عُمان تتوسع في سوريا وتتجه للعب دور أكبر!
النشرة الدولية –
ترجمة “لبنان 24” –
مع اتساع نفوذ سلطنة عُمان في سوريا، توقّع معهد “كارنيغي” للسلام العالمي تحوّل الدولة الخليجية إلى “لاعبة ديبلوماسية ذات أهمية متنامية” في دمشق، داعياً مسقط إلى توخي الحذر.
وفي تقرير حمل عنوان “تحرّكات عُمان في سوريا”، لفت المعهد إلى أنّ السلطنة لم تقطع علاقاتها الديبلوماسية بأي دولة منذ تولي السلطان قابوس بن سعيد الحكم في العام 1970، كاتباً: “تعكس السياسة الخارجية هذه حيادية العمانيين وبراغماتيتهم في الساحة الدولية، وإدراكاً بأنّ السلطنة قادرة على تعزيز مصالحها الأمنية على أفضل وجه من دون التعدي على سيادة الدول الأخرى”. وتابع المعهد: “تُعدّ علاقة مسقط المستمرة مع سوريا خير مثال على ذلك”؛ تُعتبر سلطنة عُمان الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تتخذ تقريباً أي إجراء ديبلوماسي بحق دمشق بعد العام 2011.
فبدلاً من العمل على إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، استخدمت مسقط حياديتها من أجل دفع الأطراف المختلفة باتجاه التوصل إلى تسوية ديبلوماسية في محاولة لوضع حد لسفك الدماء، بحسب “كارنيغي”. والآن، وبعدما انتصر الأسد بشكل أساسي بالحرب، تحاول عُمان إلى جانب روسيا والإمارات لعب دور أكبر في مساعدة سوريا على إعادة الاندماج في كنف الديبلوماسية العربية الأوسع وإعادة إعمار البنى التحتية المدمرة، وفقاً للمعهد.
وفي هذا الصدد، شدّد “كارنيغي” على ضرورة حذر عُمان حيث تتزامن مساعيها هذه مع فرض الولايات المتحدة عقوبات على سوريا. وهنا أوضح المعهد أنّه يتعين على مسقط أن توازن بعناية بين جهودها الرامية إلى كسب نفوذ في سوريا وعلاقاتها القوية مع واشنطن.
وبعد رحيل السلطان قابوس وتولي السلطان هيثم بن طارق آل السعيد الحكم، لم يتغيّر النهج العماني، بحسب المعهد. ففي مطلع تشرين الأول الفائت، تسلّم وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم أوراق اعتماد السفير العماني في سوريا، تركي محمود البوسعيدي، وبذلك أصبحت مسقط الدولة الأولى في مجلس التعاون الخليجي التي تعيد سفيرها إلى دمشق منذ العام 2011.
من جانبها، تعتبر عُمان أنّ هذه الخطوة تساعد على تعزيز قدرتها على لعب دور أكبر كصلة وصل ديبلوماسية ولاعبة إنسانية في سوريا، ونظراً إلى خروج الأسد منتصراً من الحرب، يحاول العمانيون ببراغماتية تحقيق مصالحهم في سوريا انطلاقاً من تقبلهم فكرة أنّ التعاطي مع “النظام” ضروري للتواصل مع سوريا. وفي هذا الصدد، نقل المعهد عن مسؤولين عمانيين قولهم إنّ مسقط تهدف إلى “تحقيق السلام والاستقرار في سوريا وإفساح المجال أمام علاقات مفيدة ومثمرة لجميع الأطراف بشكل مباشرة والمنطقة عموماً، نظراً إلى أنّ “السلام يفيد المنطقة في نهاية المطاف”. كما نقل المعهد عن المسؤولين العمانيين تأكيدهم أنّ السلطنة ستضطلع بدور في إعادة إعمار سوريا إلى جانب المجتمع الدولي.
وفي سياق متصل، سلّط “كارنيغي” الضوء على علاقة مسقط بروسيا وإيران والإمارات، المرحبة بدور عُمان في سوريا، داعياً إلى فهم دعم عُمان المتنامي لسوريا “بشكل جزئي على الأقل” في سياق علاقة مسقط الخاصة بإيران؛ فلطالما اتبعت مسقط سياسة خارجية مستقلة عن السعودية وغيرها من الدول الخليجية إزاء إيران.
في المقابل، حذّر “كارنيغي” من موقف واشنطن، مشيراً إلى أنّ قانون “قيصر” قد يشكّل تحديداً بالنسبة إلى عُمان خلال سعيها إلى المساعدة في أعمال إعادة الإعمار والتنمية في سوريا. وعليه، توقع المعهد أن تتعاطى عُمان بحذر مع سوريا من أجل تفادي انتهاك “قيصر”.
وفي ظل عدم استعداد أغلبية الحكومات الغربية للتعاطي مباشرة مع الأسد ديبلوماسياً أو عبر موسكو أو طهران، يمكن أن تواصل عُمان تنصيب نفسها لاعبةً وسيطة بين سوريا والغرب، بل يمكن لنفوذها المتسع في سوريا أن يجعلها لاعبةً ديبلوماسية ذات أهمية متنامية في مسار إعادة دمج دمشق في العالم العربي والمجتمع الدولي، بحسب ما خلص إليه “كارنيغي”.