3 إصدارات لافتة لكتّاب لبنانيين بالفرنسية
النشرة الدولية –
نداء الوطن – ميشال زيدان –
يزخر العام 2020 بالإبداعات الأدبية لكتّاب لبنانيين باللغة الفرنسية. وقد صدر خلال العام المذكور عددٌ لا يستهان به من الاصدارات التي تستحق القراءة فعلاً نذكر منها: رواية “العشب السيئ” لديما العبد الله ورواية “سنواتنا الطويلة نحن الفتيات” لهيام يارد و “ضيف آل مديسيس” لكارول داغر. هنا 3 كتب اخترناها لكم.
شريف مجدلاني : مذكرات انهيار
لا شك في انّ ما يميز شريف مجدلاني عن سائر المؤلفين «الفرانكوفونيين» انه يكتب من بيروت وانطلاقاً من الواقع اللبناني وخصوصيته. نال كتابه «لبنان 2020 : يوميات انهيار» الجائزة الخاصة للجنة التحكيم ضمن مسابقة فيمينا Femina العريقة. ومجدلاني متعدد النشاطات على الساحة الثقافية ولذا يستقطب اهتمام المجلات الادبية والإذاعات والتلفزيون وخصوصاً في البلدان الناطقة بالفرنسية وله كذلك عدّة مداخلات ومشاركات حول مسائل تتجاوز القضايا اللبنانية لتطاول شؤوناً إنسانية واجتماعية كجائحة كورونا وانعكاساتها وتحوّلات العالم .قبل انفجار 4 آب، كان مجدلاني متقدماً في كتابة مؤلف يريده شهادة على الأزمة التي يعيشها لبنان منذ خريف 2019، محاولاً ربط الظروف ورسم تطورها على امتداد ثلاثين عاماً ثم جاء انفجار بيروت ليصبح نقطة انطلاق جديدة تصل الماضي بالحاضر. جمع المؤلف التحليل الذاتي بسرد حوادث وحكايات صغيرة عاشها وأخرى حدثت حوله عقب الإنفجار. ويتركز تحليله حول الفساد الذي فجـّر بيروت، فجاء العنوان «يوميات انهيار».
ألكسندر نجار: التاج اللعين
يعتبر ألكسندر نجّار أوّل أديب يتطرّق إلى مسألة كورونا، فقد أصدر كتابه “التاج اللعين” في تمّوز 2020 ويتناول الفيروس في بداياته وتأثيره القويّ والمفاجئ في ثمانية بلدان من العالم إبتداءً من الصّين وانتهاء بالولايات المتحدة، مروراً باليابان وفرنسا وإيطاليا ولبنان وإيران وإسبانيا. تتخذ الرّواية شكل رسالة أو كتاب موجّه إلى صديق من الرّاوي “غودانز” الذي يسافر بمخيّلته في أرجاء العالم متعقباً الوباء حيثما حلّ. ولكنّه يخترع في كلّ مرّة شخصيّة تروي وتحلّل الأحداث على طريقتها.
يقسم المؤلف الرّواية إلى فصول بحسب البلدان حيث تتّخذ كلّ شخصيّة موقفاً خاصاً ومهنة محدّدة. الرّاوي إذاً طبيب في الصّين وإيران وإسبانيا. ومن براعة نجّار وحسّه الصّحافي والأدبي أن جعل نوع الكتابة يتأرجح بين نوعين على الأقل ويتنقّل بين عدّة أجواء روائية وفقاً لطبيعة البلد وواقعه السّياسي والإجتماعي ومدى إنتشار الوباء فيه وحدّته. ففي ووهان كان الرّفض وعدم التّصديق الموقف المهيمن وتضمّن النّص عدّة حوارات حاول فيها الطّبيب بصعوبة إقناع السلطات التي تنتمي إلى نظام سياسي صارم. أمّا في باريس فالرّاوي – الشخصيّة امرأة عاديّة تعبّر عما تعرّضت له في حياتها اليوميّة من جراء الوباء. في النّص الإيطالي يسيطر جوّ الهلع والمعاناة من الحجر الطّويل، حيث يتبع الرّاوي أعداد الموتى والمصابين وتطوّر المرض، أما في الولايات المتحدة فهو صحافي في قسم الصّحة له علاقات مع أصحاب القرار. من الطبيعي إذاً أن تطرح فرضيّة المؤامرة التي سوّق لها ترامب والأرجح أن تأتي من الصّين. أما الشّخصيّة الأكثر غرابة فهي الرّاوي اللّبناني وهو كاهن يسوعي ثائر ويغرق النص في جو نقاش وسجال فكري وديني.
ياسمين خلاط: ذلك الحب
كانت اللبنانيّة التي نشأت في مصر، قد أصدرت عام 2019 رواية حازت أصداءً إيجابية في فرنسا بعنوان «مصر 56». لكنها في 2020 تألقت من خلال روايتها «هذا الحب» إذ حازت «جائزة الأدب» في مسابقة l’Antre guillemets . تدور الرواية حول مكالمة هاتفيّة بين إيرين (50 سنة) – وهي لبنانيّة فرنسيّة – ومعالج نفسي أثار إعجابها في مقابلة تلفزيونية. إنها تعاني الهوس النفسي الذي «حجرَها» في البيت لخوفها الخروج وملاقاة النّاس. «رهابها» في البيت هو الخوف من الماء وخصوصاً الحنفيّات.
أخذ المعالج يهتم بهذه الحالة شيئاً فشيئاً باعتبارها حالة خاصة جداً. تشكّل إعترافات «إيرين» القسم الرّئيس من الرّواية المتميّزة ببعدها النّفسي الذي يجعلها تكتشف أنّ العقدة الأساسيّة ليست إلا مقتل أخيها خلال الحرب اللبنانيّة ما يجعلها تشفى تقريباً من مرضها. ذروة الحبكة حين تتعلّق «إيرين» بمعالجها النّفسي فتغرم به قبل ان تتبيّن أنّه إسرائيلي، فتدْخل بطلة الرواية في صراع داخلي عميق خصوصاً أنّ أحد أصدقائها اللبنانيّين نصحها بقطع العلاقة مع المعالج.
تتميّز الرّواية بشكل الحوار الدّاخلي بينها وبين نفسها ما يلقي أضواء على ما يؤدي إليه الحجر من معاناة نفسيّة كتلك التي عاشها النّاس بسبب كورونا والتي أدّت الى حالات انهيار عصبي وغيره من الأمراض النفسية عالمياً.