التحرّش الجنسي جريمة في لبنان.. ولّى زمن الإفلات من العقاب
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
على رغم الإخفاقات التي طبعت العام 2020 في الجغرافيا اللبنانية، إلّا أنّ البرلمان اللبناني ودّع اللبنانيين في جلسته الأخيرة بخطوة تشريعيّة متقدّمة في مجال حقوق الإنسان، بإقراره قانون تجريم التحرّش الجنسي خصوصًا في أماكن العمل. ومع القانون الجديد بات هناك رادع قانوني يُنزل بالمعتدين عقوبة تتراوح بين الحبس والغرامة المادية والطرد من العمل.
إقرار القانون قوبل بالترحيب من جمعيات تعنى بحقوق المرأة ومن جهات دولية وأممية، أبرزها من المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي رأى في القانون “خطوة باتجاه تمكين المرأة وحقوق الإنسان.. والتطبيق هو المفتاح”. بالمقابل أشار مراقبون حقوقيون إلى ثغرات تعتري القانون، منها أنّ الوسيلة الوحيدة للضحية هي اللجوء إلى القضاء الجزائي وما يفرضه ذلك من علانية، معتبرين ذلك يمثّل عائقًا كبيرًا أمام الضحايا وليس تحفيزًا لهم لرفع شكاوى.
المحامية دانيال حويّك من منظمة “أبعاد” قاربت الخطوة التشريعية بإيجابية، وفي حديث لـ”لبنان 24″ اعتبرت أنّ القانون جيد، خصوصًا أنّه منح الحماية ليس فقط للضحية بل للشهود أيضًا، ولم يقتصر على الملاحقة الجزائية بل تعداها إلى التأديبيّة، بحيث يمكن أن تصل العقوبة إلى الصرف من الخدمة من دون أيّ تعويض.
حول وجود ثغرات في القانون قالت حويّك ” نحن ننظر إلى النصف الممتلىء من الكوب، علينا أن ننتظر تطبيق القانون، وإذا تبين وجود ثغرات نطالب بتصويبها ونعمل على إدخال تعديلات، إذ ليس هناك من قانون كامل يصلح لكلّ زمان ومكان. بدليل ما قيل حول قانون 293 المتعلّق بحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، بأنّه أُفرغ من مضمونه، ليتبين بعد التطبيق أنّ القانون جيد، وقد تمّ تكريم القضاة الذين طبّقوه، صحيح أنّه بقي هناك تعديلات ولكن هذا أمر طبيعي، فالعملية التشريعية مستمرة وليست مقفلة”.
أضافت حويّك “الإيجابية التي نريد إظهارها، أنّه بعد إقرار القانون لم يعد من مجال لتحرّش أو اعتداء جنسي يطال أيّ إنسان، من الإناث والذكور أو الأحداث في أماكن العمل من دون عقاب، بما يصون الكرامة الإنسانية للضحايا، ويكرّس حقّهم بحبس المعتدي أو بالتعويض، بحسب نوع العقوبة التي تختلف وفق القانون وتتراوح بين شهر وأربع سنوات. القانون الذي أُقرّ يقدّم حماية للنساء، ونحن نؤيد تعريفه الفضفاض والشامل، ونعوّل على اجتهاد القضاة في بعض الأمور بما يؤمّن الحماية”.
بنظر حويّك مجرد وجود قانون يعاقب على التحرّش الجنسي من شأنه أن يشكّل رادعًا “إذ ليس هناك من أمن عسكري إلّا في الدول العسكرية، الأمن أمن سياسي، والناس تخاف وترتدع عندما تعرف أنّ هناك قانونًا يعاقبها”.
القانون لم يحصر تحرّك القضاء في الإدّعاء الشخصي بحالات محدّدة “إذا وقع تحرّش على حدث قاصر أو من ذوي الإحتياجات الخاصة، هذه الفئات ليس لزامًا أن تقدّم شكوى، والقانون يتيح أن تتحرّك الدعوة من دون إدّعاء شخصي، لأنّهم من الفئات التي تحتاج لحماية زائدة. من ناحية ثانية شمل القانون الجرائم الإلكترونية أو ما يعرف بالتحرّش إلكترونيًا، وبعد اليوم لن يكون مسموحًا أيّ إعتداء، والمعتدي سينال عقابه”.
بأي حال قانون تجريم التحرش خصوصًا في أماكن العمل لا يتطلب مراسيم تطبيقية، وتبقى العبرة في تطبيقه.