التضامن العربي المفقود والانقسام المستمر.. إلى متى؟* د. محمد ناجي عمايرة
النشرة الدولية –
هذه الأيام نفتقد التضامن العربي الحقيقي «غير المغشوش» بين الأنظمة السياسية، كما بين الشعوب العربية أيضا.
وهذا الفقد يتأثر بعوامل كثيرة على ارض الواقع تجعل التضامن وسيلة أساسية للنهوض والصمود والمواجهة لما يتزايد من تحديات على مستوى الدول وإلى جانب القضايا العربية المصيرية وفي مقدمتها فلسطين القضية المركزية دون منازع.
هناك تقصير واضح، لكننا، أنظمة وشعوبا، لا نعدم وسيلة لاختلاق المعاذير التي تنقل مسؤولية التقصير من كتف الى كتف، ومن نظام الى آخر ومن قيادة الى نظيرتها، لتطهير الذات وتبرئتها فحسب. وهذا ينطبق على الشعوب وتنظيماتها السياسية والاجتماعية أيضا.
وجمهور الأمة لا يجد أية قناعة في تلك الأعذار.
لاشك في أن النظام الرسمي العربي في أضعف حالاته تفرقا وانقساما واختلافا وتوجهات ومصالح. ونضع خطوطا حمراء تحت «المصالح» لأنها السبب الأساس.
ولا حاجة بنا الى التفاصيل، لكننا ونحن نعاين الصورة القائمة بل القاتمة نسترجع من الذاكرة حالة مماثلة كنا عليها في ستينيات القرن الماضي حين اشتد الخلاف واشتد الانقسام وامتد زمانه بين الأنظمة السياسية العربية بينما كان العدو الصهيوني يخطط لتحويل مسار نهر الأردن وروافده ليجعلها تصب في الأراضي المحتلة لخدمة الأهداف الصهيونية في ظل شتات غير مسبوق. كنا منقسمين بين معسكرين: محافظ وتقدمي. وكانت الشعوب كما هي الآن تواقة للتغيير والوحدة والحرية والتقدم والعدالة، وكانت الحملات الإعلامية على أشدها، وكنا في عصر الترانزيستور ولم يكن التلفزيون معروفا على نطاق واسع. لكن شعوبنا كانت تؤمن بانها شعب عربي واحد من مراكش للبحرين.
وسط ذلك الظلام الدامس جاء نداء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الى مؤتمر قمة عربي في القاهرة، للتصدي للمخططات الصهيونية للاستيلاء على المياه العربية. وجاءت استجابة الزعماء العرب عاجلة، وتناسوا خلافاتهم ليواجهوا العدو المشترك، اوان ذلك ما حسبته الشعوب في حينه.
كان ذلك في 13 الى 17 (كانون الثاني) 1964م، وكان عدد الدول العربية 13 دولة وجاءت القرارات مهمة وعلى مستوى التحدي والتطلعات، كما يلي:
– تأكيد المؤتمرين أنّ قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين خطر أساسي على الأمة العربية كلها يجب دفعه ومواجهته سياسيا واقتصاديا وإعلاميا.
– إنشاء قيادة عربية موحدة للجيوش العربية في إطار جامعة الدول العربية.
– ردا على مخطط العدو لتحويل مجرى نهر الأردن، تقرر إنشاء هيئة عربية لتطوير وتنمية مياه نهر الأردن وروافده.
– اقامة قواعد سليمة لتنظيم الشعب الفلسطيني لتمكينه من تحرير وطنه وتقرير مصيره وايكال مهمة ذلك التنظيم الى أحمد الشقيري (رحمه الله).
– تبرعت المملكة الليبية بـ 55 مليون دولار للمجهود الحربي العربي بينما تبرعت السعودية بأربعين مليون دولار والكويت ب15 مليون دولار.
هذه استعادة عاجلة لما كان عليه وضعنا في ستينيات القرن الماضي، ولعله لم يكن في مستوى ما نشكو منه اليوم. (يتبع).