الحكومة تكسر القانون بـ «عربة طباعة»* ذعار الرشيدي

النشرة الدولية –

حتى تعرف مستوى التخلف الحكومي إداريا، فقط انظر إلى عربات الطباعة خارج الدوائر الحكومية خاصة إدارات المرور والشؤون والجوازات.

حكومة تريد أن تتحول إلى العصر الرقمي، لكنك عندما تريد استخراج رخصة قيادة عليك أن تتوجه إلى عربة طباعة ليمنحك الطباع ورقة طلب، أي تخلف هذا؟!

الدول تتحول إلى التطبيقات الإلكترونية ونحن نعود إلى الوراء عشرات السنين بعربات طباعة متخلفة!

***

حسنا، لنترك التخلف جانبا، ونتساءل: بأي حق يتقاضى الطباع مني دينارا نظير أن يعطيني كتابا موجها إلى الإدارة العامة للمرور لاستخراج رخصة قيادة، مع أن الأمر لا يستدعي هذا الكتاب، بل إن هذا الكتاب ليس مذكورا من بين قرارات استخراج رخصة القيادة أو أي معاملة أخرى من المرور، مَن المستفيد من هذا التخلف، ومرة أخرى لماذا أدفع دينارا كمواطن أو كمقيم لعربة طباعة لا تتبع إداريا ولا ماليا لإدارة المرور أو أي إدارة أخرى تتعامل بمثل هذه الكتب المطبوعة «أم دينار».

***

هذه العربات لا تتبعكم إداريا ولا ماليا ولا مذكورة في هيكل إداراتكم يا حكومة، فمن الذي اخترعها وباركها وروج لها، وأعادنا إلى الوراء عشرات السنوات؟

أتحدى مسؤولا حكوميا واحدا يثبت ارتباط عربات الطباعة قانونيا بالإدارات التي تطبع الكتب لها لصالح المراجعين.

لا يوجد سند قانوني ولا قرار إداري ولا تنظيم هيكلي يجيز للإدارات الحكومية الاستعانة بهذه العربات ولا بكتبها.

***

الأهم من هذا كله، أن هذا تخلف ما بعده تخلف، دول مثل الجارة الكبرى المملكة العربية السعودية تستطيع أن تنجز معاملاتك «أونلاين» دون استخدام ورقة واحدة، كنظام تطبيق «أبشر» الذي يستطيع المواطنون السعوديون والمقيمون في المملكة بواسطته إنجاز ٢٨٣ نوعا من مختلف أنواع المعاملات عبر الهاتف، دون حتى أن يقوم أحد بمراجعة أي دائرة من دوائر وزارة الداخلية هناك.

***

ونحن من أجل معاملة «ليسن» لا بد أن تذهب إلى طباع لتأخذ منه كتابا ومن ثم تذهب إلى الإدارة العامة للمرور وتصور 20 ورقة، واللي معقدني «الطباع شكو؟!».

أنا أتساءل بجدية، لا بل بتحدٍ، أن يخرج علينا مسؤول حكومي من أي دائرة حكومية تستعين بالطباعين ويخبرنا ما السند القانوني والإداري لوجود هؤلاء الطباعين؟!

***

الحكومة تثبت أنها عاجزة عن التحول إلى العالم الرقمي، والدليل استمرارية وجود الطباعين وعربات الطباعة.

أعلم أن الأمر قد يبدو بعيدا، ولكن إذا كانت الحكومة جادة في السعي نحو التطور وجادة في تطبيق أبسط قواعد الإصلاح الإداري فلتبدأ فورا بإلغاء عربات الطباعة وإلغاء الكتب غير القانونية التي تطلبها من المراجعين عبر تلك العربات، هذا إذا كانت تريد الإصلاح الإداري بشكل حقيقي.

ويمكن إلغاؤها فورا لعدة أسباب، أولا أن وجودها أصلا غير قانوني، ثانيا أن تلك العربات تأخذ رسوما نظير تلك الكتب وهي رسوم لا أصل لها ولا يسندها أي قرار وزاري وغير محددة الرسوم لا من الإدارة التي تطلع لصالحها ولا من قبل التجارة، فهي رسوم غير قانونية.

وهنا حتى تعدل الحكومة عدم قانونية تلك العربات عليها أن تتوقف هي عن كسر القانون الذي يفترض بها أن تحميه.

***

توضيح الواضح: كشف لي أحد مسؤولي الإدارات التي تقف خارجها تلك العربات أن الكتب التي تطلبها إدارته لا فائدة لها لا إداريا ولا قانونيا ولا أرشيفية، وأن نظام التلقين الآلي للمعاملات لا يتطلب وجود تلك الكتب، وأنه لا يفهم سر تمسك المسؤولين بعربات الطباعة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى