لهذا السبب اختفى الـ grippe.. كورونا يتمدّد في الأعياد ولبنان يشترط أربعة معايير للقاح
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
عدّاد كورونا في لبنان يحلّق صعودًا، حاصدًا المزيد من الضحايا بين إصابات ووفيات، حتّى أنّ فترة الإغلاق لم تجعل هذا العدّاد يتراجع، بل على العكس، سجّلت نسب الإصابة معدلًا وسطيًّا يقارب الألفي حالة يوميًّا، بما فيها خلال فترة الإقفال.
الأيام المقبلة تحمل خوفًا مزدوجًا، نظرًا للتزامن بين فترة الأعياد، والتي غالبًا ما تجمع الناس وترفع من منسوب الإختلاط، وبين الدخول في موسم الإنفلونزا العادية التي ترتفع نسبتها في بداية فصل الشتاء. من هنا ربما بدأنا نسمع تحذيرات من “الموجة الثالثة” لكورونا. لكن هذا التصنيف ليس دقيقًا وفق مقاربة رئيس “اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية” والإختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري في حديثه لـ “لبنان 24”. برأيه “مخطىء من يوصّف جائحة كورونا بأنها بلغت الموجة الثانية أو الثالثة، فنحن لا زلنا في الموجة الأولى الأساسيّة منذ البداية، هذه الموجة كانت ولا زالت في تصاعد مستمر”.
البزري يتوقّع أن ترتفع حالات الإصابة بالفيروس في الأيام والأسابيع المقبلة، مع الدخول بموسم الشتاء، وفي فترة الأعياد، وما تشهده من مناسبات جامعة، تليها العودة إلى المدارس والحياة الطبيعية “من هنا نتمنى على المواطنين التقيّد بالتباعد الإجتماعي وارتداء الكمامة، كي تنقضي فترة الأعياد بفرح دون أن يصابوا”.
البزري يلفت إلى أنّ العديد من الدول وجدت نفسها مضطرة لإقفال أسواقها خلال فترة الأعياد، لأنّ المواطنين لم يتقيدوا بالإجراءات، متحدّثًا عن صعوبة الوقاية من كورونا خارج الدواء، كون الإجراءات الوقائية غير ملائمة لطبيعة الحياة الإنسانية، كما أنّ مجتمعاتنا بطبيعتها إجتماعية، يضاف إليها الأوضاع الإجتماعية والضائقة الإقتصادية الملحّة في لبنان من جرّاء الفساد والهدر، والتي رفعت من الحاجة إلى العمل لتحصيل القوت اليومي، وكلّها عوامل جعلت التقيّد بالإجراءات أمرّا صعبًا.
البزري يعتبر أنّ اللقاحات تمثّل الحل الوحيد المتاح أمام البشرية في مواجهة الوباء، إذ أنّ التفشّي المجتمعي وخلق ما يسمى بمناعة القطيع يحتاج إلى مدّة تتراوح ما بين خمس وسبع سنوات، موضحا أنّ لبنان سيحصل على لقاح فايزر في شهر شباط المقبل، وهناك لقاحات أخرى حجز لبنان حصّته منها “ولكن الأمر مرتبط بمنظمة الصحة العالمية، كوننا لن نتمكّن من دفع الأموال، وستساهم بها مؤسسات دولية ضامنة، كما أنّ القرض المموّل من البنك الدولي لمواجهة كورونا يتطلّب كذلك موافقة منظمة الصحة العالمية”.
أضاف البزري “اللقاحات مهمّة ولكنّها لا تعني أّننا سنتمّكن في وقت قريب من الإستغناء عن الكمامات والعودة للحياة الطبيعة، والأمر يحتاج إلى عام كامل، لذلك يجب اعتبار العام 2021 هو عام التنبّه”.
عن التخوف من أخذ اللقاح وما نسمعه عن مضاعفات يتسبّب بها، فضلًا عن تسويق نظرية تجربته لدى شعوب الدول الفقيرة، أوضح البزري أنّ البريطانيين والأميركيين استعملوا اللقاح قبلنا، كما أنّ الأوروبيين سيبدأون بأخذه في السابع والعشرين من الحالي “وبالتالي نحن من نترقّب نتائجه وليس هم. نحن نحترم آراء الجميع، وعلى كلّ مؤيد للقاح أو معارض أنّ يشرح موقفه بشكل علمي، أمّا محاولة تسويق أخبار عبر وسائل التواصل الإجتماعي فتنقصها المصداقية والمسؤولية”.
أضاف البزري “من موقعي كرئيس لجنة الإعداد لدخول اللقاحات إلى لبنان، وضعت أربعة معايير لاعتماد اللقاح، أن يكون اللقاح موافق عليه من FDA إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة الأميركية، ومن EMA وكالة الأدوية الأوروبية، ومن منظمة الصحة العالمية. الشرط الثاني أن يكون مجانيًّا، والشرط الثالث أن يُعرض على كافة المقيمين على الأراضي اللبنانية بمن فيهم النازحون، رابعًا أن يُترك للمواطن حق إختيار أخذه أم لا. لكن بالمقابل من واجبنا أن نُعلم المواطن بماهية اللقاح، بإيجابياته وبتأثيراته الجانبية”.
ماذا عن لقاح الإنفلونزا العادي وهل يُستحسن أن يأخذه اللبنانيون في هذا الموسم؟
“أنصح اللبنانيين بأخذه، بشكل خاص لمن يعاني من أمراض مزمنة ورئوية، خصوصًا أنّ اللقاح وبعد فترة انقطاع أصبح متوفّرًا في السوق اللبناني. في سياق آخر، ملفت للنظر أنّنا في الربع الأخير من كانون الأول ولم نشهد بعد حالات إصابة بالإنفلونزا العادي في لبنان الذي ينشط في هذا الموسم، وهذا الأمر يدّل على أنّ اجراءات الوقاية من كورونا كالتباعد والنظافة الشخصية وارتداء الكمامة وأتيكت العطس ومنع الإجتماعات، انعكست إيجابا لناحية الإنفلونزا وغيرها من الفيروسات التنفسية”.
صحيح أنّ جائحة كورونا أصابت بلدان العالم أجمع، ولكن في لبنان تواطأت معها الأزمة الإقتصادية الخانقة فزادت من حدّتها، إذ أنّ شريحة كبرى من المجتمع اللبناني وجدت نفسها أمام خيارين أحلاهما مرّ، كورونا أو الموت من الجوع. الأسوأ في ذلك كلّه، أنّ المستشفيات وصلت إلى قدرتها الإستيعابية القصوى خصوصًا فيما يتعلق بأسرّة العناية الفائقة. من هنا وجب على كل منّا أن يحمي نفسه وعائلته من هذا الوباء الخطير، برقابة ذاتية ومن دون انتظار أي إجراءات حكومية، خصوصًا أنّنا أخذنا قسطًا لا بأس به من المآسي خلال عام 2020.