فرانس برس: السعودية تسرِّع محاكمات النشطاء… بينهم طبيب أمريكي بارز

النشرة الدولية –

سرّعت المملكة العربية السعودية محاكمات من تصفهم بالمنشقين، بمن فيهم طبيب سعودي أميركي بارز، خشية أن يتحول هؤلاء إلى أدوات مساومة في مواجهة مبكرة محتملة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن القادمة.

وتعهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، الذي سيتولى السلطة رسميا بعد أسبوعين بإعادة تقييم الروابط مع السعودية على خلفية سجلّها في مجال حقوق الإنسان.

وكانت إدارة دونالد ترامب تغض النظر إلى حدّ بعيد عن كل ما تعتبره المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان انتهاكات في المملكة.

ومن المحتمل أن تضع المحاكمات، بعد حملة قمع منذ سنوات ضد المعارضين، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في مسار تصادمي مع بايدن الذي تعهد أيضًا بتعليق مبيعات الأسلحة الأميركية للمملكة بسبب حربها المستمرة منذ خمس سنوات في اليمن.

وبعد الحكم الصادر مؤخرا على الناشطة لجين الهذلول بالسجن لقرابة ست سنوات، مع وقف تنفيذ يجعل إطلاق سراحها مطلع العام 2021 احتمالا واردا، كما يواجه الطبيب وليد فتيحي، خريج جامعة هارفرد، احتمال إعادة سجنه بعد فترة طويلة من التوقيف قبل المحاكمة.

وصدر الشهر الماضي حكم بحق فتيحي، وهو مؤسس مستشفى بارز في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر ومتحدث مقنع، بالسجن لمدة ستة أعوام. ولا يزال فتيحي (56 عاما) طليقا في انتظار نتيجة استئناف تقدم به للمحكمة هذا الأسبوع.

وأُطلق سراح فتيحي الذي يتابعه على تويتر نحو مليوني حساب، عام 2019 بعد ما يقارب عامين من الاحتجاز، أولاً في فندق ريتز كارلتون بالرياض في إطار ما عرف بحملة مكافحة الفساد، ولاحقًا في سجن الحائر قرب الرياض.

وقال نشطاء ومقربون من عائلة فتيحي لوكالة فرانس برس، إنه تعرض للتعذيب، بما في ذلك الصعق بالكهرباء. وقال مشرعون أميركيون إن اعتقاله ذو دوافع سياسية.

وبعد إدانته بتهم بينها حصوله على الجنسية الأميركية دون إذن رسمي والتغريد لدعم انتفاضات الربيع العربي 2011، وقال مصدر مقرب من عائلته إن السعودية قد تستخدم مثل هذه القضايا “كأداة تفاوضية” لتلطيف موقف بايدن.

وأضاف المصدر أنه من خلال مثل هذه المحاكمات السياسية “تقول السعودية لبايدن: تعال لنتفاوض”.

خطوط حمراء جديدة

وهناك سجينان سعوديان أميركيان آخران قيد المحاكمة، في قضيتين منفصلتين، الأول هو صلاح الحيدر نجل ناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة، والثاني كاتب وطبيب يدعى بدر الإبراهيم.

ولم تعلق السلطات السعودية رسميًا حتى اللحظة على اعتقالهما أو التهم الموجهة لكل منهما.

وأنهت المملكة الثلاثاء، أكثر من ثلاث سنوات من الحصار المفروض على جارتها قطر، لكنها تمضي قدما في محاكمة الشيخ سلمان العودة، رجل الدين البارز الذي اعتقل عام 2017، أمام محكمة متخصصة بمكافحة الإرهاب بعد أن دعا إلى المصالحة الخليجية في تغريدة على “تويتر”.

وإلى جانب عشرات المحتجزين من النشطاء وأفراد العائلة المالكة، توجه السعودية أيضا تهما تتعلق بالفساد لولي العهد السابق المخلوع محمد بن نايف، حليف وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية منذ وقت طويل، والمحتجز منذ مارس.

وقالت لجنة تقصي حقائق برلمانية بريطانية الشهر الماضي، إن السلطات السعودية هددت بإعادته إلى الحبس الانفرادي رغم وضعه الصحي الهش، إذا لم “يفرج عن أموال” تتعلق بادعاءات غير مثبتة، واصفة هذا التكتيك بأنه “ابتزاز”.

وتقول كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن، لوكالة فرانس برس: “من المدهش رؤية الأمير محمد بن سلمان يضاعف الرهان على هذه القضايا المحلية”.

وتضيف “قد يكون يعتمد تشددا أكبر، وعينه على المفاوضات مع بايدن. أو ربما يضع خطوطا حمراء جديدة: الشؤون السعودية الداخلية خارج حدود” اللعبة.

ويقول مصدر مقرّب من مسؤولين في المملكة إن حكام السعودية “مصممون على رفض الضغط عليهم بشأن هذه القضية، لذلك لا أرى مجالاً للمساومة هنا”. ويضيف لوكالة فرانس برس أن تسريع المحاكمات الآن هدفه ببساطة “إغلاق الملفات”.

ويقول الخبير في شؤون الخليج المقيم في واشنطن حسين إيبش “لست متأكدًا من أن السعوديين يفهمون تمامًا عمق المشكلة التي سيواجهونها مع إدارة بايدن الجديدة”.

ويضيف “السعوديون يتخذون هذا الموقف العدائي تجاه السجناء السياسيين الداخليين مع علمهم أن هذه نقطة حساسة مع الديموقراطيين الأميركيين”.

في غضون ذلك، لا يزال فتيحي في ترقب بعد أن استأنف الحكم الذي وصفته وزارة الخارجية الأمريكية بأنه “مخيب للآمال”.

وتم تجميد أصوله الشخصية، ما أجبره على مراكمة ضرائب وعقوبات أميركية منذ عام 2017. وتظهر رسالة من محامي ضرائب أمريكي اطلعت عليها وكالة فرانس برس وموجهة إلى فتيحي، أن هذا الأخير مدين الآن ب10.9 مليون دولار.

ومنعت زوجته وأبناؤه الستة، وجميعهم مواطنون أميركيون، من السفر خارج المملكة.

ورفض فتيحي إجراء مقابلة مع وكالة فرانس برس. إذ سبق أن اتُهم بعض السجناء السياسيين في السعودية بالاتصال بوسائل إعلام عالمية، رغم أنه لا يزال من غير الواضح سبب اعتبار ذلك جريمة.

ويداوم الطبيب المعروف بأنه ينمق كلامه باقتباسات من باولو كويلو وفيودور دوستويفسكي، في المركز الطبي الدولي المترامي الأطراف في جدة.

ويتركز عمله في المستشفى الآن على خط المواجهة الأول في مكافحة جائحة كوفيد-19، وهو متحدث قادر على تحفيز من يستمع إليه وصار اسمه معروفا في المملكة بعد مداخلاته التلفزيونية الكثيرة.

وقال المصدر المقرب من عائلته إن “المحققين كانوا يسألونه باستمرار لماذا لديك الكثير من المتابعين؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى