تعالوا نتحاسب* أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

مضت 2020، ولا أريد هنا أن أخوض بالتجربة التي عاشها العالم، فكلنا عانى بشكل ما، ولكن لنتحاسب، فالسنة الماضية كشفتنا، فإلى جانب انها أظهرت لدينا طاقات ومهارات شابة جميلة نفخر بها فإنها عرّت جوانب عديدة لدينا، وبالكويتي «ورتنا خمالنا» الذي سأسعى أن أضع بعضاً منه هنا.

فغالباً أدعو الشباب والشابات إلى محاسبة الذات بنهاية كل عام، والاستفادة من الأخطاء وتحويلها إلى نقاط تصحيح، وليتنا نستطيع أن نبدأ بتجربة حساب ذاتي حكومية، لتصحيح المسار.

عام كورونا الذي مضى كان أزمة عالمية، ونحن أمام طريقين، إما أن نكرر سيناريو الغزو وتمر الأزمة بلا درس، أو نسير على مثل «كل طراق بتعلومة» ونتعظ.

فأولاً اكتشفنا خلال «كورونا» أن أمننا الغذائي «يرقل»، فمهما حاولنا حجب الحقيقة لن نستطيع، وعشنا خوفاً من أن تنقص موادنا الغذائية إثر الإغلاق، الأمر الذي يستوجب معه أن نراجع أنفسنا، لماذا لا نملك خطط أمن غذائي؟ ولماذا لدينا كل هذه المزارع الموزعة ولا نملك اكتفاءً ذاتياً في بعض الأصناف على الأقل؟

أيضاً كشفت «كورونا» أننا نعاني من نقص الكادر الطبي، فلجأنا إلى كوبا وباكستان وغيرهما مشكورين طبعاً، بالرغم من أن لدينا شريحة شابة كبيرة، من الطلبة المتميزين بمدارسهم، فلماذا لا نوجههم للتخصصات الطبية المختلفة، وعلى رأسها التمريض؟ ولماذا بعد مضي نحو أكثر من 50 عاماً على افتتاح تعليمنا الجامعي لا نملك سوى كلية طب واحدة بالكاد تستقبل 150 طالباً سنوياً؟ ويقاس على ذلك نقصنا في تخصصات أخرى، نتمنى أن نضعها في عين الاعتبار في خططنا المستقبلية.

ولمسنا ضعفاً في بنيتنا التقنية، تعليمنا توقف 7 أشهر على عكس جيراننا، رغم أننا نحن من بدأ فكرة التعليم الإلكتروني بالمنطقة وخططنا له، ولكن عند الحاجة تعذّر علينا أن نستمر في تعليم أبنائنا، إضافة إلى ذلك اقتصرت رقمنة خدماتنا على أخذ موعد إلكتروني، بينما العالم يسبقنا بسنوات في هذا الجانب.

افتقدنا خطط الطوارئ ووجود إدارة أزمات، وكأننا كنا «نايمين بالعسل»، ونعتقد أن الزمن يمضي دوماً برخاء، فعشنا تحت خوف أزمة اقتصادية، بعد أن انخفض الطلب على سلعتنا الوحيدة التي ترعى نفقاتنا (النفط) ذات السعر المتذبذب أصلاً، ويجب أن نعي أن الوقت قد حان لننوع مصادر دخلنا حتى لا نبقى تحت رحمة العرض والطلب على النفط.

اكتشفنا سوء نظام سوق العمل، بكل ما حمله من فساد في تجارة البشر والإقامات الذي طفح مع الأزمة، وكشف لنا الحاجة لتعديل تركيبتنا السكانية ووضع حد لأنظمة سهلت على تجار الإقامات إشباع جشعهم، فالوقت حان لنجد بديلاً لنظام الكفيل.

رأينا فظاعة البنية التحتية لمناطقنا، رأينا مناظر لا تليق بالكويت الغنية في الجليب وغيرها، لنتأكد أننا أحوج ما يكون إلى نفضة شاملة لهذه المناطق.

اكتشفنا أن طرقنا المهترئة حتى في وقت الحظر الكلي لم تصلح، فالعيب والخلل فينا وليس في الظروف، عرفنا أننا نغرق «بشبر ماي» من دون أن نملك طوق نجاة.

وأهم من كل ذلك، عرفنا أن أنظمة مكافحة الفساد لدينا مازالت بحاجة إلى تفعيل، فكأننا كنا نغط في سبات عميق حتى تمكن فساد غسل الأموال منا، ونحتاج أن نصحو قبل أن يدمرنا اقتصادياً ودولياً.

نقاط ضعفنا كانت كثيرة، ولكن في المقابل نقاط قوتنا أيضاً كانت حاضرة، وعلى رأسها ثروتنا البشرية بشبابنا، وكل ما نحتاجه الرغبة في تصحيح المسار واعتبار 2020 عام درس، وسنة حساب ولنتفاءل ببداية صحيحة، وكل عام وأنتم بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى