُ أنَّ جُلَّ عابريه، مُتَسلِّلينَ مِنَ الفُرَجِ لا عبرَ الأبواب.
واعْلَمْ يا سيدي، أنَّني ما خُلِقْتُ لأكونَ وحديَ معَ عوالِقِ المَلَلْ. ولا أسعى للتَّأقلُمِ مع ما لا أبتغيه. فأنا مِمَّن يَكْرَهْنَ الحبَّ المُلْتَبِسِ أو المُتَأرجِح.
فلا تُراهِنْ كثيرا، الحُرَّةُ التي تُجيدُ التَّنَفس، إن إحتلَّها الخُذلانُ، تُتقنُ الافلاتَ في عزِّ تَعلُّقِها.