“إيران ليست فائزة”.. هذا ما تخبئه المصالحة الخليجية للمنطقة
النشرة الدولية –
ترجمة “لبنان 24” –
تحت عنوان “الجغرافيا السياسية وراء المصالحة السعودية – القطرية”، نشرت قناة “TRT” التركية قراءة لجورجيو كافييرو، الرئيس التنفيذي لشركة Gulf State Analytics الاستشارية، تناول فيها خلفيات المصالحة الخليجية وأبعادها.
وفي تحليله، رأى كافييرو أنّ الاتفاق السعودي – القطري يمثّل علامة فارقة بالنسبة إلى المسؤولين الكويتيين “الذين عملوا بجد” من أجل تقريب طرفيْ الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي وقطر باتجاه التوصل إلى تسوية. وأضاف: “بالنسبة إلى سلطنة عمان، التي التزمت الحياد مثل الكويت في النزاع الخليجي، فيُعتبر هذا الاختراق إيجابياً نظراً إلى أنّ مسقط تدعم بشدة الجهود الرامية إلى تهدئة التوترات الإقليمية وإيجاد حلول ديبلوماسية للنزاعات والخلافات في الشرق الأوسط”.
في ما يتعلق بالولايات المتحدة الأميركية، أكّد كافييرو أنّها لعبت دوراً حاسماً، مستدركاً بأنّ الرياض تريد إظهار بعضاً من حسن النية إزاء الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، بعدما أثّرت مجموعة من القضايا على صورة السعودية في نظر عدد كبير من المشرّعين الديمقراطيين في واشنطن.
كافييرو الذي قال إنّ تهدئة التورات السعودية-القطرية لن تحل الأزمة الخليجية بشكل كامل، “بل لن تعالج جذور الأزمة”، رأى أنّ هذا التطور ينعكس إيجاباً على “الاستقرار الإقليمي”. وعليه، نقل كافييرو عن الباحثة في المجلس الأطلسي، باربرا سلافين تشكيكها في إمكانية حصول تعزيز مفاجئ للتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرةً إلى أنّ الدول الأعضاء “فشلت حتى في جعل جيوشها متوافقة على مدى الأعوام الأربعين الماضية، كما أنّها تمتلك مصالح وعلاقات متباينة مع القوى الخارجية”.
على صعيد قطر، اعتبر كافييرو أنّ هذه الخطوة تمنح المسؤولين في الدوحة سبباً وجيهاً للشعور بالثقة إزاء قرارهم الصمود خلال الأعوام الثلاثة والنصف الماضية.
وعلى مستوى تركيا التي وقفت إلى جانب قطر، وصف كافييرو نبأ المصالحة بـ”الإيجابي” بالنسبة إلى أنقرة. وعلّق كافييرو: “وعلى الرغم من سعي تركيا إلى تحسين العلاقات مع السعودية، قوّضت الأزمة الخليجية احتمالات حصول تقارب بين أنقرة والرياض. ولكن مع سلوك العلاقات السعودية-القطرية مساراً إيجابياً، تستطيع تركيا بناء علاقة أقوى مع الرياض من دون تقويض التحالف التركي-القطري”.
وبعدما أتاحت الأزمة الخليجية لإيران الفرصة لرفع مستوى شراكتها مع قطر لتبلغ مستويات جديدة، تناول كافييرو تأثير المصالحة على طهران كاتباً: “على عكس تركيا، ليست إيران بفائزة”. وفي حين أكّد كافييرو أنّ سياسة إيران الخارجية سعت إلى استغلال الانقسامات بين دول مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه قبل 40 عاماً تقريباً، أوضح أنّ الأزمة لم تترك أمام الدوحة سوى خيار الالتفات للموانئ والمجال والجوي والبنى التحتية الإيرانية. وانطلاقاً من التقارب الإيراني-القطري الكبير، علّق كافييرو بالقول إنّ إيران تدرك أنّ “القطريين لا يوشكون على الانضمام إلى تحالف عربي مناوئ لإيران، لأنّ الدوحة لن تثق بالرياض في المستقبل المنظور، على الرغم من اتفاق هذا الشهر”، على حدّ تعبيره.
على مستوى الإمارات، اعتبر كافييرو أنّها “الأقل سعادة”، مبيناً أنّ التباين الإماراتي-القطري يرتبط إلى حدّ كبير بخلافات أيديولوجية لجهة الإسلام السياسي. بدوره، علّق الخبير سامويل راماني قائلاً: “يصعب علي أن أتوقع تغييراً كبيراً في سياسة الإمارات إزاء قطر بعد قمة دول مجلس التعاون”. وأضاف: “فبعيداً عن الخلاف الفكري، تقف خصوماتهما المتقاطعة في المغرب العربي وشمال أفريقيا والعلاقة القطرية-التركية بمثابة عقبات”.
أما بالنسبة إلى انعكاس المصالحة على العلاقات السعودية-التركية، فلم يستبعد كافييرو حصول تحسن، خالصاً إلى القول: “من المؤكد أنّه في حال نأى السعوديون بأنفسهم فعلاً عن تحالف الإمارات ضد أنقرة، وحسنوا علاقاتهم مع قطر وتركيا، فستُسجل تداعيات كبيرة على مستوى مجموعة من النزاعات انطلاقاً من ليبيا مروراً بالمشرق ووصولاً إلى القرن الأفريقي”.