مأزق «أوسلو» و«أصل الحكاية»* رجا طلب
النشرة الدولية –
عندما انجز اتفاق اوسلو على الورق وبالسر بين عامي 1993 – 1994 ساد الحالة الفلسطينية وبخاصة حركة فتح الانطباع بأن «الفرج» قد لاح في الافق وأن نهاية النفق المظلم الذي دخلته منظمة التحرير وفصائلها بعد الاحتلال العراقي للكويت والتموضع السياسي الملتبس الذي اتخذته تلك الفصائل بالعموم قد اقتربت.
من رحم هذا الواقع جاءت اتفاقية أوسلو وكانت في نظر بعض القيادات بمثابة طوق نجاة، حيث كانت قناعتهم أن الوصول لاتفاق مباشر مع إسرائيل هو أفضل الطرق واقصرها للوصول إلى الحقوق الفلسطينية، ولم يتوقف المتحمسون لاوسلو ذلك الوقت عند حقيقة أن «أوسلو» هو مجرد اتفاق مبدئي وبإطار زمني محدد وهو ووفق المفهوم السياسي هو اتفاق تكتيكي «اساسه بناء الثقة وأن مثل هذه الثقة لا يمكن أن تبنى بهذه السرعة وبهذا الزمن القياسي ولذلك سرعان ما أخذ هذا الاتفاق الغوص شيئا فشيئا في وحل الفشل والتحول نحو صيغة اخرى لا تمت للاتفاق الأصلي بصلة فتحول بعد عدة سنوات إلى صيغة «التنسيق الأمني والإدارة المدنية» للشعب والأرض في الضفة الغربية وهي صيغة وكما بات يعترف المتحمسون السابقون لاوسلو أنها تخدم الاحتلال الإسرائيلي في إدارة الضفة الغربية وبأقل الكلف المالية والأمنية والعسكرية بل استثمرتها إسرائيل لترويج الكذبة الكبرى التي تقول أن لا وجود لاحتلال إسرائيلي للضفة الغربية ولا لقطاع غزة، وإن الفلسطينيين هم من يديرون ويحكمون أنفسهم بأنفسهم سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
بدا اتفاق اوسلو يتهاوى مع اغتيال اسحاق رابين على يد المتطرف ايجال عامير «عام 1995، وهو الاغتيال الذي مازال لغزا لم يٌكشف عن تفاصيله وخلفيته إلى اللحظة وهو أول اغتيال من نوعه في تاريخ دولة الاحتلال (اغتيال لرئيس وزراء أو مسؤول كبير وعلى يد يهودي)، وباغتيال اسحاق رابين الذي جنح في سنوات عمره الأخيرة وبعد فشله كوزير للدفاع في اخماد الانتفاضة الفلسطينية الاولى عام 1987 إلى خيار السلام وتكرست لديه القناعة بأن لا حل مع الشعب الفلسطيني الا باعطائه حقوقه، وبهذا الاغتيال فقد اوسلو عموده الفقري وبانتخاب نتانياهو رئيسا للوزراء عام 1996 بدا المشروع المضاد ليس لاوسلو فحسب بل لمجمل فكرة السلام القائمة وقتذاك على مبدا الارض مقابل السلام.
وبدلا من أن تتحول عملية اغتيال رابين إلى نقطة تحول داخل المجتمع الاسرائيلي لجهة تقوية معسكر السلام واضعاف المعسكر اليميني المتطرف جاءت المفاجاة التى لم يتوقعها الكثيرون ألا وهي زيادة اتساع المعسكر اليميني وبدء انهيار معسكر السلام والذي مازال الى اليوم منهارا، فيما تكرس نتانياهو كزعيم لليمين وما زال يحافظ على مكانته كرئيس للوزراء على مدى اكثر من عقد من الزمن.
نقلاً عن “الرأي” الأردنية