“توتال” توضح مصير التنقيب عن الغاز اللبناني
النشرة الدولية –
المدن – عزة الحاج حسن –
بعد تأخر شركة توتال (المشغّلة لائتلاف الشركات المكوّن من توتال وإني ونوفاتك) باستكمال نشاطها البترولي في لبنان على مدى أشهر، كثرت التفسيرات والتأويلات لأسباب تعليق الشركة نشاطها في المياه اللبنانية، وسط تزايد المخاوف من أن تكون توتال قد تعرّضت لضغوط دولية وربما إسرائيلية، أثنتها عن عمليات استكشاف الغاز في لبنان.
قد تصح تلك التحليلات، ربطاً بملف المفاوضات على ترسيم الحدود بين لبنان والأراضي المحتلة، وبالنظر إلى تعقيدات الوضعين الإقليمي والدوليز لكن بمعزل عن الجانب السياسي، لا تزال شركة توتال حتى اللحظة مهتمة بالاستمرار في العمل في لبنان، وللتأخير الحاصل أسبابه التقنية وظروفه.
توتال باقية
أكد ائتلاف الشركات توتال وإني ونوفاتك مواصلة نشاطه البترولي في لبنان تحت قيادة المشغل شركة توتال، لاسيما أنه بفعل تطبيق القانون 2020/160 المعدّل (تعليق المهل) مُدِّدت فترة الإستكشاف الأولى في كل من الرقعتين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية إلى 13 آب من العام 2022.
تأكيدات الشركة الفرنسية نقلها وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، ريمون غجر، الذي جزم أيضاً قيام ائتلاف الشركات بتقديم برنامجي العمل والموازنة للرقعتين 4 و9 للعام 2021، واللذين يتضمنان القيام بدراسات وتحليل بيانات لاستكمال الأنشطة في الرقعة رقم 4 التي تمّ حفر بئر استكشافية فيها، إنفاذاً للموجب الذي تنص عليه اتفاقية الاستكشاف والإنتاج، ولحفر البئر الاستكشافية الأولى في الرقعة رقم 9 التي يتوجب على الإئتلاف حفرها قبل نهاية مدة الإستكشاف الأولى. وإذ أشار غجر إلى ان انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي ألحق أضراراً بالقاعدة اللوجستية المخصّصة لتنفيذ الأنشطة البترولية في المياه البحرية اللبنانية، أكد أن وزراة الطاقة والمياه وهيئة ادارة قطاع البترول تتابع مع الإئتلاف تنفيذ برنامجي العمل للرقعتين.
فماذا يعني ذلك؟ وهل ستستأنف الشركة العمل في البلوك رقم 4، بعد ثبوت عدم وجود كميات وافرة من الغاز في البئر الإستكشافية الأولى فيه؟
أسباب تقنية
منذ أشهر ونحن ننتظر صدور بيان أو تفسير رسمي من الحكومة أو وزارة الطاقة لتوضيح مصير العمل في البلوك رقم 9 وحسم ما إذا كانت الشركة مستمرة بالعمل في لبنان أم أن هناك متغيرات، تقول مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان في حديثها إلى “المدن”، معربة عن تفاؤلها بما صدر عن شركة توتال مؤخراً، خصوصاً لجهة استمرار العمل بالبلوك رقم 4.
ترى هايتايان أن من الطبيعي أن تتأخر الشركة في عمليات الإستكشاف وأن تؤجلها. لكن يبقى الأهم أنها لم تتوقف عن العمل في لبنان ولم تلغ المشروع “ومن العوامل الرئيسية التي أخّرت عمليات الإستكشاف وفق الجدول الزمني المحدّد، أمرين: الأول أن supply base الخاص بشركة توتال كان في مرفأ بيروت وقد تدمّر بالكامل. أما الأمر الثاني فيتمثل بالعوامل الخارجية كانهيار أسعار النفط عالمياً وانتشار فيروس covid 19 الذي أثر على قرارات شركات النفط في كل دول العالم، ودفعها إلى تحديد المشاريع ذات الأولوية والتي كانت قد باشرت فيها، أضف إلى الانهيار الحاصل في لبنان، والذي يستدعي من أي مستثمر إعادة النظر بمشاريعه”.
كل تلك العوامل جعلت من احتمال استمرار توتال بالتنقيب عن الغاز والنفط في المياه اللبنانية ضئيلاً جداً. وكان من المتوقع أن تلغي أو تؤجل المشروع. أما وأنها أعلنت الاستمرار بالعمل في لبنان مع تأجيل المواعيد، فهو أمر إيجابي جداً، تقول هايتايان. فهي لم تلغ المشروع الذي باشرت العمل عليه ولا تزال متمسكة بالعمل في لبنان.
أما في ما خص تمديد العمل حتى العام 2022 فهو أمر طبيعي، على غرار العديد من الدول كقبرص مثلاً، وليس فقط في لبنان. ويبقى الأمر -وفق هايتايان- أن قرار توتال ينسف فرضية خروج الشركات من لبنان وتعرضها لضغوط خارجية.
بين السياسي والتقني
إذاً، هذا العام لا عمل في المياه اللبنانية على التنقيب عن الغاز، وعمليات الاستكشاف أرجئت إلى العام 2022. لكن الأمر اللافت جداً هو استمرار اهتمام شركة توتال بالبلوك رقم 4 الذي تم حفر بئر فيه، وتبين أنه لا يحتوي كميات وافرة من الغاز. لكن اليوم تبدي الشركة اهتماماً به، ولم يُحدّد السبب. فربما لمزيد من الدراسات أو الحفر أو أي أمر آخر. لكن الأهم أن البلوك 4 لم يتم التخلي عنه والعمل فيه مستمر.
ومن غير المُستبعد أن تطلب شركة توتال في العام 2022 تمديد مهلة الاستكشاف أكثر. فذلك يبقى رهن التطورات المحلية والعالمية. ومن المطمئن أن توتال لم تعلن يوماً أنها لن تستمر بالاستكشاف حتى ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل. لكن تبقى المخاوف قائمة من تقدّم الملفات السياسية على تلك التقنية في رحلة لبنان لاستكشاف الغاز والنفط.