فيل ترمب وغزوة الكابيتول!* رجا طلب

النشرة الدولية –

يبدو ان دونالد ترمب مُصر على كسر كل القواعد والتقاليد والقيم التي لها علاقة بمنصب الرئيس الأميركي ومكانته وبالديمقراطية الأميركية التي يصل عمرها إلى أربعة قرون، وهو بحالته التي تشبه حال فيل ضخم يهز خرطومه في محل للخزف، يرسم لنفسه صورة فريدة وغير مسبوقة في التاريخ الأميركي على الأقل.

دونالد ترمب بحالته هذه نجح وقسراً بحجز مساحة واسعة في ذاكرة كل منا ليس من السهل نسيانه ولربما هذا هو النجاح الوحيد الذي حققه خلال السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض رئيساً للأمة الأميركية.

دونالد ترمب رئيس من خارج «النخبة» بل وخارج المجتمع الحاكم في أميركا الذي يضم رجال المال والسياسة والعلم معا الذين يتولون رسم المفاصل الدقيقة للحياة العامة في أميركا وفي المناحي كافة، ما جمع ترمب مع المجتمع الحاكم في أميركا هو عامل واحد ووحيد أنه المال فقط، ولكن في أميركا والتي يوجد بها أغنى رجال العالم وأكثرهم ثراء لا يكفى أن تكون مليارديراً لتكون رئيساً، عليك أن تخلق لنفسك مصدراً أو مصادر قوة خفية وعلنية لتكون سنداً لك، وفي حالة ترمب الذي لم يكن في يوم من الأيام يعمل بالسياسة أو سياسياً وجدت الجماعات الإنجيلية المتصهينة والجماعات اليمينية المتطرفة مشروعهم المضاد للديمقراطية والحرية بل وحقوق الإنسان في شخصه، وبحكم خلفيته الضحلة في كل ما سبق وبحكم انغلاقه الفكري وسلوكه المجتمعي المائل للعنف تقبل وبسهولة بالغة الأفكار الخرافية التي يؤمن بها الإنجيليون التي تتحدث عن ضرورة دعم إسرائيل واعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال وهدم المسجد الأقصى لبناء هيكل سليمان مكانه لتسريع عودة السيد المسيح وإقامة العدل بين الناس، كما تقبل أيضا ودون أي رد فعل نقدي أفكار العنصريين البيض الذين اعتبروا أن الأمة الأميركية هي أمة البيض فقط وأن الملونين من مختلف الأعراق هم في درجة أقل مرتبة داخل المجتمع الأميركي، وأنهم وجدوا فقط ليكونوا خداما وهي عقيدة ورثها العنصريون أصحاب البشرة البيضاء من مؤسسي أميركا واقصد الـ (كاوبوي) الذين قاموا بافظع عملين إجراميين في التاريخ البشري وهما: الأول إبادة الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين بعد غزوهم لأميركا الشمالية، ِوالثاني: هو «استعباد» أصحاب البشرة السوداء بعد صيدهم في أدغال أفريقيا وأخذهم عبيداً للقارة الجديدة ليعملوا خدماً بالسخرة وليكونوا بديلاً للحيوانات حسب ثقافة ذلك العصر.

وإذا تابعنا سياسات ترمب داخلياً سنجدها تنطلق من منطلقات عنصرية بحتة، وأما سياسته الخارجية فقد تمحورت بصورة جلية في خدمة مصلحة دولة الاحتلال الإسرائيلي وتقويتها ودعم مخططاتها.

هزيمة ترمب لن تضعف الاستقطاب داخل المجتمع الأميركي بل ستضاعفه لغياب العدالة داخله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى